دمشق
تتواصل مطالب وزارة العدل في الحكومة السورية من “مجلس الشعب” بمنح الإذن من الأخير من أجل ملاحقة عدد من أعضائه قضائياً، لارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون.
وقال مصدر في وزارة العدل السورية لصحيفة حكومية إن “وزير العدل، أحمد السيد، سبق له خلال الأشهر الماضية إرسال عدة كتب إلى “مجلس الشعب” تطالب جميعها منح الإذن بالملاحقة القضائية بحق عدد من أعضاء المجلس لارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون”.
وأضاف المصدر للصحيفة أن “المجلس لم يتخذ حتى اللحظة أي إجراء بحق هؤلاء الأعضاء لناحية منح الإذن، وتسبب ذلك بإعاقة عمل السلطة القضائية”.
وهذه المطالب أعادت الحديث عن ملف هدر 300 ألف ليتر مازوت عام 2023، إذ وجه وزير العدل كتابًا إلى رئيس “مجلس الشعب”، حموده الصباغ، في 17 من كانون الثاني / ديسمبر 2023، يطلب فيه النظر بإمكانية منح الإذن في الملاحقة القضائية بحق عضو في مجلس الشعب بالقضية الجمركية رقم “1064”، متعلقة بمخالفة التصدير تهريباً لمادة المازوت.
وذكرت صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة أن عضو مجلس الشعب المذكور فؤاد علداني متهم بتهريب مادة المازوت وتسبب بهدر كمية 300 ألف ليتر مازوت في أراضٍ زراعية تهرباً من ملاحقة الجمارك.
ونقلت عن مصادر في “المجلس” إمكانية أن ينظر المجلس في كتاب وزير العدل ويستدعي العضو المتهم للاستماع إلى أقواله، وبناء عليه اتخاذ الإجراءات القانونية والتشريعية المناسبة بحقه.
وفي السياق، قال عضو مجلس الشعب ناصر الناصر اليوم الخميس، إن “الأغلبية المطلقة في المجلس أعطت الموافقة على طلب منح الإذن بالملاحقة القضائية لفؤاد علداني بقضايا تهريب وفساد تتعلق بالمشتقات النفطية وأخرى جمركية، وليس رفع الحصانة عنه، وإنما رفع جزئي ليمثل أمام القضاء”.
وأضاف الناصر لإذاعة محلية، أن 135 عضواً من مجلس الشعب وافقوا على الإذن، بينما رفضه 40 عضواً، وهو واحد منهم، مشيراً إلى أن علداني سبق وأعطي مهلة لإثبات براءته، وحينها كانت المعطيات التي تقدم بها بأنه لا يملك خزانات تتسع لـ300 ألف ليتر بنزين، ولديه كازية واحدة، إلى جانب أنه يعاني من نقص بالمادة.
وذكر الناصر أن رفع الحصانة يحصل عند الجرم المشهود، مثل “حادث سير أودى بحياة شخص، قتل متعمد، أو ممنوعات تخص أمن البلد”.
و تعود قضية إهدار 300 ألف ليتر من المازوت إلى كانون الثاني / يناير 2023، حين أعلنت وزارة النفط أن مديرية مكافحة التهريب في الجمارك، ضبطت محطة وقود خاصة في حلب تتلاعب وتتاجر بالمازوت من خلال وجود خزانات سرية في المحطة سعة 190 ألف ليتر وصهاريج بسعة 136 ألف ليتر.
وذكرت وزارة النفط حينها، أن المادة التي تم ضبطها تُقدر بحوالي 19 ألف ليتر من مادة المازوت، وتخلّص القائمون على المحطة من 300 ألف ليتر من مادة المازوت في أرض زراعية قريبة من المحطة قبل وصول الجمارك واللجنة بساعات.
وأثارت الحادثة جدلًا واسعاً وتحوّلت إلى قضية رأي عام، لأن محطة الوقود تتبع لعضو “مجلس الشعب” فؤاد علداني، وأن الإهدار تزامن مع أزمة نقص في المحروقات كانت “الأسوأ“، وانعكست على حياة السوريين، وعصفت بقطاعات حيوية، وأوقفت مؤسسات وأنشطة بمختلف المجالات عن العمل في أنحاء البلاد.
و منذ عام غابت القضية عن نطاق التداول الإعلامي، وحتى في أروقة “مجلس الشعب” الذي أجرى اجتماعاً في ديسمبر 2023 للاستماع إلى النائب فؤاد علداني، وإحالة الملف إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لدراسته وتقديم مقترحها لرئيس المجلس برفع الحصانة عن النائب من عدمه.
وقال مراسل “963+” إن “فؤاد محمد صبحي علداني ينحدر من مدينة بنش بريف إدلب الشرقي والمولود فيها عام 1977، ويتقلد منصبه الحالي منذ 2020، وهو قائد فصيل عسكري يدعى “نمور الأسد” تابعة لـ ”قوات النمر/ الفرقة 25 قوات خاصة” في القوات الحكومية، بحسب منظمة “مع العدالة“.
والجدير بالذكر أن سوريا احتلت المركز الأخير ضمن قائمة البلدان الأقل فساداً، وفق تصنيف منظمة “غلوبال ريسك” لعام 2023، المتخصصة في خدمات إدارة المخاطر.
وبحسب التصنيف الصادر في 8 من يناير 2023، تقع سوريا في المركز 196 أخيراً من بين الدول المصنّفة بعد اليمن وجنوب السودان والكونغو وكوريا الشمالية.
و قالت السفارة الأمريكية في سوريا بتاريخ 9 من كانون الأول / ديسمبر 2023، إن “سوريا لا تزال تصنف كواحدة من أكثر الدول فسادًا في العالم”.
وأوضحت عبر حسابها على “إكس” أن الانكماش الاقتصادي في سوريا سببه الإدارة والفساد الذي تتحمل الحكومة مسؤوليته، مشيرة إلى عدم الانخداع بأحاديثها.