رزق العبي – إدلب
يدخل فصل الشتاء هذا العام في ظلّ تزايد الأعباء المالية وظروف اقتصادية صعبة يكابدها الغالبية العظمى من سكّان محافظة إدلب شمال غربي سوريا البالغ عددهم 4 ملايين و186 ألف شخص، نصفهم من النازحين، حيث يحمُل الشتاء معه الأجواء الباردة والأمطار الغزيرة، وما يترتب على ذلك من ضرورة تأمين مواد التدفئة ولباس الشتاء.
ويعاني غالبية السكان في شمال غربي سوريا، من صعوبات عديدة في تأمين المستلزمات اليومية، في ظل ارتفاع الأسعار وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وقلة فرص العمل وانخفاض الموارد المالية، ما دفع الكثير منهم للتخلي عن الكثير من الأساسيات، في سبيل الحفاظ على متطلبات الحد الأدنى من الحياة.
ملهم الحاج، من سكان محافظة إدلب وأب لأربع أطفال، يؤكد أنه يواجه صعوبة كبيرة في تأمين ألبسة شتوية لأولاده وكذلك مواد التدفئة، لكونه من الطبقة العاملة، ولا تتعدى أجرته اليومية 100 ليرة تركية (أقل من 3 دولار أميركي، حوالي 45 ألف ليرة سورية).
ويقارن الحاج في حديث لموقع ”963+” بين أجرته اليومية وسعر طنّ الحطب الذي يتعدّى 3 ملايين ليرة سورية ( 200 دولار أميركي)، بالإضافة لكسوة الشتاء من اللباس لأولاده التي تتعدى 125 دولاراً.
الحد الأدنى للأجور في شمال غربي سوريا هو 80 ليرة تركية، وعلى افتراض وجود شخصين في العائلة يعملان فإن الدخل الوارد للعائلة المكونة من 5 أشخاص هي 4،800 ليرة تركية مع احتساب العطل، وبحسب التصنيفات الدولية لحد الفقر والتي تبلغ 1،9 دولاراً فإن حد الفقر للعائلة الواحدة هو 228 دولاراً أي 7،314 ليرة تركية.
ارتفاع الأسعار
وبحسب تقارير، شهد السعر غير الرسمي لصرف الدولار الأميركي مقابل الليرة التركية ارتفاعاً بنسبة 3% بين أيلول/ ديسمبر 2023 وكانون الثاني/ يناير 2024، ما أثّر بشكل مباشر على أسعار السلع الأساسية في شمال غربي سوريا. في حين ظلّت أسعار الوقود والنقل مستقرة نسبيّاً على الرغم من تزايد صعوبات الحصول عليها.
ووفق استطلاع لأسعار بعض السلع أجراه موقع “963+”، شهدت جميعها ارتفاعاً بنسب متفاوتة بين العام الماضي وهذا العام، بما في ذلك الخضروات والفواكه ومواد غذائية أخرى، الأمر الذي انعكس على القدرة الشرائية للسكان والنازحين وتحديات الأمن الغذائي في المنطقة.
البرد والصقيع يخترق الخيام
وتشتكي زينب زيدان (33 عاماً) من الأعباء الإضافية خلال فصل الشتاء، وتقول لموقع “963+”: “لا يأتي الشتاء علينا كما يأتي في بقية البلدان، أنا الآن في حيرة من أمري وخاصةً أني أرملة وأم لثلاثة أطفال، كيف يمكنني تأمين لباس شتوي لأطفالي، لا المنظمات الإنسانية تدعمنا ولا يوجد عمل نعيش منه”.
وأكّدت أنها “بالكاد تستطيع تأمين ربطة خبز وبعض الخضروات كي تسدّ رمق أطفالها، فيما تعجز عن تأمين الملابس لأطفالها مع دخول فصل الشتاء”.
أسعار المحروقات في ارتفاع
ومع دخول فصل الشتاء، بدأت أسعار مواد التدفئة بالارتفاع، حيث بلغ سعر طنّ “القشر” 170 دولاراً أميركياً، وهي قشور فستق وغيرها، يستخدمها السكان للتدفئة. وكذلك يتراوح طن الحطب بين 170 إلى 185 دولاراً.
ويبلغ سعر ليتر المازوت المستورد 1.2 دولاراً أميركياً، والمازوت المحسن 0.6 دولاراً، وأسطوانة الغاز 11.08 دولاراً. فيما تُباع مدفأة الحطب أو المازوت بين 40 إلى 60 دولاراً، ويصل سعر بعضها إلى 100 دولار، حسب نوعيتها.
وأطلق فريق “منسقو استجابة سوريا”، في وقت سابق، نداء استغاثة عاجلاً لتغطية الاحتياجات الإنسانية للنازحين في شمال غربي سوريا مع اقتراب فصل الشتاء وزيادة أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية.
وقال الفريق في بيان، إن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية وصل إلى أكثر من 4.4 ملايين شخص، منهم 80% من سكان المخيمات، مشيراً إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية وزيادة معدلات البطالة إلى نحو 88.82%.