دمشق
قال الكرملين، اليوم الاثنين، إنه يراقب عن كثب الأوضاع المتصاعدة في سوريا، ويقوم بتحليل المستجدات لتحديد موقفه بناءً على تطورات الأحداث. هذا التصريح جاء بعد صمت روسي لافت في الساعات الأولى من الهجوم العسكري الذي شنّته فصائل المعارضة المسلحة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام والفصائل المدعومة من تركيا، على مواقع القوات الحكومية السورية في إدلب وحلب وحماة.
وبدا مستغرباً صمت روسيا الحليف الأبرز للحكومة السورية، عن الهجوم في بدايته، لتعلن في اليوم التالي للعملية عن مساعدة القوات الحكومية في “صد” فصائل معارضة في ثلاث محافظات في شمال البلاد.
وتدور هجمات غير مسبوقة بين “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً” والفصائل المسلحة الموالية لتركيا، والقوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا وعناصر من الفصائل الموالية لإيران، إذ انطلقت العملية العسكرية الأربعاء الماضي، من مناطق تقع في ريف مدينة حلب الغربي وصولاً إلى عمق المدينة، وعلى محور محافظة إدلب شمال غربي البلاد، ووصلت إلى تخوم حماة وسط سوريا.
وكثفت روسيا والقوات الحكومية السورية، قصفها الجوي على مناطق في شمال غربي سوريا، بعد سيطرة (هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً)، وفصائل من المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، على مدينة حلب ومحافظة إدلب وقرى وبلدات في ريف حماة.
اقرأ أيضاً: قصف حكومي روسي على حلب وإدلب و”الهيئة” على مشارف حماة
قصف مكثف
وقالت وزارة الدفاع السورية، الاثنين، إن “الطيران الحربي السوري الروسي المشترك وجه ضربات متتالية على تجمعات الإرهابيين ومحاور تحركهم على أطراف بلدة السفيرة في ريف حلب الشرقي”.
وجاء في البيان أن “الطيران الحربي السوري الروسي المشترك يوجه ضربات متتالية على تجمعات الإرهابيين ومحاور تحركهم على أطراف بلدة السفيرة في ريف حلب الشرقي موقعا عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم إضافة إلى تدمير عدة عربات وآليات كانت بحوزتهم”.
وفي ظل تصاعد التوترات في شمالي سوريا، أكد المحلل السياسي والخبير في شؤون الشرق الأوسط، أندريه مورتازين، المقيم في موسكو، أن “الضربات الجوية الروسية الأخيرة على مواقع هيئة تحرير الشام في إدلب وحلب وحماة لا تعكس تغييراً في الاستراتيجية الروسية في سوريا”.
وأوضح مورتازين لموقع “963+”، أن “روسيا تواصل التزامها باتفاقياتها مع النظام السوري ودعم الرئيس بشار الأسد، ضمن إطار التعاون الثلاثي مع تركيا وإيران بشأن الملف السوري”.
وفي تحليله للوضع الراهن، أشار مورتازين إلى تصاعد التعقيدات، خصوصاً مع مطالب تركيا بتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، في مقابل مساعي الحكومة السورية للحصول على مزيد من الدعم الروسي”.
بدوره قال مصطفى رستم وهو محلل سياسي يقيم بدمشق، لـ”963+”: “لروسيا مصالح استراتيجية تتعلق بأمنها القومي كاملاً”.
وأضاف: “وجود روسيا في سوريا ليس مرتبط فقط بوجود الدولة السورية وليس تطبيقاً لاتفاقيات دعم مشترك بين الدولتين ولكن هناك مصالح دولية علية تحكم روسيا وتحكم عودتها إلى المشهد الدولي كقطب آخر للقوى العظمى في العالم، يعني إدارة الملفات الداخلية والضمنية تحكمها المصالح التي ترتأيها غرفة العمليات العسكرية الروسية السورية المشتركة”.
وكانت قد دعت حكومة “الإنقاذ”، التي تتخذ من محافظة إدلب السورية الواقعة شمال غربي البلاد، مقرّاً لها، والعاملة تحت مظلة (هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً)، روسيا إلى إعادة النظر في ارتباط مصالحها بالحكومة السورية، ويأتي ذلك بينما تؤكد الباحثة في العلاقات الدولية بمدرسة الاقتصاد العليا بموسكو، لانا بدفان، أن دعم موسكو لدمشق “يمثل خياراً استراتيجياً يصعب التخلي عنه”.
ودعا البيان، الذي صدر باللغات العربية والروسية والإنجليزية، موسكو “إلى عدم ربط مصالحها بالحكومة السورية أو بشخص بشار الأسد، بل بالشعب السوري”. كما أكد البيان على “استعداد السوريين للتعاون مع روسيا كشريك محتمل في بناء مستقبل مشرق لسوريا”.
اقرأ أيضاً: بعد دعوة “حكومة الإنقاذ”.. هل يتغير موقف موسكو؟
دعم محدودة
قال مورتازين: “ليس سراً أن التدخل الجوي الروسي في 2015 غيّر موازين القوى لصالح الحكومة السورية، وروسيا ستواصل تقديم الدعم، ولكنه سيقتصر غالباً على الذخائر والطائرات، دون إرسال قوات بشرية بسبب انشغالها الكبير في أوكرانيا”.
وأشار مورتازين إلى “إعادة نصف الطائرات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية إلى روسيا لدعم العمليات العسكرية هناك، ما أدى إلى تقليص جزئي للتواجد العسكري الروسي في سوريا”.
كما استبعد إمكانية إرسال قوات مثل مجموعة “فاغنر”، مؤكداً أن “معظم عناصرها تم استدعاؤهم للقتال على الجبهة الأوكرانية”.
وفي سياق متصل، اعتبرت موسكو أن سيطرة فصائل معارضة على مناطق في محافظة حلب يمثل انتهاكاً للسيادة السورية.
وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا تدعم استعادة الحكومة السورية للنظام الدستوري في المنطقة بأسرع وقت.
وقال: “نريد أن تستعيد السلطات السورية السيطرة على الأراضي التي استولت عليها الفصائل المسلحة بشكل سريع”.