دمشق
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم الأربعاء، إن “السوريين الفارين من العنف في لبنان يواجهون خطر القمع والاضطهاد على يد الحكومة السورية”.
وأضافت المنظمة في تقرير: “يواجه السوريون الفارون من لبنان خاصةً الرجال، خطر الاعتقال التعسفي والانتهاكات على يد السلطات السورية، بما في ذلك التعذيب والإخفاء القسري والوفاة أثناء الاحتجاز، مشيرةً إلى أنها “وثّقت 4 حالات اعتقال بحق عائدين خلال هذه الفترة”.
ووثقت المنظمة الحقوقية، اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لاجئين اثنين عائدين من لبنان عند معبر “الدبوسية” الحدودي مع لبنان في ريف حمص غربي البلاد، واثنين آخرين على حاجز أمني بين محافظتي حلب وإدلب شمال غربي البلاد.
ونقلت المنظمة عن امرأة عادت مع زوجها وأطفالها الأربعة إلى سوريا بعد التصعيد الإسرائيلي في لبنان خلال الشهر الجاري إثر اشتداد القصف وتلقيهم إنذاراً بالإخلاء، أن “المخابرات العسكرية” السورية اعتقلت الزوج المطلوب للخدمة الاحتياطية عند معبر “الدبوسية” الحدودي بريف حمص، وقالت: “قالوا لي امض في طريقك سيبقى هو معنا”، مضيفةً أنها انتظرت لمدة 5 ساعات متوسلة للحصول على معلومات لكن من دون جدوى.
وبحسب التقرير، “تستمر الحكومة السورية والجماعات المسلحة التي تسيطر على أجزاء من سوريا في منع المنظمات الإنسانية والمنظمات الحقوقية من الوصول الكامل وغير المقيد إلى جميع المناطق، بما يشمل مواقع الاحتجاز، ما يعيق جهود التوثيق ويحجب الحجم الحقيقي للانتهاكات”.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “يُجبر السوريون الفارون من العنف في لبنان على العودة إلى سوريا، حتى مع بقاء سوريا غير صالحة للعودة الآمنة أو الكريمة وفي غياب أي إصلاحات ذات مغزى لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح”.
وأضاف: “الوفيات المريبة للعائدين أثناء احتجازهم تسلّط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والانتهاكات والاضطهاد بحق الفارين والحاجة الملحة إلى مراقبة فعالة للانتهاكات الحقوقية في سوريا”.
وأشار التقرير، إلى أن “العديد من التقارير تشير إلى أن ملاجئ عديدة في لبنان، تمنح الأولوية للنازحين اللبنانيين والفلسطينيين مع منع دخول السوريين إليها، وأن بعض أصحاب المساكن طردوا مستأجريهم السوريين لإفساح المجال للنازحين اللبنانيين”، لافتاً إلى أنه “حتى قبل الهجوم الإسرائيلي، عاش السوريون في لبنان في بيئة قسرية، مصممة لإجبارهم على التفكير في العودة إلى سوريا، وواجهوا ظروفاً قاسية وتصاعداً للعداء ضد الأجانب”.
اعتقال وتجنيد وحرمان من المأوى: انتهاكات بحق السوريين العائدين من لبنان
ولفت تقرير المنظمة، إلى أنه” يزعم بعض القادة الأوروبيين بشكل متزايد أن سوريا آمنة للعودة، ما يحفّز سياسات قد تلغي الحماية الممنوحة للاجئين رغم استمرار المخاوف الأمنية والحقوقية”، موضحةً أنه “ينبغي للبلدان التي تستضيف اللاجئين السوريين إدراك أن سوريا ما تزال غير آمنة للعودة وأن توقف فوراً أي عمليات عودة قسرية أو بدون احترام الإجراءات الواجبة، أو أي خطة لتسهيل مثل هذه العودة”.
وشددت “هيومن رايتس ووتش”، على أنه “ينبغي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين البقاء على موقفها المنشور في آذار/ مارس 2021 والمتمثل في أن سوريا غير آمنة للعودة وأنها لن تشجع العودة أو تسهّلها حتى يتم ضمان الظروف الآمنة والكريمة”، كما ينبغي لها “الدفع بشكل عاجل من أجل إنشاء آلية مستقلة وفعالة للحماية والرصد في سوريا تتمكن من خلالها المنظمات الإنسانية من رصد الانتهاكات بحق العائدين والإبلاغ عنها”.
كما أكدت على أنه “على الحكومات المانحة للدعم المالي للنازحين السوريين، ضمان أن البرامج الإنسانية في كل من سوريا والدول المضيفة لا تقدّم عن غير قصد حوافز للعودة قبل الأوان. كما ينبغي للدول التي فرضت عقوبات على سوريا، تنفيذ إعفاءات إنسانية شاملة لجميع عمليات المساعدة في سوريا لضمان الحصول على الخدمات الأساسية”.
وكان فضل عبد الغني، مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قد قال في تصريحات لموقع ”963+” أمس الثلاثاء: “في ظل غياب أي إجراءات تضمن حماية حقوق العائدين وسلامتهم، يواجه اللاجئون السوريون العائدون من لبنان تحديات أمنية وقانونية تتطلب وضع آليات حقيقية وفعالة لضمان حماية حقوقهم ومنع استمرار الانتهاكات، لا سيما من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري”، مضيفاً أن “العودة القسرية في ظل عدم وجود ضمانات كافية تزيد من تفاقم الوضع الإنساني في سوريا، مما يستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ تدابير عاجلة لتحسين أوضاع العائدين وضمان حقوقهم الأساسية”.
يذكر، أنه وبحسب “الهلال الأحمر السوري”، فقد فر من لبنان إلى سوريا بين 24 أيلول/ سبتمبر و22 تشرين الأول/ أكتوبر، حوالي 440 ألف شخص، 71% منهم سوريون و29% لبنانيون، فيما أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وصول أكثر من 20 ألفاً من لبنان إلى مناطقها منذ بدء التصعيد الإسرائيلي أواخر سبتمبر الماضي.
وكانت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثقت في وقت سابق، اعتقال 208 أشخاص على يد القوات الحكومية السورية منذ مطلع العام 2024، كانوا قد عادوا من لبنان، وأكّدت الشبكة أنّ بينهم طفلان و6 سيدات، فيما توفي ستة آخرين بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز.