تعاقب على رئاسة الولايات المتحدة الأميركية ثلاثة رؤساء منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا، في آذار/مارس 2011، حيث مرّ الملف السوري بمراحل عديدة، وصلت أهميته إلى تدخّل أميركي عسكري سواء عبر التحالف الدولي، أو عبر توجيه ضربات في دمشق ومطار الشعيرات قبل سنوات إلى أنّ عاد الملف السوري ليكون في أدنى قائمة الأولويات الأميركية بعد ذلك.
وتشهد الولايات المتحدة يوم غدٍ الثلاثاء، انتخابات رئاسية سيكون المنتصر فيها الرئيس الرابع الذي يدخل البيت الأبيض في زمن الحرب السورية، ويتنافس فيها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن “الحزب الجمهوري”، وكامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، وهي مرشّحة عن” الحزب الديموقراطي”، مع مرشحين آخرين لكن المنافسة على أشدها بين الجمهوريين والديموقراطيين.
وعلى الرغم من أنّ الفرصة سانحة لكلا الشخصيتين، فإن هذه الانتخابات لا تقتصر على ترامب وهاريس، فهناك مرشحة عن حزب “الخضر” وهي الطبيبة جيل ستاين، إضافة للناشط شيس أوليفر عن الحزب” الليبرتاري” ببرنامج يدعو إلى وقف الدعم العسكري لإسرائيل وأوكرانيا وإغلاق القواعد العسكرية الأميركية خارج البلاد والمرشح المستقل كورنيل وست.
ويرى المحلل السياسي السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور أن “فوز كامالا هاريس في الانتخابات، هو استمرار لسياسة بايدن كونها مشاركة في اتخاذ القرارات داخل البيت الأبيض، ولن نلاحظ أي تغيير،أما بالنسبة إلى ترامب، فهو وعد الناخبين بأنه سيعمل على وقف فوري لإطلاق النار في لبنان وفلسطين، وبالتالي الوضع يختلف قليلاً في سوريا”.
وأشار “عبد النور” في حديث لـ “963+” إلى أنّ نظرة ترامب إلى سوريا أصبحت مختلفة، وأصبحت المقاربة مختلفة أيضاً حيث إنّ طريقة الاستعجال والتسرّع بسحب الجنود الأمريكيين من الشمال الشرقي لسوريا كان قراراً متسرّعاً، واليوم أصبح أصبح ترامب أكثر إدراكاً لما يجري في الشرق الأوسط. وسيتم تغيير كافة مستشاريه، ومن المتوقع اتخاذ إجراءات أقوى من قبل ترامب لكونه ضدّ إيران وقواتها في سوريا، ومهما كان قراراته ستكون أفضل من قرارات بايدن”، على حدّ تعبّيره.
ومع تسارع الأحداث في سوريا عام 2011 وقمع السلطات للاحتجاجات الشعبية، تستمر الولايات المتحدة بتطبيق عقوبات ضدّ شخصيات محسوبة على الحكومة السورية، وكذلك عقوبات على مؤسسات في الدولة، وكثيراً ما تطالب دمشق برفع تلك العقوبات، التي كان أكثرها صرامة قانون قيصر.
وتدور الكثير من الشائعات عن مستقبل تلك العقوبات في حال تغيّر الرئيس الأميركي، وهو ما نفاه عبد النور، موضحاً أنّ “العقوبات الأميركية على سوريا ستستمر، لأنها قانون في الكونغرس ولا يحق للرئيس إلغائها، ولكن ما يميز الرئيس المحتمل دونالد ترامب بأنه جاد وحاد في تطبيق تلك العقوبات، والتطبيق هو جوهر تلك العقوبات، لأن العقوبات موجودة ولكن تختلف طرق تطبيقها من رئيس لآخر، وترامب جاد في ذلك”.
ويوجد في سوريا نحو 900 جندي أمريكي تقول واشنطن إنهم متواجدون للقيام بعمليات “مكافحة الإرهاب” ضد تنظيم” داعش”. وتعد قوات سوريا الديموقراطية المعروفة اختصاراً بـ “قسد” أبرز حلفاء واشنطن في البلاد، إلى جانب مجموعاتٍ من المعارضة المسلّحة تتمركز في قاعدة التنف.
وقال عبدالنور في هذا الصدد إن “قرارات دعم هذه القوات المحلية يأتي من الكونغرس”، مضيفاً أن “ترامب سيسعى لإنهاء ما يحصل في سوريا، وهو ما قد يعني سحب جنوده، خصوصاً وأنّ سحب القوات الأميركية من العراق في 2025 العام يعني ترك الجنود الأمريكان في سوريا دون غطاء”.
أما بخصوص تطبيع العلاقات بين واشنطن مع دمشق، فهو”أمرٌ غير مطروح أبداً، لأن التطبيع مع الأسد مخالف للقانون، وحتى لو أصدر الرئيس قانوناً للتطبيع مع الأسد، يجب أن يوافق عليه الكونغرس، وبالتالي تطبيق القانون دون موافقة يعتبر مخالفة قانونية تستدعي المحاسبة”، بحسب المحلل السياسي السوري.
وكانت الولايات المتحدة قد أغلقت سفارتها في دمشق وأجلت آخر موظفيها المتواجدين في سوريا في مطلع العام 2012. وتلا ذلك قطع العلاقات بين واشنطن وأنقرة على خلفية اتهام الولايات المتحدة للحكومة السورية بارتكاب مجازر بحق المدنيين في غضون الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها سوريا في مارس 2011.