يشهد القطاع الصحي في سوريا أزمة حادة نتيجة التحديات التي فرضتها الحرب المستمرة لسنوات، إذ تعرضت المستشفيات والمرافق الطبية للدمار، ما أدى إلى شلل كبير في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين. وتفاقمت الأزمة بسبب هجرة جماعية للكفاءات الطبية والصحية إلى الخارج، مدفوعة بتدني الأجور وصعوبة الحياة في البلاد، حيث لم يكن دخل الطبيب يتجاوز 30 دولارًا شهريًا.
محاولات لإنقاذ القطاع الصحي
تحاول حكومة تصريف الأعمال السورية، التي تشكلت بعد سقوط نظام بشار الأسد، العمل على تحسين الخدمات الصحية وسط واقع صعب. ومع هجرة آلاف الأطباء والمتخصصين، تعمل الحكومة على وضع خطط لضمان الرعاية الصحية لجميع المواطنين.
يقول الدكتور عدي رمضان، المقيم في إيطاليا، لموقع “963+” إن التعامل مع الوضع الصحي ما زال ضبابياً في ظل غياب استراتيجية واضحة من وزارة الصحة، مقترحاً فرض ضرائب على أصحاب الدخل المتوسط لدعم القطاع الصحي، إضافة إلى إنشاء صندوق تضامني اجتماعي يضمن توفير الرعاية الصحية المجانية للسوريين.
ويشدد رمضان على أهمية إعادة الكفاءات الطبية التي هاجرت خلال الأعوام الماضية، خصوصاً أن سوريا تمتلك خبرات فاعلة في أوروبا. كما يدعو إلى إعادة تشغيل مصانع الأدوية المتوقفة والاستفادة من الخبرات الأجنبية، مثل التجارب الصحية في ألمانيا وكوبا، لإنعاش القطاع.
أزمات متراكمة وحلول مقترحة
ويقول الكاتب الصحفي السوري فراس علاوي، المقيم في فرنسا، لـ “963+” إلى أن التحديات لا تقتصر على نقص الكوادر الطبية، بل تشمل تدمير البنية التحتية، وعدم توفر المعدات الطبية الأساسية، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، ما يزيد من صعوبة تقديم الخدمات الصحية.
يقترح علاوي تأهيل المستشفيات والنقاط الطبية المتضررة، والتعاون مع المنظمات الطبية المحلية والدولية، إضافة إلى التواصل مع الأطباء السوريين في الخارج للاستفادة من خبراتهم. كما يرى أن الوزارة مطالبة بتكثيف جهودها للحصول على دعم دولي عاجل لإعادة بناء القطاع الصحي.
جهود منظمة الصحة العالمية
من جهتها، حذرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم الأزمة الصحية في سوريا، حيث قالت مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، إن أكثر من 15 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، بينهم ملايين النازحين داخلياً. وأوضحت أن العديد من المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال المرضى بسبب الأضرار التي لحقت بها ونقص التمويل.
وأضافت أن المنظمة توسع قدرة المستشفيات القليلة العاملة لمواكبة الأعداد الكبيرة من المرضى، كما ترسل فرقًا طبية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها لتقديم المساعدة. وتؤكد المنظمة أن هناك حاجة ماسة إلى دعم دولي لإعادة بناء المنظومة الصحية في سوريا.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى تحسين القطاع الصحي في سوريا مرهوناً بتضافر الجهود المحلية والدولية. فبينما تعمل حكومة تصريف الأعمال على إعادة تأهيل المستشفيات واستقطاب الكفاءات الطبية المهاجرة، يبقى الدعم الخارجي ضرورياً لسد الفجوات الكبيرة في الخدمات الصحية، وإعادة بناء منظومة طبية قادرة على تلبية احتياجات الشعب السوري.