خاص – دير الزور
عقدت قيادات من “الحرس الثوري” الإيراني والفصائل الموالية له و”حزب الله” اللبناني، اجتماعاً في مدينة دير الزور شرقي سوريا، لبحث استقطاب العشائر وإعادة التموضع بمحافظة دير الزور، بعد الاشتباكات وحالة الاحتقان التي شهدتها مناطق شرقي المحافظة مؤخراً، والحديث عن تحريض الأجهزة الأمنية السورية للعشائر ضد الوجود الإيراني.
وتشهد سوريا عموماً ومحافظة دير الزور على وجه الخصوص، حالةً من الاستقطاب خلال الأشهر الأخيرة في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية ضد مواقع “الثوري الإيراني” والفصائل الموالية له، ومحاولة السكان المحليين التخلص من وجودها في المنطقة وما يتبع ذلك من أضرار، إلى جانب حالة التذمر لدى أبناء العشائر مما توصف بممارسات عناصر وقيادات محلية موالية لها.
استقطاب العشائر
وأكد مصدر في الفصائل الموالية لإيران لموقع “963+”، أن “اجتماعاً موسعاً ضم قيادات “الحرس الثوري” الإيراني وقيادات تلك الفصائل في كل من دير الزور وحمص وتدمر وقيادات “حزب الله” اللبناني و “حزب الله” العراقي، عقد في حي الموظفين بمدينة دير الزور، ركّز بالدرجة الأولى على عملية استقطاب أبناء العشائر في المنطقة”.
كما تم بحث “إعادة السيطرة على المقرات التي تم إخلاؤها خلال الأسابيع الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي، وتفعيل المقرات العسكرية بشكل أكبر وخاصةً في محيط مطار دير الزور العسكري ومطار الحمدان في البوكمال، وإنشاء قاعدة عسكرية جديدة ببادية الدوير في ريف دير الزور الشرقي، إلى جانب الإعلان عن فتح باب الانتساب لعناصر جدد واستقدام تعزيزات عسكرية من العراق تضم أسلحة متطورة، في ظل تزايد التحديات الأمنية خاصةً من قبل روسيا”، بحسب المصدر.
يأتي ذلك، بعد يومين على تمكّن مسلحين مؤيدون للشيخ أيمن دحام الدندل، وهو أحد شيوخ قبيلة “العكيدات” بمدينة البو كمال، من أسر 5 عناصر من الفصائل الموالية لإيران، أثناء تسللهم إلى منزل الدندل ومحاولة إشعال النار فيه وبسيارة تعود له، بعد أن انسحب تدريجياً من الولاء لإيران إلى القوات الحكومية، إثر تزايد الهجمات الإسرائيلية ضد هذه الفصائل بدير الزور والتوجه لتحجيم نفوذ طهران هناك، بحسب ما أكد مصدر مقرب من الدندل لموقع “963+”.
وبعد رفض جماعة الدندل تسليم العناصر الخمسة، اندلعت اشتباكات عنيفة بينها وبين الفصائل الموالية لإيران قبل أن ينضم أبناء عشائر أخرى للقتال ضد الأخيرة، التي انسحبت من 3 مقرات لها في كل من المحطة ونقطة الكهرباء ومقر الأكاديمية في محيط منزل الدندل بالبوكمال، ليسيطر عليها المسلحون العشائريون.
وقال المصدر، إن “الشيخ أيمن الدندل الذي كان قبل فترة قصيرة في العاصمة دمشق وأجرى اجتماعات مع قادة أمنيين، اشترط إنهاء أي تواجد لـ “الحرس الثوري” الإيراني والفصائل الموالية له في مدينة البوكمال من أجل وقف التصعيد وذلك بتحريض من الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية”.
صراع نفوذ روسي إيراني
ورغم انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، إلا أن تقارير أشارت إلى أنها “أصبحت جزءاً من حالة الاستقطاب التي تشهدها سوريا إلى جانب إيران، في ظل المتغيرات التي شهدتها المنطقة وتصاعد التهديدات والهجمات الإسرائيلية على مواقع “الحرس الثوري” والفصائل المدعومة منه في الأراضي السورية، والحديث عن تقلص وجود “حزب الله”، بعد بدء التصعيد الإسرائيلي ضده في لبنان”.
إضعاف فصائل موالية لها.. هل تجبر إسرائيل دمشق على الابتعاد عن إيران؟
ويؤيد هذه التقارير، ما كشف عنه ضابط بالقوات الحكومية من داخل مطار الحمدان بمدينة البوكمال لـ”963+”، أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن “روسيا تضغط على الحكومة السورية لإخراج الحرس الثوري من المطار”، مشيراً إلى أن “الضغط الروسي يهدف لتمكين دمشق من تقليل اعتمادها على إيران وتعزيز سيادتها على المواقع الاستراتيجية”.
ويُعتبر مطار الحمدان قاعدة عسكرية مهمة تسيطر عليها قوات “الحرس الثوري”، حيث تم استخدامه كنقطة انطلاق لنقل التعزيزات العسكرية والإمدادات إلى الفصائل الموالية لطهران في المنطقة. وقد زادت أهمية المطار إثر تصاعد الأنشطة العسكرية الإيرانية، مما أثار قلق موسكو، التي تسعى إلى تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، بحسب المصدر.
سبق ذلك بأيام، مطالبة ضباط من القوات الروسية للفصائل الموالية لإيران بإخلاء مواقع حساسة في محيط مطار دير الزور العسكري، مثل مبنى التنمية في حي هرابش وعدد من المقرات في حي الموظفين وشارع بورسعيد ونقلها إلى مناطق أقل أهمية مثل جبل ثردة وبادية دير الزور، بحسب ما كشف حينها مصدر عسكري لـ”963+”.
هجمات إسرائيل
ومنذ بدء إسرائيل هجماتها في سوريا قبل أكثر من عقد، تحدث مسؤولون إسرائيليون وروس، عن تنسيق مع روسيا بشأن هذه الهجمات، التي تأتي “في سياق اتفاق غير معلن بين تل أبيب وموسكو يسمح للأخيرة بمواصلة عملياتها لضمان أمنها القومي، ما يحد من التحركات الإيرانية قرب هضبة الجولان”، بحسب تقرير نشر في معهد واشنطن للدراسات في وقت سابق.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية قد كشفت في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أن “الرئيس السوري بشار الأسد يدعم فكرة منع إيران من إمداد حزب الله بالأسلحة عبر سوريا، لأنه أصبح مستاءً من الوجود الإيراني في دمشق، وأن الإدارة الأميركية تبدو مستعدة لمنح الأسد بعض المزايا إذا تمكن من إيقاف تدفق الأسلحة لحزب الله، على أساس خطوات إيجابية مقابل خطوات إيجابية”.
يشار، إلى أنه وبحسب إحصائيات لمراكز حقوقية سورية، ينتشر في مدينة البوكمال التي أصبحت ساحة للتوترات مؤخراً، نحو 1000 عنصر موال لإيران موزعون بين “الحرس الثوري” و “حزب الله” اللبناني و”فاطميون” و “أبو الفضل العباس” و”النجباء” و”عصائب أهل الحق” و “الفوج 47”.