قال وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية مرهف أبو قصرة يوم الجمعة الماضي في تصريحات لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، إن هناك بعض المجموعات المسلحة لا تزال مترددة بشأن الاندماج بالجيش السوري الجديد بينها “اللواء الثامن” بدرعا بقيادة أحمد العودة، إلا أن مدير المكتب الإعلامي للواء قال لموقع “963+”، إنهم منفتحون على الاندماج بالجيش وعلى تواصل مع وزارة الدفاع، يضاف هذا الملف إلى عديد الملفات التي تحتاج إلى حل من قبل الإدارة الجديدة، فكيف ستتعامل هذه الإدارة مع فصائل الجنوب وإلى أين تتجه الأمور.
أبو قصرة، أكد على أن حوالي 100 فصيل من الفصائل المسلحة وافقت على الاندماج في الجيش الجديد تحت مظلة وزارة الدفاع، مشدداً على “الحكومة تعمل على إعادة هيكلة الجيش ودمج كافة الفصائل ضمن جيش وطني لن يسمح ببقاء التشكيلات العسكرية المستقلة خارجه”.
اللواء الثامن “مستعد” للاندماج
مدير المكتب الإعلامي لـ”اللواء الثامن” محمود المقداد من جانبه، قال الجمعة لموقع “963+”، إن اللواء مستعد للاندماج بوزارة الدفاع والجيش الجديد، نافياً أن يكون هناك خلافات بينهم وبين وزارة الدفاع، وأنه “لا معارضة لدى اللواء للاندماج وتشكيل جيش”، مشيراً إلى أن “اللواء يسير بخطوات مدروسة لتحقيق هذا الهدف في إطار تعزيز الاستقرار في الجنوب السوري”.
اقرأ أيضاً: مصير الأسد ومصالح روسيا.. تسوية سياسية أم صفقة كبرى؟
وذكر، أن هناك تواصلاً مستمراً مع القيادة العسكرية الجديدة لتحقيق الأهداف الوطنية، وأن كافة قيادات اللواء بمن فيهم أحمد العودة، لا تزال متواجدة في درعا، وأنه لا توجد أي توترات مع دمشق، بل يتم العمل على تسريع عملية الاندماج بشكل كامل، كاشفاً عن نية اللواء افتتاح مركز للأمن العام في مدينة بصرى الشام المقتل الرئيسي له بدرعا.
رفض مؤقت ومحاولة الحصول على مكاسب
الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد محمد عباس المقيم في دمشق، يقول إن “هذه الفصائل تحاول الحصول على مكاسب، وسوف تخسرها بعد استتباب الأمن، حيث أنه بمجرد دخولها إلى المنظومة العسكرية لن يكون بمقدورها الخروج على هذه المنظومة”، ويضيف في تصريحات لموقع “963+”، أن “محاولات الرفض تسعى من خلالها الفصائل ربما للحصول على مواقع قيادية، لكنها في النهاية لا تستطيع أن ترفض ورفضها سيكون مؤقتاً لأن الدولة الآن تتجه نحو الاستقرار، والحكومة لها دعم دولي”.
يرى عباس، أن وزارة الدفاع سوف تسعى للتعامل مع هذه المواقف بشكل إيجابي بعيداً عن الصراع العسكري، فالحوار والتفاوض سيكون هو الحل الأمثل”، معتبراً أن “وجود خلافات بين المجموعات أمر طبيعي نظراً لاختلافها بالتوجهات والرؤيا والمفاهيم، إلا أن التوجه نحو الاستقرار يعني أن تتنازل هذه المجموعات عن مواقفها والاندماج ضمن المؤسسة العسكرية، وهي تمر حالياً بمرحلة ما قبل الكمون”.
صعوبات إضافية للإدارة الجديدة
الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد ناجي ملاعب من بيروت، يرى أن “انتظار فصائل درعا وحتى السويداء والأوضاع في الساحل السوري، وفصائل أخرى من أجل الاندماج بالجيش السوري الجديد، يشكل صعوبة إضافية للإدارة السورية الجديدة”.
