الحسكة
تعرّض أهالي منطقتين سوريتين اثنتين تقعان شمال شرقي البلاد، لانتهاكاتٍ من قبل الجيش التركي والفصائل السورية المسلّحة المدعّومة منه، خلال شهر شباط/فبراير الماضي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتّخذ من بريطانيا مقرّاً له.
ووثّق المرصد السوري على موقعه الرسمي، استيلاء كل من “الشرطة العسكرية” وعناصر من فصيل “السلطان مراد” على مخصصات الفرن الآلي العام في مدينة رأس العين السورية الواقعة في ريف محافظة الحسكة. ومن ثم بيعها في السوق السوداء، علاوة على تقليصهم لساعات عمله، بهدف “إفساح المجال أمام عمل مخبّزٍ خاص يستولي عليه قيادي آخر في السلطان مراد”.
وينتمي فصيل “السلطان مراد” لـ “الجيش الوطني السوري” المعارض لدمشق والمدعوم من أنقرة والذي يضم عشرات الفصائل المسلّحة الأخرى.
وبحسب المرصد، فقد طرد عناصر فصيل “شهداء بدر”، في العشرين من فبراير، أصحاب منزل مدني بعد أن اعتدوا عليهم بالضرب والشتائم، في قرية العزيزية غرب مدينة رأس العين التي تُعرف بالكردية بـ “سري كانيه”، قبل الاستيلاء على المنزل واستخدامه لاحقاً كموقع تنطلق منه عمليات تهريب البشر إلى تركيا.
كما استولى فصيل “فيلق الرحمن”، في النصف الثاني من فبراير، على 120 منزلاً جديداً في رأس العين وريفها وذلك “بغية توطين 50 عائلة من أُسر مسلحي الفصيل الذين تم جلبهم مؤخرا من منطقة عفرين، إضافة لاستيلائه على مساحة 50 دونم أرض في قرى الراوية”، وفق المرصد السوري.
ويرغم عناصر الفصائل وخاصة “احرار الشرقية” و”الحمزات” سكان القرى الحدودية على التعاون معهم واستقبال قاصدي طرق التهريب إلى تركيا في منازلهم ليومين أو 3، وإلا يتمّ الاستيلاء على منازلهم وفرض غرامة مالية على أصحابها تتراوح ما بين 3 و6 آلاف دولارٍ أمريكي واعتقال أصحاب المنازل التي ترفض التعاون معهم، كما جاء في تقرير المرصد.
ويطلب الكثير من سكان مدينة رأس العين، المال من ذويهم المقيمين في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، “لدفعها كرشاوى للمحكمة وللقيادات لتسريع محاكمة أولادهم أو إطلاق سراحهم من سجون الفصائل. ومن لا يدفع هذه الأموال، يبقى مصير أولاده مجهولاً”، على ما جاء في تقرير المرصد.
وكانت “هيومن رايتس ووتش” قد حمّلت تركيا في تقريرها الذي صدر يوم 29 فبراير، مسؤولية بعض الانتهاكات وجرائم الحرب المحتملة المرتكبة في سوريا، معظمها ضد الكرد في شمالي سوريا.
وذكر تقرير المنظمة الأممية أن “السكان الأكراد تحمّلوا وطأة الانتهاكات لأنه ينظر إليهم بسبب علاقاتهم المفترضة مع القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا”، في إشارة إلى قوات “سوريا الديموقراطية” المعروفة اختصاراً بـ “قسد”.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط لدى المنظمة الدولية إن “المسؤولين الأتراك ليسوا مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحمّلون المسؤولية باعتبارهم سلطة الاحتلال، وفي بعض الحالات، كانوا متورطين مباشرة في جرائم حرب مفترضة في ما تسميه تركيا منطقة آمنة”، وهي المنطقة التي تسيطر عليها تركيا وتشمل أجزاء من محافظات حلب والرقة والحسكة.
وأضاف كوغل أن “الانتهاكات الحالية ستستمر، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري ضد الذين يعيشون تحت السلطة التركية في شمال سوريا، ما لم تتحمل أنقرة نفسها المسؤولية وتتحرك لوقفها”.
ووفق تقرير المنظمة الأممية الذي وصف التواجد التركي في الأراضي السورية بـ “احتلال”، فإن فصائل من “الجيش الوطني السوري” و”الشرطة العسكرية” المدعّومين من أنقرة، ارتكبت انتهاكات في مراكز الاحتجاز التي يتواجد فيها أحياناً مسؤولون عسكريون وعناصر مخابرات أتراك.
واعتمدت المنظمة في تقريرها على شهادات 58 محتجزاً سابقاً وضحايا للعنف الجنسي وأقارب وشهود على الانتهاكات وممثلين عن منظمات غير حكومية وصحفيين ونشطاء وباحثين، إذ “أبلغت نساء كرديات محتجزات عن تعرضهن للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب واحتجاز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم”.