خاص ـ معاذ الحمد
تتزايد المؤشرات على تحول قد يؤثر على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، حيث أصبح بقاء الحكومة السورية مرهوناً بتوازن علاقاتها الإقليمية، خاصة مع إيران و”حزب الله”. وفي ظل الضغوط الأميركية والإسرائيلية لخفض النفوذ الإيراني في سوريا، يواجه الأسد تحديات في موازنة تحالفاته مع طهران والانفتاح على العالم العربي، خصوصاً دول الخليج وإسرائيل. كما أكد الديبلوماسي الأميركي جيمس جيفري أن واشنطن وإسرائيل تسعيان لإقناع الأسد بوقف تدفق الأسلحة إلى “حزب الله” وتقليص النفوذ الإيراني في سوريا.
وذكر جيفري في تصريحات لقناة “الحرة” الأميركية، اليوم الأربعاء، أن الإدارة الأميركية الحالية وكذلك إسرائيل مهتمتان بأي تقدم في العلاقات مع دمشق “خاصة لوقف تدفق السلاح إلى حزب الله في لبنان، وابتعاد الأسد عن إيران”.
حديث الديبلوماسي الأميركي جاء مطابقاً لما كانت قد ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قبل أيام من أنّ إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان للحد من نفوذ إيران في سوريا، وذلك عبر التعاون مع الأسد.
وبرزت عدة مؤشرات على تراجع علاقات الحكومة السورية مع إيران، منها غياب الأسد عن مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وتوجيه دمشق بياناً متواضعاً عند مقتل الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، في خطوة اعتبرها مراقبون دليلاً على توتر العلاقات مع الحليفين الإيراني واللبناني.
كما أظهرت الحكومة السورية تحفظاً ملحوظاً في تعاملها مع تصاعد الأوضاع في المنطقة عقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على إسرائيل، حيث اقتصر ردها على استنكار الهجمات الإسرائيلية على غزة دون تصعيد واضح على جبهة الجولان، باستثناء بعض الهجمات الصاروخية المحدودة.
جهود لتقييد نشاط “حزب الله” في سوريا
قال جيفري، إن الإدارة الأميركية الحالية وكذلك إسرائيل “مهتمتان بأي تقدم في العلاقات مع النظام السوري”، موضحاً أن ذلك “لوقف تدفق السلاح إلى حزب الله في لبنان، وابتعاد الأسد عن إيران”.
وذكرت “واشنطن بوست” أنّ “إسرائيل والولايات المتحدة تريدان مساعدة سوريا لمنع إيران من الاستمرار في إمداد حزب الله اللبناني، عبر الحدود السورية”.
ووفقا للصحيفة فإنّ “الإدارة الأميركية، تبدو مستعدة لمنح بشار الأسد بعض الفوائد إذا تمكن من إيقاف تدفق الأسلحة إلى حزب الله، على أساس خطوات إيجابية مقابل خطوات إيجابية”.
ولكن رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، هادي البحرة، كان قد رأى في حوار خاص مع موقع “963+”، أن “السياسات الأميركية بشأن سوريا ستبقى ثابتة على المدى القصير مع احتمال تشدد أكبر في تنفيذ هذه السياسات، خاصة فيما يتعلق بالحد من النفوذ الإيراني”.
ويرى حسن الحريري، عضو اللجنة الدستورية السورية، في تصريح لـ”963+” أن “إسرائيل لديها مصالح واضحة تتمثل بالتطبيع مع الدول العربية ومنها سوريا حكماً وهذا تأمله من نظام الأسد بحيث يتم انتزاع تسوية ما منه بأقل التكاليف على إسرائيل”.
هادي البحرة لـ”963+”: لا انسحاب أميركي من سوريا وهناك فرصة لتفعيل العملية السياسية
التوجه الروسي وتأثيره على السياسة الإقليمية
أشار جيفري، إلى أن روسيا تلعب دوراً مهماً في توجه سوريا الجديد، مؤكداً أن موسكو لا ترغب بتوسيع النزاع عبر إيران ووكلائها ضد إسرائيل.
وأضاف أن روسيا تتبنى مواقف داعمة لواشنطن في بعض القضايا السورية، كدعمها لقوات سوريا الديموقراطية (قسد) في شمال شرقي البلاد، مما يعكس توافقاً غير مباشر على تقليص نفوذ إيران في سوريا، وفق مراقبين.
وكان قد أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتيف، على أن موسكو تبذل قصارى جهدها لمنع توسع النزاع في الشرق الأوسط إلى أراضي سوريا.
وبشأن التغييرات في العلاقات بين واشنطن وموسكو بعد عودة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، قال جيفري إنه “إذا رد الأسد بطريقة ملائمة لمخاوف الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، فقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط عليه”.
ويشير البحرة إلى أن هذه السياسات الأميركية قد “تفتح المجال لفرص لتعزيز العملية السياسية في سوريا أو تمنح الحكومة السورية فرصة للتفاوض مع إيران، مما قد يسمح لها بالبقاء في السلطة لفترة أطول، بشرط قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أمام الولايات المتحدة والدول العربية”.
تداعيات التقارب المحتمل على المعارضة السورية
يرى محللون أن أي تقارب محتمل بين واشنطن وإسرائيل من جهة ودمشق من جهة أخرى، قد يثير قلقاً بين صفوف المعارضة السورية، التي قد تشهد انقسامات بشأن التفاوض مع الحكومة السورية. بالإضافة إلى أن ذلك التقارب في حال حدوثه قد يدفع المعارضة لإعادة تقييم استراتيجياتها بشكل يتماشى مع التغيرات المحتملة في المشهد السياسي والعسكري، وقد تتطلب منها اتخاذ مواقف أكثر حذراً بشأن تعاملاتها مع القوى الخارجية.
وهذا التقارب الذي قد يحدث لو بشكل غير علني، بحسب الحريري، “يؤثر على موقف المعارضة السورية المتمسكة بالشرعية الدولية، وهو وارد فقط في حال أبدى النظام إرادة حقيقية للتخلي عن علاقاته الاستراتيجية مع إيران. وهنا، ينبغي مراعاة المصالح العربية التي تتعارض مع النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما تجلى في المبادرة العربية التي ركزت على قضايا محورية تشمل الجوانب الإنسانية، والأمنية، والسياسية، وخاصة ما يتعلق بالقرارات الدولية حول سوريا”.
ولكن الحريري يستبعد ذلك التقارب في الوقت الحالي، “لأن الأمور متشابكة ومعقدة للغاية، ولا يمكن ببساطة إلغاء القرارات الدولية في ظل عدم نضوج شكل الحل النهائي في سوريا. الوضع الحالي يعكس واقعاً من التقسيم، مع استمرار تضارب المصالح بين أطراف إقليمية ودولية متعددة؛ فهناك المصالح التركية والروسية في مقابل المصالح الأميركية والإسرائيلية، إضافة إلى المصالح العربية من جهة والإيرانية من جهة أخرى”.