أنقرة
قُتِل ما لا يقل عن 71 امرأة في تركيا منذ بداية عام 2024 الجاري بينهنّ 7 نساءٍ قتلن في مناطقٍ متفرّقة من البلاد خلال يومٍ واحد أواخر شهر شباط/فبراير الماضي. ومع حلول اليوم العالمي للمرأة جددت منظمات نسائية وأخرى تدافع عن حقوق المرأة دعوتها للسلطات إلى العودة لـ “اتفاقية اسطنبول” التي تحمّي النساء من العنف الأسري بعد انسحاب تركيا منها رسمياً في تمّوز/يوليو من العام 2021 رغم الانتقادات الدولية الحادّة لأنقرة من حلفائها الغربيين إثر هذه الخطوة التي أثارت غضبها.
ووفق بيانات نشرتها منصّة “أوقفوا قتل النساء” وهي منظمة نسائية تركية غير حكومية تتعقب عمليات قتل النساء في البلاد منذ العام 2010، فقد قُتِلت كلّ أولئك النساء البالغ عددهن 71 منذ بداية العام الجاري، على أيدي الرجال وهم شركائهم الحاليين أو السابقين أو رجالٍ آخرين من أفراد عائلاتهن الذين أقدموا على قتلهن بسبب مطالبتهن بالانفصال عن الشريك أو لوجود خلافاتٍ مالية.
وتشير “المنصّة” التي تعد الأكثر شهرة في تركيا من بين المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان، إلى أن العام الذي انخفضت فيه معدلات قتل النساء على أيدي الرجال في البلاد منذ أكثر من عقدٍ مضى، هو عام 2011 الذي وقّعت فيه أنقرة على “اتفاقية اسطنبول”، ولذلك تتمسّك المنظمة النسائية بشدّة بالعودة لهذه الاتفاقية التي انسحب منها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إثر ضغوطاتٍ تعرّض لها من قبل مسؤولين “محافظين” في حزبه الحاكم “العدالة والتنمية”.
الحكومة الحالية تجد في النساء مربّيات للبيوت فقط
وقالت الأكاديمية التركية والنائبة السابقة في البرلمان التركي نسرين ناس في تصريحاتٍ خاصة لموقع “963+” إن “وضع المرأة في تركيا لا يتحسّن، حيث يتم إقصائها من الحياة الاجتماعية والاقتصادية يوماً بعد يوم، إلى جانب ضغط الدين والقيّم”، على حدّ تعبّيرها.
وأضافت ناس التي تُعرف على نطاقٍ واسع في البلاد كناشطة في مجال المجتمع المدني وكانت تقود في السابق حزباً سياسياً أن “جرائم قتل النساء تتزايد كلّ يوم إثر الإفلات من العقاب”، موجّهة الانتقادات للتحالف الحاكم في تركيا والذي يضمّ حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” اليميني المتطرّف، بشأن مقاربته لقضايا المرأة.
وتابعت أن “الحكومة الحالية تتجاهل حقوق المرأة كالتعليم وتدعم زواجها في سنٍّ مبكّرة من أجل ما تسمّيه وحدة العائلة، ولذلك لا ترى في النساء سوى مدبّراتٍ للبيوت”.
وخلال عام 2023 الماضي، قتُلِت 403 نساء في تركيا، في حصيلة مرتفعة مقارنة بمقتل 334 امرأة في البلاد في عام 2022، وفق ما تكشف الإحصاءات التي نشرتها منصّة “أوقفوا قتل النساء” على موقعها الرسمّي، والتي تفيد أيضاً أن 245 امرأة فارقن الحياة في “ظروفٍ غامضة” أو “مشبّوهة”.
جولة جديدة من الضغط على النساء في إيران
أما في إيران، فلا يختلف وضع النساء فيها عن تركيا، حيث تُقتل النساء أيضاً على أيدي الرجال، لكنها كذلك تُعدم من قبل السلطات بتهمٍ مختلفة ومتعددة، علاوة على تعرضها لضغوطاتٍ كبيرة تعيق وصولها إلى الخدمات العامة دون “حجاب”، وفق تقريرٍ أممي صدر قبل يومين.
