مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في واشنطن، تصدرت غزة مجدداً واجهة الأحداث، حيث بدأ الرئيس الأميركي بطرح خطط توصف بأنها “خطيرة” وتمتد آثارها إلى المنطقة بأسرها. وتشير التصريحات والتقارير إلى أن ترامب يسعى لإعادة تشكيل الواقع السياسي في الشرق الأوسط، مستخدماً أدوات الضغط السياسي والاقتصادي لتحقيق أهدافه.
وكرر الرئيس الأميركي حديثه عن “التهجير المؤقت” للفلسطينيين من قطاع غزة، والذي قد يمتد لفترة غير محددة، مع إمكانية توطينهم في مصر والأردن. وأوضح ترامب أنه قدّم مساعدات مالية وسياسية للبلدين، متوقعاً أن يستجيبا لطلبه، وهو ما قوبل بالرفض القاطع من قبل السلطات والشعوب في البلدين.
وفي هذا السياق، استنكرت دول عربية وغربية الخطة التي تهدف إلى إبعاد سكان غزة عن أراضيهم. ونقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مستشار مقرّب من ترامب قوله إن الرئيس الأميركي “يحرك الخطوط الحمراء” ويدفع باتجاه تنفيذ خطته للشرق الأوسط رغم المعارضة الواسعة.
وأشار المستشار إلى أن “ترامب لا يخشى العناوين الكبرى ولا آراء الخبراء والمحللين”، مؤكداً أن الرئيس الأميركي “أرسل رسالة واضحة إلى الشرق الأوسط مفادها أنه قادر على جعل الأمور أكثر تعقيداً، وفي الوقت ذاته يستطيع تقديم بدائل تبدو أفضل من وجهة نظره”.
اقرأ أيضاً: بين الخوف والأمل.. السوريون يواجهون إرث الفصائل الإيرانية بعد سقوط النظام
تصريحات ترامب حول غزة: السيطرة وإعادة الإعمار
خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، مشدداً على ضرورة تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة والأسلحة الخطيرة في المنطقة. وأضاف أن “الوجود الأميركي في غزة سيكون لضمان عدم عودة الفوضى”.
ووفقاً لما نقلته “إندبندنت” عن مصادر سورية، فقد اقترح مسؤولون أميركيون على الإدارة الانتقالية السورية استضافة آلاف الفلسطينيين من غزة في مدن جديدة تُبنى ضمن مشاريع إعادة الإعمار، مع تقديم دعم أميركي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك ما يقارب 450 ألف فلسطيني يعيشون في سوريا منذ عقود، أغلبهم في مخيم اليرموك قرب دمشق، حيث لم يحصلوا على الجنسية السورية للحفاظ على حقهم في العودة إلى فلسطين. وقد أثيرت مؤخراً شائعات حول إمكانية منح الجنسية السورية للفلسطينيين المقيمين هناك وإلغاء المخيمات.
استغلال الموقف السوري: حسابات سياسية معقدة
يرى مراقبون أن ترامب قد يستغل الوضع السوري وحاجة رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى الاعتراف والدعم الدولي، خاصة بعد رفض مصر والأردن استقبال الفلسطينيين المهجرين. ويؤكد بشار علي الحاج علي، السياسي والديبلوماسي السوري السابق المقيم في النمسا، أن “ترامب قد يجد في سوريا خياراً مناسباً لتمرير خطته، مستغلاً حاجة النظام السوري للدعم والتمويل”.
وأضاف الحاج علي لموقع “963+” أن “ترامب يسعى لتحقيق مكاسب سياسية داخلية واستعراض نجاحات ديبلوماسية من خلال إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة”، لكنه أشار إلى أن أي تحرك في هذا الاتجاه “قد يواجه مقاومة قوية دولياً وإقليمياً”.
