مع مرور شهر واحد على إطلاق وزير الداخلية اللبنانية، بسام المولوي، لـ”خارطة طريق لتنظيم الوضع القانوني للسوريين وآلية عودتهم إلى بلادهم”، لا تزال تلك الخارطة محط اهتمام من قبل اللبنانيين عامة، كما السوريين المعنيين بها خاصة.
والخارطة تلك، كان أعلن عنها الوزير في الرابع من آذار/مارس الماضي، قائلاً أنها تتضمن “إطاراً زمنياً وتتكوّن من مراحل”، من دون أن يُعطي أي تفاصيل محددة، مكتفياً بالإشارة إلى مخاطر النمو السكاني للجوء السوري “الذي وصل إلى 4 في المئة سنوياً متخطياً ذاك اللبناني بحوالي الضعف”.
على وقع الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها لبنان منذ نهاية عام 2019، والمناوشات العسكرية الدائرة في الجنوب قرب الحدود مع إسرائيل، يزداد سعي الحكومة لمعالجة ملف اللجوء السوري الذي أكمل عامه الثالث عشر، والذي تقدر “مديرية الدراسات والمنشورات اللبنانية” كلفته السنوية على لبنان بحوالي 4.5 مليار دولار أميركي.
ضمن هذه الخارطة، أعلن وزير المهجرين في الحكومة اللبنانية، عصام شرف الدين، في 4 نيسان/إبريل الحالي عن جهوزية “أول قائمة تجمع 2000 نازح سوري قبلوا العودة إلى بلادهم”، وأكد أنه تم إرسال تلك القائمة إلى الجانب السوري لأخذ موافقته على الأسماء قبل بدء التنفيذ.
وفي حديث خاص مع موقع “963+”، رأى رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب اللبناني، النائب ميشال موسى، أنه “من المهم الالتزام بمبدأ العودة الطوعية تماشياً مع المعايير والقوانين الدولية”، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن التجارب السابقة “أظهرت أن الالتزام بهذا المبدأ لم يُفضي إلى نتيجة ملحوظة لأن الأعداد التي وافقت على العودة الطوعية كانت قليلة قياساً بالعدد الموجود في لبنان”.
وتشير أرقام المنظمات الدولية إلى أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يبلغ حوالي 800 ألف، لكن إحصاءات “لجنة الاقتصاد والتجارة” اللبنانية تفيد أن “الرقم الإجمالي للنازحين في لبنان يبلغ حوالي مليونين و100 ألف نازح”.
وأضاف موسى أن “الجهات المعنية بضبط الحدود تحاول قدر المستطاع وقف اللجوء غير الشرعي، إلا أن طول الحدود يزيد من صعوبة ضبطها بشكل كامل”. كما أشار إلى أن غياب الحرب عن جزء كبير من الأراضي السورية “ينفي الحاجة إلى المكوث في لبنان، لذلك فإن قسم من هؤلاء السوريين يرفضون العودة لأسباب أخرى غير مرتبطة بالحرب”.
وتمتد الحدود اللبنانية – السورية على طول 340 كيلومتر، حيث تنتشر أفواج برية مختصة تساندها ألوية أخرى، إضافة إلى 39 برج مراقبة “من أجل مراقبة الحدود من الأعمال غير الشرعية كالنزوح والتهريب”، بحسب الجيش اللبناني.
مؤخراً، كاد لبنان أن يدخل في أزمة دبلوماسية مع دولة قبرص، بسبب تزايد وصول قوارب تحمل نازحين سوريين من لبنان، والتي قدّر الجيش اللبناني أن عددها يفوق الـ160 محاولة انتقال غير شرعي عبر قوارب من لبنان في السنة الماضية فقط.
ورأى موسى أن الدول الأوروبية “لديها حساسية تجاه النزوح واللجوء إلى أراضيها”، مؤكداً أن المسؤولية تقع، بجزء منها، على عاتق المجتمع الدولي والقيّمين على المنظمات الدولية والأمم المتحدة لـ”ترجمة تحسّسهم من خلال المساهمة ومساعدة لبنان في حلٍّ أسرعٍ للمشكلة والضغط تجاه عودة النازحين إلى بلدهم، خاصة وأنهم يستطيعون ترتيب الأوضاع الأمنية وتأمين الإمكانيات المالية لإعادة إعمار بعض المناطق السورية المهدّمة.”
وأكمل موسى حديثه لموقع “963+” قائلاً أن لبنان كان “منصفاً إنسانيّاً تجاه النازحين طوال مدّة وجودهم، فلم يلجأ إلى وسائل استثنائية كالعنف أو الترهيب لإبعادهم”، مضيفاً أن لبنان بات يعيش أزمات سياسية واقتصادية ويُعتبر منهكاً في تأمين احتياجات مواطنيه اللبنانيين، “ولا يمكنه تحمّل واجب كبير آخر وهو تأمين احتياجات اللاجئين السوريين على أرضه”.
هذا وأكد موسى أن “حلّ أزمة اللجوء يتطلّب قراراً سياسياً جدّياً يقرّ مسألة عودة اللاجئين السوريين بصورة آمنة”.
أمّا بالنسبة للجانب السوري، يوضّح موسى أنّه بالرغم من تباين النظرة بين لبنان وسوريا في عدة مسائل سياسية، إلّا أن “مسألة عودة اللاجئين إلى موطنهم تتطلّب منهما الحوار المشترك”، مؤكداً أن هذا الأمر يساهم في “تخفيف عبء النزوح عن لبنان وتأمين حياة نزيهة وكريمة للسوريين في الوقت نفسه”.
في هذا الإطار، غالباً ما تُعبِّر الحكومة اللبنانية ووزرائها عن إمكانية تشكيل وفد وزاري ليزور سوريا من أجل التفاوض الجدّي حول عودة النازحين، إلا أن أي زيارة رسمية لم تتم بعد.
ختاماً، أكد موسى أن لجنة حقوق الإنسان التي يرأسها “تتابع بدقة موضوع اللاجئين بصفتها مراقِبة لأعمال الحكومة التنفيذية وموضوع تطبيق آلية عودتهم”، مشدداً على أهميّة احترام حقوق الإنسان السوري وحقه في العيش في بلده بشكل كريم ومناسب.