تشهد مدينة نوى في محافظة درعا جنوبي سوريا، حالة من الغضب والاستياء الشعبي عقب توزيع 3049 حصة غذائية مقدمة من الهلال الأحمر السوري عبر جمعية الإمام النووي الخيرية. حيث أثار الإعلان الصادر عن الجمعية حول عملية التوزيع موجة واسعة من الانتقادات، وسط اتهامات بعدم العدالة والمحسوبية في إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر احتياجاً.
ظلم في التوزيع واستغلال للنفوذ
في حديث خاص لموقع “963+”، أعربت يسرى الخلف، زوجة أحد ضحايا الحرب السورية، عن استيائها قائلة: “التوزيع ما كان عَ حق، في عالم أخدت وما بتستحق، وعالم مثلنا ما طالها شي. قعدت من الصبح لآخر النهار ناطرين على باب الجمعية، والبرد كان يقطع، وقلبي عم يحترق على ولادي اللي بالبيت ما معهم ياكلوا. وآخر شي، اللي عندهم واسطات طلعوا محملين، واحنا رجعنا بخُفَّي حُنين”.
أما سعاد الحنفي، والدة لأحد الضحايا وربة أسرة فقيرة، فصرحت قائلة لـ”963+”: “يا حسرة علينا، قاعدين بلا معين، وعيالنا بلا أكل، وكل ما نروح نطلب حقنا من المساعدات، نرجع بلا شي. عالم ما بتستحق أخدت، وإحنا لا حدا سأل فينا ولا فكر بولادنا”، مشددة على أن “المساعدات للفقراء والمحتاجين مش للّي عندهم مصاري وواسطات”.
وفي السياق ذاته، أكد حسين السقر، أحد المستحقين للمساعدات، أن “أحد موظفي الجمعية وزّع أغلب الحصص على أقرباءه، وترك العالم الفقيرة اللي إلها حق بهالسلات. والله في ناس قاعدة من الصبح للمسا، وما طلع إلها شي”، مشدداً على أن “هذه التصرفات تزيد من معاناة الفقراء، وتجعل الناس تفقد ثقتها بالمؤسسات اللي مفروض تساعدهم”.
ويتابع السقر بلهجته العامية: “إذا بيضل الوضع هيك، ما حدا رح يصدق بهالجمعيات بعد هالمرة! لازم يكون في رقابة عالتوزيع، ويكون في محاسبة لكل مين استغل وظيفته لمصلحته الشخصية!”.
اعتراف بوجود خلل ومطالبات بالتحقيق والمحاسبة
من جهته، أقرَّ أحد مسؤولي جمعية الإمام النووي الخيرية، مفضلًا عدم الكشف عن اسمه، بوجود “أخطاء وتقصير في عملية توزيع المساعدات”، مؤكداً أن “العدد الكبير من المستحقين وضغط الأهالي أدى إلى حدوث فوضى وصعوبات في التوزيع، وربما يكون هناك بعض الأخطاء غير المقصودة”.
وأضاف المسؤول لـ”963+”: “نحن نحاول قدر الإمكان أن تصل المساعدات لمن يستحقها، لكن الإمكانيات محدودة والضغوطات كبيرة. نعترف بوجود مشاكل، وسنعمل على تحسين آلية التوزيع في المرات القادمة”.
كما حمل المسؤول جزءاً من المسؤولية للهلال الأحمر السوري، موضحاً أن “الخطأ حصل بشكل أساسي من قبل الهلال الأحمر، حيث بدأوا بالتوزيع العشوائي دون تنسيق مسبق مع الجمعية، ما تسبب بحالة من الفوضى والارتباك، وأدى إلى عدم وصول المساعدات إلى بعض المستحقين الحقيقيين”.
وفي ظل هذه الأحداث، تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة وضع آليات أكثر شفافية وعدالة في توزيع المساعدات، مع التأكيد على أهمية التدقيق في قوائم المستفيدين وضمان عدم استغلال النفوذ والمحسوبية في توزيعها. كما شدد الأهالي على ضرورة محاسبة المسؤولين عن التجاوزات، وضمان أن تكون المساعدات الإنسانية موجهة فعلاً إلى الفئات الأكثر احتياجاً.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون، تبقى المساعدات الإنسانية شريان حياة لا غنى عنه، ولكن سوء إدارتها وتحويلها إلى أداة بيد أصحاب النفوذ قد يحولها إلى مصدر إحباط ومعاناة، وهو ما يستوجب تدخلاً عاجلاً لضمان العدالة والشفافية في التوزيع.