اقرأ أيضاً: أسباب ودوافع.. لماذا قد تسحب واشنطن قواتها من سوريا؟
بدوره أشار علي زريق، المحلل السياسي المقيم في باريس، إلى أن ترامب طرح المشروع بسقف عالٍ جداً، مشدداً على توطين الفلسطينيين في دول أخرى بعيداً عن مناطق النزاع. لكن المشروع واجه رفضاً قاطعاً من فرنسا، الأمم المتحدة، والصين، بالإضافة إلى الموقف العربي الرافض للخطة بشكل قاطع.
وأوضح زريق في تصريحات لـ”963+” أن ترامب عاد لاحقاً لخفض سقف مشروعه، متحدثاً عن “تهجير مؤقت” للفلسطينيين بدلاً من التوطين الدائم، لكنه حذر من أن “التجارب السابقة أظهرت أن التهجير المؤقت غالباً ما يتحول إلى دائم”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “ترامب قد يضغط على القادة العرب بشكل مكثف لتنفيذ خطته، التي تصب في مصلحة إسرائيل بالكامل”، لكنه استبعد أن ينجح في ذلك، نظراً لرفض الشعوب العربية ولتعقيدات الملف السياسي.
اقرأ أيضاً: من التبعية إلى المصالح المشتركة.. سوريا تضع شروطها لروسيا
تصريحات ترامب حول غزة: طموح الهيمنة الأميركية
في تصريحات حديثة للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، أكد ترامب أنه “ملتزم بشراء وتملك قطاع غزة”، موضحاً أنه “قد يتيح لدول أخرى في الشرق الأوسط المشاركة في إعادة الإعمار، لكن تحت إشراف الولايات المتحدة”. وأضاف: “لا يوجد شيء للعودة إليه. المكان عبارة عن موقع هدم. سيتم هدم الباقي. سيتم هدم كل شيء”.
كما أبدى ترامب انفتاحه على السماح لعدد محدود من اللاجئين الفلسطينيين بدخول الولايات المتحدة، لكنه شدد على أن ذلك سيتم وفق معايير صارمة وعلى أساس كل حالة على حدة.
ويرى المراقبون أن خطة ترامب قد تؤدي إلى توترات داخلية وإقليمية واسعة النطاق، مع تصاعد الضغط على سوريا لتقديم تنازلات استراتيجية. وبحسب الحاج علي، فإن “التحركات الأميركية تهدف إلى إعادة إحياء عناصر من صفقة القرن، لكن بصيغة جديدة تتلاءم مع التغيرات السياسية الراهنة”.
من جانبه، يؤكد زريق أن “الرئيس السوري أحمد الشرع يواجه مهام جسيمة تتعلق بإعادة بناء الدولة والاقتصاد، ومن المستبعد أن يقبل بأي اتفاق يهدد استقرار سوريا الداخلي”.
وفي ظل الرفض العربي والدولي لخطة ترامب، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى قدرة الرئيس الأميركي على تنفيذ رؤيته للشرق الأوسط. وبينما يسعى لتقديم نفسه كلاعب رئيسي في حل القضية الفلسطينية، يواجه تحديات دبلوماسية وسياسية كبيرة قد تعيق تنفيذ خطته الطموحة.
مع عودة ترامب لاستلام سدة البيت الأبيض في واشنطن، عادت غزة واجهة الأحداث مجدداً، وبات الرئيس الأميركي يطرح خطط توصف بأنها “خطيرة” ولها آثار على المنطقة برمتها.
وكرر الرئيس الأميركي حديثه عن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم “بشكل مؤقت قد يطول”، وتوطينهم في مصر والأردن، مشيراً إلى أنه ساعد الدولتين وتوقع أن يستجيبا لطلبه الذي قُوبل بالرفض من السلطات والشعب في الدولتين.
واستهجنت دول عربية وغربية خطة ترامب التي تهدف إلى إبعاد الغزيين عن ديارهم، ونقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مستشار مقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قوله إن الرئيس يحرك الخطوط الحمراء، ويدفعها، لتنفيذ خطته في الشرق الأوسط.
