القاهرة
يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى العاصمة السعودية، غداً الاثنين، وذلك وسط تراجع فرص التوصل إلى اتفاق تاريخي طويل الأمد تعترف بموجبه المملكة بإسرائيل، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محللين.
وأفادت الخارجية الأميركية أن بلينكن سيناقش خلال زيارته للرياض الاثنين والثلاثاء، في “ممر إلى دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية لإسرائيل”.
وتأتي زيارة بلينكن بعد قرابة سبعة أشهر من اندلاع الحرب في غزة التي عرقلت مساعٍ دبلوماسية أميركية. كذلك جاءت في وقت يستعد الأميركيون للانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر والتي سيختارون خلالها ما إذا كانوا سيمنحون الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن البالغ 81 عاماً ولاية ثانية، ما قد يؤخر التقدم الذي تم إحرازه في مسار التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمحطة فوكس نيوز في أيلول/سبتمبر الماضي، إن المملكة “تقترب كل يوم أكثر فأكثر” من اتفاق التطبيع الذي قد يعزز أيضاً الشراكة الأمنية بين واشنطن والرياض.
لكن بن سلمان، أكّد يومها أيضاً أنّ القضية الفلسطينية “مهمة جدًا” بالنسبة للرياض، مشيراً إلى “أننا بحاجة إلى تسهيل حياة الفلسطينيين”، وهذا التأكيد جاء قبل اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة “حماس”.
وشدّد المسؤولون السعوديون على ضرورة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وذل في ضوء استمرار القتال في قطاع غزة وبذل الوسطاء جهوداً حثيثة للتوصل إلى هدنة لكن بدون جدوى حتى الآن.
وقالت السفيرة السعودية لدى واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في كانون الثاني/يناير، إن التطبيع سيكون مستحيلاً من دون مسار “لا رجعة فيه” نحو إنشاء تلك الدولة.
ويقول المحلل السعودي عزيز الغشيان إنه ليس من المستغرب أن تربط السعودية إقامة علاقات مع إسرائيل بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن “ثمن التطبيع، خاصة على الجبهة الفلسطينية، ارتفع بالتأكيد”، بحسب فرانس برس.
ويؤكد أن “ما يمكن قوله هو أنه يجب أن يكون هناك شيء ملموس أكثر من كونه نظرياً… بعبارة أخرى، (ينبغي أن يتوافر) المزيد من الخطوات الواضحة التي لا رجعة فيها، وليس مجرد وعود”.
ولم تعترف السعودية بإسرائيل قط، ولم تنضم إلى اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020 بواسطة أميركية، التي طبّعت بموجبها جارتا المملكة الإمارات والبحرين العلاقات مع إسرائيل. وبعدها حذا المغرب والسودان حذو الدولتين الخليجيتين.
وتقول إلهام فخرو من معهد “تشاتام هاوس” البريطاني إن نفوذ قادة السعودية الذي يعززه وضعهم كزعماء للعالم الإسلامي، لم يكن يومًا موضع شك، بحسب فرانس برس.
وتؤكد أنّ “السعودية تدرك مدى رغبة إدارة بايدن في التوصل إلى اتفاق”، مضيفةً “أنها تدرك أيضًا أنه لا توجد دولة عربية أخرى تتمتع بالقدر نفسه من النفوذ الذي تتمتع به هي للضغط من أجل الفلسطينيين”.
وتوقف الزخم فجأة بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل نحو 1170 شخصاً، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وردًا على ذلك، توعدت إسرائيل حماس بــ”القضاء” عليها، وتشنّ عمليات قصف وهجوم بري واسع على قطاع غزة ما أدى إلى مقتل أكثر من 34 ألف شخص معظمهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
ولطالما دانت الرياض ممارسات القوات الإسرائيلية في غزة، واتهمتها هذا الأسبوع بارتكاب “جرائم حرب شنيعة دون رادع”.
وحتى لو توقفت الحرب في غزة، يشكل التوصل إلى اتفاق سعودي إسرائيلي أميركي مهمة صعبة.
وتعتبر فخرو أنه “سيتعين على الولايات المتحدة أن تقدم شيئاً ما، وليس أيّاً من شروط (أو طلبات) السعودية سهلاً”.
وتشير إلى أن “اتفاقية دفاعية يجب أن تمرّ عبر الكونغرس، والموافقة عليها هناك ليست مضمونة على الإطلاق”.