بيروت
اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية اليوم الأربعاء الجيش اللبناني والسلطات القبرصية بالتعاون لمنع اللاجئين السوريين من الوصول إلى أوروبا، ثم إعادتهم قسراً ليواجهوا الخطر في سوريا.
سوريا خطرة
وفي تقرير صادر في 90 صفحة، بعنوان “لا أستطيع العودة إلى بلدي أو البقاء هنا أو الرحيل: صدّ وإرجاع اللاجئين السوريين من قبرص ولبنان”، شرحت المنظمة سعي اللاجئين السوريين في لبنان إلى المغادرة نحو أوروبا، واعتراض الجيش اللبناني لهم وطردهم إلى سوريا، وقيام خفر السواحل القبرصي بإعادة سوريين وصلت قواربهم لشواطئ قبرص إلى لبنان، من دون اعتبار لوضعهم كلاجئين، فيطردهم الجيش اللبناني إلى سوريا فوراً.
وتقول نادية هاردمان، الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في “هيومن رايتس ووتش”: “عبر منع اللاجئين السوريين من المغادرة لطلب الحماية في بلد آخر، ثم إعادتهم قسراً إلى سوريا، ينتهك لبنان الحظر الأساسي على إعادة اللاجئين إلى حيث يواجهون الاضطهاد، بينما يساعد الاتحاد الأوروبي في دفع التكلفة. وتنتهك قبرص هذا الحظر أيضاً بدفع اللاجئين إلى لبنان حيث يتعرضون للإعادة إلى الخطر في سوريا”.
وقدّم الاتحاد الأوروبي إلى لبنان تمويلاً يصل إلى 16,7 مليون يورو بين عامي 2020 و2023 لتنفيذ مشاريع تهدف إلى تعزيز قدرة لبنان على الحد من الهجرة غير الشرعية. في أيار/مايو 2024، خصص الاتحاد حزمة بقيمة مليار يورو للبنان حتى عام 2027، بما في ذلك أموال لتزويد “القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية الأخرى بالمعدات والتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب”.
إبعاد فابتزاز فاعتقال
وبحسب التقرير، طردت السلطات القبرصية المئات من طالبي اللجوء السوريين بشكل جماعي من دون السماح لهم بالوصول إلى إجراءات اللجوء، وأجبرتهم على ركوب سفن نقلتهم إلى لبنان. وقال المُبعدون إن الجيش اللبناني سلمهم مباشرة إلى جنود سوريين ومسلحين مجهولين داخل سوريا.
وبمجرد وصولهم إلى سوريا، لم يتعرض المبعدون للاحتجاز من الجيش السوري فحسب، بل تعرضوا أيضاً للابتزاز من مسلحين مقابل دفع المال لتهريبهم إلى لبنان مجدداً.
ويستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين نسبة لعدد السكان في العالم، بما في ذلك 1,5 مليون لاجئ سوري، فيما يعاني من أزمات متعددة أدت إلى ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة. وتساهم هذه الأوضاع في دفع العديد من اللاجئين السوريين إلى المغادرة إلى أوروبا.
وتقول المديرية العامة للأمن العام اللبناني، التي تراقب دخول الأجانب وإقامتهم، إنها اعتقلت أو أعادت 821 سوريا على متن 15 قاربا حاولوا مغادرة لبنان بين 1 كانون الثاني/يناير 2022 و1 آب/أغسطس 2024.
هيومن رايتس ووتش: تصاعد العنف والتعذيب ضد اللاجئين السوريين في لبنان
انتهاكات بالجملة
ويقول تقرير المنظمة الحقوقية الدولية إن عمليات الطرد بإجراءات موجزة تعد انتهاكاً لالتزامات لبنان كطرف في “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”، وبموجب مبدأ القانون الدولي العرفي بعدم الإعادة القسرية للأشخاص إلى بلدان يواجهون فيها خطر التعذيب أو الاضطهاد. كما أن احتجاز الأطفال وإساءة معاملتهم وفصلهم عن أسرهم هي انتهاك لالتزامات لبنان في مجال حقوق الطفل.
كذلك، تعتبر عمليات الطرد الجماعي في قبرص محظورة بموجب “الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، وتنتهك حظر الإعادة القسرية غير المباشرة أو المتسلسلة أو الثانوية.
وتؤكد “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين” المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، أن سوريا غير آمنة للعودة القسرية، وأنها لا تُسهل ولا تُشجع العودة الطوعية.
وتختم “هيومن رايتس ووتش” تقريرها بالقول إن الاتحاد الأوروبي قدم تمويلاً كبيراً لإدارة الحدود اللبنانية من دون ضمانات حقيقية لضمان عدم استخدام هذه الأموال من قبل جهات مسؤولة عن الانتهاكات أو مساهمة في إدامة الانتهاكات. وتقول هاردمان: “يتعين على الاتحاد الأوروبي والمانحين الآخرين أن ينشئوا على الفور آليات مباشرة ومستقلة لمراقبة الامتثال لحقوق الإنسان في عمليات مراقبة الحدود اللبنانية”.