دمشق
أعلن الفنان السوري جمال سليمان، عن بدء التحضيرات لمسلسل درامي جديد يتناول قصصاً مستوحاة من داخل سجن صيدنايا، المعروف بسمعته السيئة كرمز للقمع والتعذيب في سوريا.
ورأى السوريون والعالم كله المشاهد المروعة من سجن صيدنايا العسكري، الذي وصفته المنظمات الدولية “بالمسلخ البشري”، إذ أُطلق سراح عدد من المعتقلين بعد سقوط نظام بشار الأسد. وقد شهد السجن إعدامات جماعية وتعذيباً مروعاً، حيث أُعدم فيه ما بين 30 إلى 35 ألف سجين بين عامي 2012 و2022، إلى درجة أنّ مدير رابطة معتقلي صيدنايا وصف وضع المعتقلين في السجن “كان الموت أمنية”.
وأوضح سليمان أن الهدف من العمل هو تسليط الضوء على كيفية استخدام النظام السوري السابق، للسجن كأداة لترهيب المواطنين والسيطرة عليهم، مشيراً إلى أن فكرة المشروع بدأت قبل سقوط النظام، لكنه واجه العديد من التحديات.
وأشار سليمان إلى أن اختيار الممثلين يشكل تحدياً كبيراً، حيث يخشى البعض المشاركة في مسلسل يتناول قضايا حساسة مثل تلك المرتبطة بسجن صيدنايا.
كما أوضح أن التصوير لن يتم داخل سوريا بسبب الظروف الأمنية والسياسية، واختيرت الأردن كموقع بديل لتصوير المشاهد.
اقرأ أيضاً: متلازمة إعادة التغذية.. تحدٍ طبي جديد للناجين من سجون الأسد – 963+
انتهاكات النظام السابق
المسلسل، الذي يحمل عنواناً مبدئياً، سيُعرض بأسلوب جريء يسلط الضوء على الأساليب “الجهنمية” التي اتبعتها عائلة الأسد في إدارة السجون، بالإضافة إلى تصوير معاناة السجناء وما تعرضوا له من تعذيب وقمع داخل جدران سجن صيدنايا.
وأكد سليمان أن العمل يهدف إلى تقديم صورة واقعية وحقيقية لما كان يحدث داخل هذا السجن، مستنداً إلى شهادات حقيقية وتقارير وثائقية.
ويُعتبر سجن صيدنايا من أكثر السجون شهرة في سوريا، وارتبط اسمه بالعديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. من أبرز الأحداث التي شهدها السجن استعصاء عام 2008، حيث تم قمع السجناء بوحشية، مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والمصابين.
وقد وثقت تقارير حقوقية وأفلام وثائقية مثل “استعصاء سجن صيدنايا 2008” تفاصيل هذه الأحداث، مما جعل السجن رمزًا للقمع في البلاد.
ومن المتوقع أن يشارك في المسلسل نخبة من الفنانين السوريين، ليقدموا عملاً فنياً يعكس الحقيقة ويكشف حجم المعاناة التي عاشها السجناء. كما يُتوقع أن يثير العمل جدلاً واسعاً، نظراً لحساسية الموضوع ولما يمثله من إدانة واضحة للانتهاكات التي وقعت في ظل النظام السوري الراحل.
ويُعد جمال سليمان من أبرز الفنانين السوريين الذين تناولوا قضايا اجتماعية وسياسية في أعمالهم، مما أكسبه احتراماً واسعاً في العالم العربي.
ويؤكد سليمان أن هذا المسلسل ليس مجرد عمل فني، بل هو محاولة لتوثيق جزء من تاريخ نظام الأسد المؤلم، داعياً إلى تسليط الضوء على معاناة الضحايا وضرورة تحقيق العدالة.
تاريخ السجن
وسجن صيدنايا، الواقع على بُعد 30 كيلومتراً شمالي دمشق، يُعتبر من أكثر السجون العسكرية السورية تحصيناً. افتُتح عام 1987 تحت إشراف وزارة الدفاع السورية وأدارته الشرطة العسكرية في النظام السابق. اكتسب السجن سمعة سيئة بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت داخله، بما في ذلك التعذيب والإعدامات الجماعية.
ومنذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، أصبح سجن صيدنايا وجهة لآلاف المعتقلين، خاصة المعارضين السياسيين والمشتبه في معارضتهم للنظام. وفقاً لتقارير منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، تعرض المعتقلون في صيدنايا لأساليب تعذيب وحشية، وُصف السجن بـ”المسلخ البشري”. تُشير التقديرات إلى أن ما بين 5,000 و13,000 شخص أُعدموا في السجن بين عامي 2011 و2015.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وبعد سقوط النظام السوري، على يد “هيئة تحرير الشام” وفصائل معارضة، تم إطلاق سراح آلاف المعتقلين، وبدأت فرق بحث تركية، بالتعاون مع السلطات الجديدة، في تفتيش السجن بحثاً عن أقبية أو زنزانات مخفية تحت الأرض. استخدمت الفرق أجهزة متطورة قادرة على التقاط الأمواج الصوتية على أعماق كبيرة، لكن لم يتم العثور على أي سجين حي.
ونُشرت العديد من الشهادات والوثائقيات التي تسلط الضوء على الفظائع المرتكبة في سجن صيدنايا. من بين هذه الشهادات، رواية أحد الناجين الذي قضى أربع سنوات في السجن، حيث وصف الظروف المروعة التي عاشها المعتقلون، بما في ذلك التعذيب المستمر والحرمان من الاحتياجات الأساسية.
ومع التغيرات السياسية في سوريا، تتزايد المطالبات بفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات التي شهدها سجن صيدنايا وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. كما يُطالب بالسماح لمراقبين دوليين بزيارة السجن للتحقق من الأوضاع داخله وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.