بروكسل
حذرت منظمة العفو الدولية، من أن النظام العالمي الذي قام بعد الحرب العالمية الثانية “مهدد الانهيار”، منتقدةً إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا والصين.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب)، إن “كل ما شهدناه في الأشهر الـ12 الأخيرة” من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا وبورما والسودان وإثيوبيا، التي تشهد نزاعات تواكبها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، “يدل على أن النظام الدولي على وشك الانهيار”.
وأضافت: “في الأشهر الستة الماضية خصوصاً قامت الولايات المتحدة بحماية السلطات الإسرائيلية من أي تدقيق في الانتهاكات الكثيرة المرتكبة في غزة”.
وأوضحت كالامار، أنه في ظل الهجوم الروسي المستمر على أوكرانيا وتزايد الصراعات المسلحة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها على سبيل المثال السودان وإثيوبيا وميانمار (يورما)، “يبدو النظام العالمي القائم على القواعد مهدداً بالانهيار”.
وضع غزة
وأشارت الأمينة العامة إلى أن “إسرائيل أبدت تجاهلاً صارخاً للقانون الدولي زاد من وطأته تقاعس حلفائها عن إنهاء ما يتعرض له المدنيون في غزة من سفك للدماء يستعصي على الوصف”، ولفتت إلى أن “الكثير من هؤلاء الحلفاء هم أنفسهم مصممو النظام القانوني الذي أُرسيَ بعد الحرب العالمية الثانية”.
ورأى التقرير أن “استخدام الولايات المتحدة السافر لحقها في النقض (الفيتو) شل مجلس الأمن لعدة أشهر ومنعه من اتخاذ قرار بالغ الضرورة لوقف إطلاق النار في غزة، فيما تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر التي تستخدمها في اقتراف ما يرقى، على الأرجح، إلى جرائم حرب”.
وتهدد المجاعة الآن شمال القطاع بينما لا تزال إسرائيل تستعد لشن هجوم على رفح، مما يثير قلقا في الكثير من العواصم الأجنبية والمنظمات الإنسانية.
ويدين تقرير منظمة العفو الدولية “الجرائم المروعة التي ارتكبتها حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر”، مشيرة إلى أن “السلطات الإسرائيلية ردت بشن غارات جوية بلا هوادة على مناطق مأهولة بالسكان المدنيين، فأبادت في كثير من الأحيان عائلات بأكملها وهجّرت قرابة 1,9 مليون فلسطيني قسراً”.
وأضاف أن اسرائيل “فرضت قيوداً تحول دون وصول المساعدات الإنسانية التي بات السكان في أمسّ الحاجة إليها، بالرغم من المجاعة المتزايدة في غزة”.
واندلعت الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعد هجوم غير مسبوق لـ”حماس” ضد إسرائيل وأدى إلى مقتل 1170 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته فرانس برس استناداً إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
ورداً على ذلك، وعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس وتشن هجوما خلف حتى الآن 34183 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس.
تحذيرات من الذكاء الاصطناعي
وفي التقرير نفسه، حذرت منظمة العفو الدولية من أن “وتيرة انهيار سيادة القانون سوف تتسارع على الأرجح مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي المقترن بهيمنة شركات التكنولوجيا العملاقة الذي ينطوي على خطر تعزيز انتهاكات حقوق الإنسان إذا ظلت اللوائح التنظيمية متخلفة عن مواكبة التطورات في هذا المجال”.
وتحدثت عن “الاستخدام غير المنضبط للتكنولوجيات الجديدة (..) وبات من الشائع استخدام الأطراف العسكرية والسياسية والمؤسسات لهذه التكنولوجيات كأسلحة”.
واتهم التقرير “منصات شركات التكنولوجيا العملاقة” بأنها “تساهم في تأجيج الصراعات وتُستخدم برامج التجسس الإلكتروني وأدوات المراقبة الجماعية في التعدي على الحقوق والحريات في حين تستخدم بعض الحكومات أدوات آلية تستهدف أشد الفئات تهميشًا في المجتمع”.
وشددت كالامار على ضرورة أن تتخذ “الحكومات أيضاً خطوات تشريعية وتنظيمية حازمة للتصدي للمخاطر والأضرار الناجمة عن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي وكبح جماح شركات التكنولوجيا العملاقة”.
وقالت “في عالم محفوف بالمخاطر المتزايدة، يمكن أن يكون انتشار واستخدام بعض التكنولوجيات بشكل غير منظّم، من قبيل الذكاء الاصطناعي التوليدي وتكنولوجيات التعرف على الوجه وبرامج التجسس الإلكتروني، بمثابة عدو خبيث؛ إذ قد يؤديان إلى تأجيج انتهاكات القانون الدولي وتصعيدها إلى مستويات استثنائية”.
وأضافت “خلال عام حاسم حافل بالانتخابات وفي مواجهة جماعة ضغط متنامية النفوذ ومناهضة للوائح التنظيمية، تدفعها وتمولها شركات التكنولوجيا العملاقة، أصبحت هذه التطورات التكنولوجية الجامحة وغير المنظمة تشكِّل خطراً جسيمًا يهددنا جميعاً”.
ويفترض أن يشهد العام 2024 انتخابات في عدد من دول العالم من الولايات المتحدة إلى الهند مروراً بالمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وشددت كالامار على أن “الحق في الاحتجاج مهم جدًا لتسليط الضوء على الانتهاكات ومسؤوليات الزعماء”، مشيرة إلى أن “الناس أوضحوا بجلاء أنهم يريدون حقوقهم، وعلى الحكومات أن تثبت أنها تنصت إلى أصواتهم”.