خاص
لم تسجّل الأسواق في سوريا عموماً، تغييرات كبيرة تذكر، رغم قدوم شهر رمضان، حيث تشهد فيه الأسواق حركة نشطة. ويرى المستهلكون والباعة أن سبب جمود الأسواق هو انعدام القدرة الشرائية لدى النسبة العظمى من المواطنين.
وأوضح أحد بائعي المواد الغذائية في سوق الميدان الشعبي بدمشق، أن حركة السوق لا تزال في حدودها الدنيا، ولا تقارن بما كان معتاداً في المواسم الرمضانية السابقة، إذ كان تجهيز مستلزمات المائدة الرمضانية يبدأ باكراً بعض الشيء، أما الموسم الحالي فإن الحركة كانت ضعيفة ويمكن مقارنتها بالأيام العادية الأخرى.
ونوه لموقع “963+” إلى أن أغلبية المواد الغذائية، كالسكر والرز والزيوت والسمنة وغيرها، “شهدت استقراراً نسبياً في أسعارها مؤخراً مع التحسن الذي شهدته أسعار الصرف، ما قد يشجع على تنشيط الأسواق التي تشهد وفرة في المعروض من المواد الغذائية والسلع الأساسية”.
انخفضت الكميات
وللحديث عن أسعار الفواكه والخضروات شأن آخر، يقول سمير وهو بائع خضروات في منطقة المزة لـ”963+”: “هناك إقبال جيد على شراء الخضروات وإن كانت الكميات التي يطلبها الزبون انخفضت إلى أكثر من النصف، ولعل أكثر أصناف الخضر المطلوبة حالياً هي البطاطا والتي يبلغ سعر الكيلو منها 8 آلاف ليرة، تليها البندورة والتي تباع بسعر 7 آلاف ليرة”، أي ما يعادل نحو نصف دولارٍ أميركي.
ويشير سمير إلى أن هناك أصناف خضروات “ممنوع الاقتراب منها من قبل الكثير من المواطنين لاسيما الفاصولياء الخضراء فالكيلو منها وصل سعره إلى 37 ألف ليرة وأكثر، والثوم صعدت أسعاره إلى 70 ألف ليرة”.
وتنتشر في أسواق دمشق أصناف عدة من التمور، ويبدأ سعرها من 26 ألف ليرة ويصل إلى 200 ألف ليرة، ويشير بعض المهتمين بالأسواق إلى أن التمور رخيصة السعر عادة ما تكون مخزنة.
وفيما يخص أسعار الفروج انخفض خلال الفترة الماضية ولمدة محدودة “بعد دخول هذه المادة تهريباً من لبنان إلى الأسواق المحلية، لكن فور ضبط عمليات التهريب عاود الفروج إلى الارتفاع من جديد، ليصل اليوم الكيلو غرام إلى 50 ألف ليرة”، بحسب أحد التجار.
أما اللحوم الحمراء فيباع كيلو الخاروف الحي حاليا في سوق الرحيبة بسعر 78 ألف ليرة، وكيلو اللحم الكامل دهن بعظمه بسعر 140 ألف ليرة، واللحم الذي تكون فيه نسبة الدهن 25 بالمئة يباع بسعر يتراوح بين 210- 220 ألف ليرة، علما أن تسعيرة التموين حددته بسعر 180 ألف ليرة، أما هبرة العجل فالكيلو يباع بسعر 190 ألف ليرة، والمسوفة بين 120- 130 ألف ليرة، بحسب التاجر.
العين بصيرة
وقال عضو في مجلس الشعب السوري (البرلمان) في تصريحات لـ”963+”، أن ما يميز أسواق رمضان لهذا العام هو توفر المواد الغذائية بكثرة، بمختلف أصنافها. “ولكن السمة العامة هي التلاعب بالأسعار، واستغلال رمضان للتلاعب بأسعار السلع، الأمر الذي يخلق أزمة غير مبررة بهدف زيادة الأسعار والأرباح”.