وكشفت منظمة “العفو الدولية” قبل يومين أن السلطات الإيرانية بدأت جولة جديدة من الضغوط على النساء، إذ شددت من قيودها في فرض “الحجاب الإجباري” عليهنّ، وزادت من رقابتها على النساء في الأماكن العام وحكمت على بعضهنّ بالسجن والجلد والمشاركة الإجبارية في دروس “الأخلاق”.
واستندت المنظمة الأممية في تقريرها الصادر يوم السادس من آذار/مارس الحالي، على شهادات 46 شخصاً هم 41 امرأة، من بينهن واحدة عابرة جنسياً، وفتاة وأربعة رجال، إلى جانب مراجعتها لوثائق رسمية بما في ذلك أحكام المحاكم وأوامر من النيابة العامة.
واتّهمت “العفو الدولية” أجهزة “الدولة” بالتورط في اضطهاد النساء والفتيات لمجرد ممارستهن لحقوقهن في الاستقلالية الجسدية وحرية التعبير والمعتقد. ونشرت المنظمة مقتطفات من 20 من الشهادات لتقديم لمحة عن الواقع اليومي المخيف الذي تواجهه النساء والفتيات في إيران، معلنةً أن عشرات الآلاف من النساء تمّ احتجازهن لمجرد أنهن كن في سياراتهن دون حجاب.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “في محاولة تعيسة لإرهاق مناهضي الحجاب الإلزامي في أعقاب انتفاضة ’المرأة، الحياة، الحرية‘، تُرهب السلطات الإيرانية النساء والفتيات من خلال إخضاعهن للمراقبة والسيطرة الشُرطية المستمرة، مما يعطل حياتهن اليومية ويسبب لهن ضائقة نفسية هائلة. وتمتد أساليبهم القاسية من إيقاف النساء السائقات على الطريق وتنفيذ المصادرة الجماعية لسياراتهن إلى فرض أحكام بالجلد اللاإنساني وأحكام بالسجن”.
وأضافت أن “الاضطهاد المتزايد للنساء والفتيات يحدث قبل أسابيع فقط من الموعد المقرّر لتصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تمديد عمل بعثة تقصي حقائق مكلّفة بالتحقيق في الانتهاكات التي وقعت منذ وفاة مهسا/جينا أميني في الحجز، ولا سيما ضد النساء والأطفال. يجب على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة معالجة أزمة الإفلات من العقاب على الاعتداءات على النساء والفتيات، من خلال ضمان استمرار آلية دولية مستقلة في جمع الأدلة وتعزيزها وتحليلها، بهدف اتخاذ إجراءات قانونية في المستقبل”.
إعدام 22 امرأة العام الماضي ومقتل 122 منهنّ على أيدي الرجال
وفي العام الماضي، أُعدِمت 22 امرأة على الأقل في إيران في أكبر حصيلة لإعدام النساء منذ 10 سنوات، وفق تقرير حقوقي صدر قبل أيام عن منظمة “حقوق الانسان في إيران” ومقرها النرويج، و”التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام”، ومقره باريس.
وتعرضت النساء المدانات بانتهاك قوانين الحجاب في إيران إلى “عقوبات مهينة”، بما في ذلك إجبارهن على غسل الجثث لدفنها على الطريقة الإسلامية، وتنظيف المباني الحكومية، وفقاً لتقرير نشره المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران، جاويد رحمن، خلال آب/أغسطس 2023.
كما سجّلت منظمة “هنغاو” الحقوقية الإيرانية في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في إيران لعام 2023، مقتل ما لا يقل عن 122 امرأة على أيدي الرجال في عموم البلاد، منها 39 واحدة قُتِلن بذريعة “الشرف”.