وقال المستشار إن ترامب لا يخاف العناوين الكبيرة أو الخبراء والمتخصصين وما شابه، حيث وجه رسالة إلى الشرق الأوسط، مفادها أنه قادر على جعل الأمر أسوأ بكثير، وبذات الوقت يستطيع تقديم خططاً أفضل.
وكان ترامب قد قال مؤخراً، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، وستفكك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى في الموقع.
كما يرى المستشار الذي لم يكشف “أكسيوس” عن هويته أن “هناك عقبات هائلة أمام رؤية ترامب حول غزة والشرق الأوسط عامة”، مشدداً على أن الخسائر البشرية قد تكون كبيرة، خصوصاً وأن هناك 2 مليون فلسطيني يعتبرون القطاع موطنهم الأوحد ولم يوافقوا على الخروج، رغم الدمار الهائل الناجم عن 16 شهراً من الحرب.
فيما نقلت صحيفة “إندبندنت” عن مصادر سورية، حديثها عن اقتراح قدمه مسؤولون أميركيون للإدارة الانتقالية السورية، بشأن استضافة آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة في مدن سكنية جديدة تُبنى ضمن مشاريع إعادة إعمار سوريا، مع إسهام واشنطن في دعم عملية الاستقرار الاقتصادي بالبلاد.
وقالت الصحيفة: “يعيش نحو 450 ألف فلسطيني في سوريا في مخيمات عدة منذ عقود طويلة، غير أن المخيم الأكبر هو اليرموك الذي بُني عام 1957 خارج العاصمة دمشق، وعلى رغم أنهم يعيشون منذ عقود، فلا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية للحفاظ على حقهم في العودة إلى أراضيهم التي أجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948، وأخيراً أثيرت إشاعات في شأن منح الجنسية السورية للفلسطينيين المقيمين داخل سوريا وإلغاء المخيمات وتوزيع الفلسطينيين على المدن الكبرى”.
استغلال السلطة السورية
يعتقد بعض المراقبين في المنطقة أن ترامب ربما يستغل الوضع السوري وحاجة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الاعتراف والدعم الدولي. وبحسب الصحيفة فإن إصرار مصر والأردن على رفض قبول سيناريو التهجير يجعل سوريا الخيار الأمثل بالنسبة لواشنطن وتل أبيب.
بشار علي الحاج علي، سياسي ودبلوماسي سوري سابق يقيم في النمسا، يقول لموقع “963+”، إنه “من غير المستبعد أن يسعى ترامب لاستغلال حاجة الشرع للاعتراف والدعم، خاصة إذا رأى في ذلك فرصة لفرض رؤيته للمنطقة وإعادة ترتيب الأولويات الإقليمية بما يخدم مصالحه”.
ويرى أن ترامب تحقيق مكاسب سياسية داخلية عبر استعراض نجاحات دبلوماسية، وتعزيز نفوذ واشنطن في إعادة تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة، بما يتماشى مع استراتيجياته تجاه القضية الفلسطينية.
ويضيف أن “الأمر يعتمد على طبيعة الضغوط الدولية والإقليمية التي سيتعرض لها، لكنه سيكون حذرًا من اتخاذ موقف قد يهدد استقرار سورية الداخلي أو يؤدي إلى عزله سياسيًا، وأنا استبعد ذلك تماماً”.
ترى “اندبندنت” أن “الشرع يحتاج إلى الاعتراف الدولي، كما يحتاج إلى التمويل من أجل إعادة إعمار سوريا، كذلك فإنه (الرئيس السوري) يقف على يمين جماعة الإخوان المسلمين الذين يؤمنون بالأساس أن الأرض ليست الوطن بل الدين، وهنا يمكن الإشارة إلى أن سكان قطاع غزة مسلمون سنة، وربما هذا يفسر تصريحات ترمب الأخيرة بإرسال سكان غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى”.