وشدد عضو مجلس الشعب، على ضرورة أن تقوم الجهات الحكومية المختصة في هذا المجال وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك “بإظهار خطتها التي يجب أن تكون أعدتها قبل دخول رمضان سواء من حيث تأمين المواد والسلع أو ضبط الأسعار بشكل واقعي وحقيقي”.
وتقتصر تجهيزات شهر رمضان على السكان الذين لديهم أقارب مغتربين يرسلون لهم حوالات مالية، وبعض الميسورين من التجار وأصحاب رؤوس الأموال، بينما البقية الذين يشكلون غالبية الأهالي لا يمتلكون أكثر من قوت يومهم بالحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية.
ويعيش سكان سوريا واقعاً اقتصادياً ومعيشياً متردياً، ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق نحو 279 ألف ليرة، بينما يبلغ متوسط تكاليف المعيشة أكثر من 10.3 مليون ليرة سورية، والحد الأدنى لتكلفة المعيشة 6.5 مليون ليرة.
ويتذمر سعيد السمان من سكان السويداء، من ارتفاع أسعار الخضروات والمواد الغذائية، فوجبة السحور تكلف ما يقرب من 100 ألف ليرة سورية، ويتساءل: “كيف سيعيش الأهالي وكيف سيتدبرون أمورهم؟
وقال عبد الرزاق حبزة، أمين سر “جمعية حماية المستهلك” التابعة للحكومة السورية، إن تكلفة السحور الرمضاني لعائلة مكوّنة من 5 أشخاص تبلغ 100 ألف ليرة سورية (7.6 دولار أميركي) في اليوم الواحد، بينما تتراوح التكلفة الشهرية بين 7-8 مليون ليرة سورية (538-615 دولار أميركي)، وتشمل الإفطار والسحور.
تفاوت سعر صرف الدولار
ولا تخلو أسواق محافظة إدلب، من غلاء الأسعار ما قبل شهر رمضان، فأهالي المنطقة يستعدون لمثل هذه الارتفاعات بالأسعار.
يتفاوت سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة التركية ووصولها إلى أدنى مستوياته منذ بدء التعامل فيها شمال غربي سوريا، حيث بلغ الدولار الواحد 34 ليرة تركية كرقم قياسي جديد، هذا الانخفاض في سعر الصرف أثر سلباً على أسعار السلع والمواد الغذائية الخاصة بالشهر الفضيل وأهمها اللحوم والتمور ولحم الدجاج.
مازن قره محمد، جزار يعمل في سوقٍ شعبي بمحافظة ادلب يقول لـ”963+”: “غلاء الأسعار قبيل شهر رمضان المبارك اعتدنا عليه، وبالنسبة للحوم فارتفع سعر لحم الضأن من 350 ليرة تركية للكيلو الواحد إلى 420 ليرة ما يمنع الناس من شرائه”.
وفي إدلب يتمّ تداول العملة التركية عوضاً عن الليرة السورية منذ سنوات.
وتنتشر البطالة وسط ضعف المردود المادي لدى أهالي شمال غربي سوريا، ما يزيد من معاناتهم في الشهر الفضيل.
ويعمل ياسر الحمصي وهو أحد أهالي مدينة إدلب، على بسطة صغيرة لبيع الخضار في سوق الخضار في المدينة، يقول: “مع ارتفاع الأسعار أصبحت حركة البيع والشراء ضعيفة جداً خلافاً على ما يجب أن تكون عليه”.
ويضيف الحمصي لـ”963+”، أن قلة العمل والبيع والشراء “تقلل من مدخولي اليومي، أي أنني يجب أن أقتصد في أشياء كثيرة خلال الشهر المبارك، فيجب أن أسعى لتأمين قوت أطفال فقط على مائدة الإفطار”.
ولم تكن شمال شرقي سوريا ببعيدة عن إدلب، فارتفاع الأسعار في رمضان هذا العام مقارنة بالعام الماضي، انعكس سلباً على أصحاب الدخل المحدود.
ويعمل عبيدة ناصر صالح، كعامل مياومة في القامشلي، ويتذمر الرجل من زيادة تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة مع دخول شهر رمضان، فعمله لا يساعده على تحمل كل هذه التكاليف.