في زيارة هي الثانية لمسؤول تركي رفيع إلى سوريا بعد سقوط النظام السابق، استقبل القائد العام لإدارة العمليات العسكرية السورية أحمد الشرع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق. الزيارة تأتي في وقت حساس حيث يسعى الخبراء والمحللون لتفسير أهداف تركيا في سوريا، وسط تنسيق عسكري وأمني مع “هيئة تحرير الشام” لضمان استقرار المناطق الحدودية.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تتصاعد فيه المخاوف من هجوم قد تشنه فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، في كوباني شمالي سوريا، ضد قوات سوريا الديمقراطية رغم تقديم عضوان في مجلس الشيوخ الأميركي، الديمقراطي كريس فان هولن والجمهوري ليندسي غراهام، مشروع قانون لفرض عقوبات على تركيا على خلفية اختراقها لاتفاق وقف إطلاق النار مع “قسد”، المعلن من قبل أميركا.
اقرأ أيضاً: سلاح العقوبات الأميركية ضد تركيا هل يوقف الهجوم على “كوباني”؟
أهداف زيارة فيدان لدمشق
ويرى دكتور العلوم السياسية بجامعة قناة السويس بمصر، سعيد الزغبي، أن من أهم أهداف زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، لدمشق هي التنسيق الأمني والعسكري بين تركيا و”هيئة تحرير الشام” لضمان استقرار المناطق الحدودية.
ويقول الزغبي في تصريحات خاصة ل +963: “تركيا تسعى للحصول على دعم هيئة تحرير الشام في العمليات العسكرية المحتملة ضد القوات الكردية في شمال سوريا خاصة بمدينة كوباني”، موضحاً أن “تركيا تريد تأمين حدودها الجنوبية ومنع تشكيل أي كيان كردي مستقل قد يهدد أمنها القومي، ولكن لها أهداف أبعد من ذلك”.
أما الخبير العسكري والاستراتيجي، نضال أبو زيد، من عمان، فيوضح أن زيارة وزير الخارجية التركي والوفد المرافق له إلى دمشق، تأتي في إطار محاولة تركيا تأطير العلاقة مع سوريا الجديدة وملئ الفراغ السياسي الذي نتج عن سقوط الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
ويقول أبو زيد ل +963، ” تركيا تحاول ضبط الواقع السياسي والأمني لسوريا الجديدة وإعطاء شعور بأن مرحلة التعافي كانت سريعة وأن هناك تناغم بين الحكومة المؤقتة والجوار السوري”.
اقرأ أيضاً: الشرع والوفد الأميركي.. هل يتحقق التوازن بين المصالح والأولويات؟
“غياب الدور العربي يولد أطماع تركية وإسرائيلية”
ويشير الزغبي إلى أن غياب الدور العربي في تنظيم العملية السياسية الشاملة في سوريا، يولد أطماعاً للفكر والنموذج التركي والإسرائيلي، “تركيا تتوسع في الشمال وإسرائيل في الجنوب”. ويتابع ” حتى مخرجات لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا في الأردن لم يأتي ثمارها”.
وكان وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سوريا، المشكّلة بقرار من الجامعة العربية، عقدوا اجتماعاً في مدينة العقبة الأردنية بعد أيام قليلة من سقوط النظام السوري السابق، ودعا البيان الختامي للجنة إلى عملية انتقالية تشارك فيها كل القوى وبرعاية من الأمم المتحدة والجامعة العربية.
وتسعى تركيا من خلال زيارة وزير خارجيتها فيدان ولقائه بالشرع إلى تحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بتأمين حدودها والمساهمة في تشكيل إدارة سورية جديدة والتنسيق مع الفصائل المؤثرة على الأرض لضمان الاستقرار ومنع تصاعد التهديدات الأمنية، وفق الزغبي.
ويشير إلى وجود توافق بين الأهداف التركية والإسرائيلية، حيث يتظاهر كلاهما بالتركيز على تأمين حدودهما من الفراغ السياسي في سوريا، لكن لكليهما أهدافاً بعيدة المدى، ما يجعل البيئة السورية الحالية فرصة لتحقيق طموحاتهما في ظل غياب الدور العربي الفاعل.
ويلفت الخبير الأردني إلى أن سوريا الجديدة ما تزال في مراحلها المبكرة، ورغم صعوبة التنبؤ بالشكل النهائي، إلا أن المؤشرات الحالية إيجابية، حيث تتعامل الحكومة الانتقالية بدقة مع الملفات الداخلية والأمنية. ويؤكد أن هذه الأولويات تهدف إلى تجنب المشكلات الخارجية مع دول الجوار، بما في ذلك إسرائيل، مما يعزز قدرة الحكومة على التركيز على أولوياتها الداخلية.
نقاط خلاف
يشير الزغبي إلى وجود خلافات بين تركيا و”هيئة تحرير الشام” بشأن حل الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا. “تركيا لن تقبل بحل كامل دون ضمان استمرار نفوذها”.
ويتوقع الزغبي سيناريوهين: “الأول دمج بعض الفصائل تحت إدارة موحدة مع ضمان بقاء ضوابط تركية لمنع هيمنة الهيئة. الثاني هو توزيع السلطة بين الفصائل وهيئة تحرير الشام لضمان توازن القوى، وهو ما يعتمد على موقف حكومة الشرع”.
وكان قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع، أعلن في تصريحات صحفية، بأن وزارة الدفاع ستقوم بحل جميع الفصائل المسلحة ولن يكون هناك سلاح خارج سلطة الدولة السورية، وأشار إلى أن وزارة الدفاع ستكون هي الجسم الشامل لكافة المكونات العسكرية التي ستنضوي تحت جسم واحد.