ويشير الحاج علي إلى أنه على المدى القريب، قد تؤدي خطة ترامب إلى توترات داخلية وإقليمية ورفض شعبي واسع، بينما على المدى البعيد، قد تساهم في إعادة تشكيل التوازنات السياسية في المنطقة، مع تصاعد الضغوط على سورية لتقديم تنازلات استراتيجية.
ويقول: “رغم أن صفقة القرن لم تُنفذ بصيغتها الأصلية، فإن أي تحرك بهذا الاتجاه قد يكون محاولة لإحياء عناصر منها بطريقة تتناسب مع المتغيرات السياسية الحالية، وأرى أن ترامب سيسعى لذلك بشكل أو بأخر.
خطة مرفوضة
يقول علي زريق، محلل وكاتب سياسي يقيم في باريس، إن ترامب طرح المشروع بسقف عالٍ جداً، عبر توطين الفلسطينيين في دول أخرى بعيداً عن الحروب وإعادة بناء غزة.
لكن مشروع ترامب قوبل برفض فرنسي وأممي وصيني كذلك، بالإضافة إلى الموقف العربي الذي يرفض خطة ترامب بتاتاً، لكن الرئيس الأميركي عاد وخفض من سقف مشروعه بتهجير الفلسطينيين بشكل مؤقت ثم إعادتهم إلى ديارهم، بحسب زريق.
ويتوقع المحلل السياسي أن الأمر لن يتم بسهولة، إذ سبق أن هُجّر الفلسطينيين من ديارهم في وقت سابق، ولم يعودوا عليها، مشيراً إلى أنهم استفادوا من التجارب السابقة، بعد تهجير فلسطينيين إلى دول الجوار.
ورجّح زريق أن يضغط الرئيس الأميركي على الزعماء العرب بشكل كبير للقبول بتنفيذ خطته، التي تصب في مصلحة إسرائيل بشكل كامل، لكنه يرى في الوقت ذاته أن هناك عوائق تحول دون تنفيذ خطة ترامب وهي قبول جميع الزعماء.
ويشير إلى أن ترامب يبين أنه يفرض على مصر والأردن وسوريا دون نقاش، في المقابل هؤلاء الزعماء لن يستطيعوا القبول في ظل رفض شعبي لتهجير الفلسطينيين.
ويضيف أن تهجير الفلسطينيين سيكون له عواقب وخيمة على الدول التي ستوافق، مضيفاً أنه على الشرع مهمات جسام، منها تشكيل الجيش وإعادة بناء الدولة السورية وتأهيل المرافئ ووضع عجل الاقتصاد على السكة الصحيحة.
ويستبعد زريق أن يقبل رئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع، بطلبات ترامب، حتى وإن كان بأمس الحاجة لإعادة النهوض بسوريا من جديد.
وأمس الأحد، قال الرئيس الأميركي بتصريحات للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، إنه ملتزم بشراء قطاع غزة وتملكه، لكنه أوضح أنه قد يتيح لدول أخرى في الشرق الأوسط المشاركة في إعادة بناء أجزاء من القطاع.
أضاف ترامب “أنا ملتزم بشراء وتملك (قطاع) غزة. وفيما يتعلق بإعادة إعمار القطاع، فقد نتيح لدول أخرى في الشرق الأوسط المشاركة في إعادة الإعمار، قد يقوم أشخاص آخرون بذلك تحت رعايتنا. لكننا ملتزمون بتملكه والاستيلاء عليه وضمان عدم عودة حماس”.
وقال: “لا يوجد شيء للعودة إليه. المكان عبارة عن موقع هدم. سيتم هدم الباقي. سيتم هدم كل شيء”. وأوضح ترامب أيضا أنه منفتح على إمكانية السماح لبعض اللاجئين الفلسطينيين بدخول الولايات المتحدة لكنه سينظر في مثل هذه الطلبات على أساس كل حالة على حدة.
وكان الرئيس الأميركي قد طرح بعد وقت قصير من توليه منصبه في 20 كانون الثاني/يناير الماضي، فكرة سيطرة الولايات المتحدة على غزة والانخراط في جهود ضخمة لإعادة الإعمار.