خاص – دمشق
يُعتَبَر الذهب حافظاً للقيمة، يلجأ إليه الناس لحفظ قيمة أموالهم النقدية خوفاً من تداعيات تحرّك أسعار الصرف نزولاً، سيّما في الأزمات السياسية والاقتصادية، كالتي تحصل راهناً في لبنان وسوريا.
وعلى مبدأ العبارة الشهيرة “شعب واحد في بلدين”، التي قالها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، بات هناك “أزمة واحدة في بلدين”. فانهيار الليرة وانتكاسة القدرة الشرائية للرواتب، سمة مشتركة، وكذلك غياب الإجراءات الحكومية الصحيحة التي من شأنها تخفيف تداعيات الأزمة.
وعليه، فإن النظرة للذهب في لبنان وسوريا، واحدة. ولذلك، يلجأ مَن لديه القدرة المادية، إلى شراء الذهب. والباقون ينظرون بحسرة، بل يذهب بعضهم لبيع ما لديه من مصاغ ذهبية، لاستعمال ثمنها في الاستهلاك.
وفي المناسبات والأعياد، من المفترض أن تتحرّك قليلاً حركة سوق الذهب. لكن في فترة عيد الأم، لم يشهد سوق الذهب في لبنان وسوريا حركة تُذكَر. بل غاب الإقبال على الشراء في لبنان وفق ما يقوله نقيب معلّمي صناعة الذهب والمجوهرات، بوغوص كورديان، الذي لفت النظر في حديث إذاعي، إلى أن القدرة الشرائية الضئيلة للمواطنين والطبقة المتوسطة التي باتت شبه غائبة في المجتمع، هي السبب في تراجع الإقبال.
في الوقت عينه، نشطت حركة بيع الذهب بهدف تحقيق الأرباح مع ارتفاع أسعاره عالمياً ووصول سعر الأونصة إلى نحو 2200 دولار.
على الضفة الأخرى، لم يكن الوضع أفضل. فحجم الطلب على الذهب في سوريا لم يتغيَّر وبقيت المؤشّرات ضمن الحد الأدنى. والسبب الأول لهذا الركود، هو غياب القدرة الشرائية للمواطنين.
وعلى سبيل المثال، وصل سعر غرام الذهب عيار 18 قيراط إلى نحو 737 ألف ليرة، وسعر الغرام من عيار 21 قيراط نحو 860 ألف ليرة، في حين وصل سعر الأونصة إلى نحو 32 مليون ليرة. وفي مقارنة مع رواتب الموظفين، فإن معدّل الرواتب الشهرية ما زال أقل من سعر الغرام الواحد من عيار 18 قيراط. ما يجعل شراء الذهب من قِبَل الشريحة الأوسع من السوريين، ضرباً من الخيال.
ووسط ارتفاع أسعار الذهب وانهيار قيمة العملة في لبنان وسوريا، نشطت عمليات تزوير الذهب وبيع المصاغ المغشوشة. ووصل الأمر إلى تزوير الأونصات والليرات الذهبية. فالكثير من عمليات التوقيف التي قامت بها القوى الأمنية اللبنانية، أفضت إلى كشف شبكات تصنيع أونصات وليرات ومصاغ ذهبية مزوّرة. وبعضها يأتي بأونصات وليرات مزوّرة من العراق وسوريا. الأمر الذي دفع بعض مؤسسات تصنيع الذهب إلى وضع الأونصات بغلاف محدّد يحتوي على رقم تسلسلي لكل أونصة، لحفظ حق الصائغ والزبون على حدّ سواء.
على صعيد عالمي، تخطّى سعر الأونصة 2200 دولار، مدفوعة بإبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على توقعاته لخفض أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية 3 مرات خلال العام الحالي.