اقرأ أيضاً: اتهامات بالمحسوبية في توزيع المساعدات بدرعا: مطالبات بالشفافية والمحاسبة
ويقول، إن “انتقال السلطة في سوريا لا يمكن أن يعترض عليه أحد في ظل مساوئ النظام السوري السابق، إلى جانب التأييد الذي نالته السلطة الجديدة يمكن أن يساعد في تأمين مستقبل جيد”، إلا أنه يؤكد في تصريحات لموقع “963+”، أنه “يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار استشارة المركز الدولي للعدالة الانتقالية، حتى يتم التخفيف من المساوئ التي يمكن أن تعترض المسيرة”.
وكانت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، قد أعلنت في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أن رئيس الإدارة الانتقالية أحمد الشرع، اتفق مع قادة الفصائل المسلحة على حلها ودمجها بالجيش الجديد، أعقب ذلك اجتماع للإدارة مع وجهاء وأعيان مدينة نوى بريف درعا الغربي، تركز على المسائل الأمنية والخدمية، وسبل سحب السلاح المنتشر بين الأهالي في المنطقة.
انتهاكات وارتباط بالنظام المخلوع
ويعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسام نجار، أن “رفض الاندماج يأتي بشكل أساسي من القيادي باللواء الثامن نسيم أبو عرة، كما أن بعض القياديين مثل أحمد العودة وعماد أبو زريق كانوا يديرون مجموعات تقوم بعمليات اختطاف للحصول على فدى وغيرها من الممارسات، إلى جانب تبعيتها للأجهزة الأمنية في النظام المخلوع عبر بعض الضباط مثل لؤي العلي ورفيق ناصر”، مشيراً خلال تصريحات لـ”963+”، إلى إجرائها “تسويات” مع النظام عبر القوات الروسية.
ويقول، إنه “يفترض على هذه الفصائل تسليم تلك الشخصيات لتخضع لمحاكمات، بدلاً من السعي للاحتفاظ بعناصرها التي عليها مخالفات ومرفوضة شعبياً”، مشدداً على أن على الجميع “السعي من أجل الوصول إلى سوريا واحدة يحكمها القانون وتسودها العدالة”.
اقرأ أيضاً: بين الخوف والأمل.. السوريون يواجهون إرث الفصائل الإيرانية بعد سقوط النظام
ومع إطلاق إدارة العمليات العسكرية في سوريا معركة “ردع العدوان” بريفي حلب وإدلب نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، برز اسم “غرفة عمليات الجنوب” التي تضم فصائل من درعا والسويداء والقنيطرة جنوبي سوريا، للمشاركة في المعارك ضد قوات النظام المخلوع، حيث بسطت فصائلها سيطرتها على الجنوب السوري وصولاً إلى العاصمة دمشق بعد انسحاب قوات النظام مطلع كانون الأول/ ديسمبر.
وبحسب نجار، فإن “وزارة الدفاع السورية سوف تتعامل مع الجميع وفق مبدأ المفاوضات إلى أن تضع جميع الفصائل سلاحها وألا يكون هناك فصيل يتبع لأي جهة أو دولة أخرى، وإلا فإن الخيار العسكري مطروح في حال امتناعها عن تسليم السلاح أو الاعتماد على جهات خارجية”.
ومن أبرز الفصائل التي تضمها “غرفة عمليات الجنوب” فصيل “اللواء الثامن” بقيادة أحمد العودة الذي أسسته روسيا بعد استعادة قوات النظام المخلوع السيطرة على محافظة درعا بموجب تسويات أجريت برعاية روسية في تموز/ يوليو 2018، ويأتي أغلب عناصره من فصيل “قوات شباب السنة”، إلى جانب فصائل أخرى كـ”اللجنة المركزية” و “تجمع أحرار حوران”.
ومنتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عقدت إدارة العمليات العسكرية اجتماعاً مع “غرفة عمليات الجنوب” في مدينة درعا، وقال القيادي في “عمليات الجنوب” أبو مرشد البردان لموقع “963+”، إن “المباحثات تركزت حول خل الخلافات في محافظة درعا بشكل عام، وجمع السلاح من الأهالي، ومنع أي محاولات لجر المنطقة إلى صراعات”، مشيراً إلى أنه “تم بحث سبل دمج كافة الفصائل في سوريا تحت مظلمة وزارة الدفاع المزمع تشكيلها”، مشيراً إلى “تسارع الخطوات للعمل على إنجاز الأهداف المقترحة”.