يخفق علي سعيد ٥٢ عاماً، هو رب أسرة مكونة من خمسة أشخاص، من التوفيق بين راتبه الوظيفي غير الكامل، وتأمين وجبة طعام متكاملة لعائلته.
ويتحسر الرجل في حديثه لموقع “963+” على الوضع المعيشي ويقول: “منذ عامين لم تدخل اللحمة الحمراء إلى منزلي، فسعرها اليوم يصل إلى ٢٠٠ ألف ليرة للكيلو غرام، وهي تعادل ٧٥% من راتبي الحكومي، الذي لا أقبضه كاملاً، لأنني أخذت قرضاً منذ عامين، أما الفروج فآخر مرة اشتريت نصف كيلو غرام صدر، كانت منذ شهرين، لأن سعر الكيلو غرام منه يتراوح ما بين ٦٠ إلى ٨٥ ألف ليرة، في حين أصبح نصيب الفرد من أسرتي بيضة واحدة أسبوعياً، لأن سعر طبق البيض وصل إلى أكثر من ٦٠ ألف ليرة”.
فالبيضة أصبحت رمزاً للأمل والرغبة في الأمور البسيطة بين الأطفال السوريين. يرونها فقط في الأسواق، وهي تمثل أكثر من مجرد طعام. فهو غني بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة وغيرها من الفوائد الصحية.
وتعاني الأسر السورية من تناقص مستمر في المواد الغذائية على موائدها، فتركيبة الغذاء يتم تعديلها بشكل مستمر عن طريق التخلي عن المواد التي يرتفع سعرها يوماً بعد يوم، حتى أصبح الحصول على بيضة يومياً نوعاً من الرفاهية. وأصبحت غالبية العائلات تضحي بجودة غذائها معتمدة على مليء البطون فقط.
ولدى السيدة ولاء علي ٣٥ عاماً، طفلين، تضيف إلى ما قاله سعيد: “بالنسبة لأطفالي هم في مرحلة عمرية يحتاجون خلالها إلى الحليب ومشتقاته، لكن ورغم أني وزوجي نعمل فلا نستطيع تحقيق دخل يمكننا من تأمينه كما يجب، أو كما كان أهلنا يقدمونه لنا في مرحلة الطفولة”.
وتعدد السيدة بعض أسعار المواد الغذائية، “سعر كيلو الحليب اليوم يصل إلى ٧٥٠٠ ليرة، وسعر عبوة لبن وزن ٧٠٠ غرام يبلغ ٨٥٠٠ ليرة، وكيلو غرام الجبن يبدأ من ٣٥ ألفاً، ويصل إلى أكثر من ٧٥ ألف ليرة، لذلك تدخل هذه المواد إلى بيتنا في المناسبات، أما الحلويات فلم نعد قادرين على تحمل سعرها منذ زمن طويل”.
البروتينات النباتية بديلاً
اختصاصية التغذية يارا العيسى، تؤكد، أنه لا يمكن المقارنة بين قيمة البروتين الحيواني والنباتي، لكن لنرفع فائدة البروتين النباتي يوجد إجراء مثل إضافة عصير الليمون ضمن شوربة العدس فهو غني بفيتامين C، فيزيد من عامل الهضم والامتصاص للبروتين النباتي ويجعله مشابهاً كثيراً للبروتين الحيواني.
وتبين الاختصاصية لـ”963+”، أنّه في ظل الصعوبات المعيشية وعدم القدرة الشرائية، بات تأمين اللحوم الحمراء أو الفروج صعب جداً، لذلك يستعين الغالبية بمصادر نباتية بحكم رخص سعرها قياساً باللحوم، وتوافرها بشكل كبير، فالبروتينات النباتية مغذية، إلّا أنّ بعضها قد يكون له طعم وقوام مميز، والبعض الآخر قد يكون أقل قابلية للذوبان وأصعب في الهضم، لذلك من الضروري تحضير البروتينات النباتية بطريقة تعزز نكهتها واستساغتها.
وتوضح العيسى، أن انخفاض تناول البيض والحليب ومشتقاته أثر على الأسر السورية صحياً، إذ ازدادت الإصابة بالكسور لدى كبار السن لنقص الكلس، كما أثر على نمو الأطفال، وازدادت الأمراض المرتبطة بسوء التغذية، وحالات التسمم والأمراض الناجمة عن الغش الكبير في المواد الغذائية والتلاعب بمواصفاتها لتصبح أسعارها مناسبة لدخل الأسرة السورية على حساب الجودة.
اقتصادياً
وفي تقييمه للحياة وسط الهوة السحيقة بين الأسعار والأجور قال الخبير الاقتصادي أحمد العبدالله، إنه “لا أرقام رسمية في سوريا عن الوضع المعيشي، ليس لأنها صعبة أو لضعف الإمكانيات البشرية لجمع مثل هذه البيانات، لا بل لأنها تدين الجهات التنفيذية، وتؤكد فشلها في إدارة الملفات الاقتصادية وبالتالي المعيشية”.
وأضاف العبدالله لـ”963+”: “ما يهمنا هو وضع الأسر السورية التي تغيرت لديها الكثير من العادات الغذائية، وأصبحت بسبب الضغوط المعيشية تترك الكثير من المواد الغذائية الأساسية في كل فترة، بسبب غلائها وعدم قدرة الرواتب والأجور على مجاراة الارتفاعات والقفزات الكبيرة في الأسعار، الناجمة عن مستويات قياسية من التضخم الذي يصفه أغلب الاقتصاديين السوريين بالجامح”.