خاص – رزق العبي/إسطنبول
يرتبط اسم دونالد ترامب بذاكرة السوريين من خلال ضربتين عسكريتين وجّههما للقوات الحكومية السورية إبان توليه الرئاسة الأميركية بين 2016 و 2020، الأولى كانت الهجوم الصاروخي على مطار الشعيرات بريف حمص 2017 والثانية على مركز البحوث العلمية في برزة بالعاصمة دمشق 2018.
اليوم يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسوريا لا تزال غارقة في حرب تأتي على اقتصاد البلاد وتُعمّق جراح السوريين وتزيد من معاناتهم، وسط تهجير واعتقالات توثّقها منظمات حقوقية بشكل مستمر.
ومع إعلان فوز ترامب كرئيس سابع وأربعين للولايات المتحدة، قال أمام أنصاره في مقر حملته في ولاية فلوريدا: “أميركا ستدخل عصراً ذهبياً، حققنا نصراً سيسمح بجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. مؤكّداً أنه “سينهي “الفوضى في الشرق الأوسط”.
الخارجية الأميركية: واشنطن تحافظ على موقفها الثابت بشأن التطبيع مع دمشق
وعلى الرغم من أنّ السياسة الأميركية ثابتة ولا تتغير كثيراً بتغيير الرئيس، وفق ما يرى متابعون، إلّا أنّ تطبيق تلك السياسة تختلف من رئيس لآخر وفق الآلية، حيث يوصف ترامب في الحدّة بالتعامل مع عدّة ملفات تخصّ الشرق الأوسط، ولاسيما تطبيق “قانون قيصر” الذي تقول تقارير إن الرئيس الحالي جو بايدن لم يكن جادّاً في تطبيق عقوباته.
وقال المحلل السياسي ندا الركاد إن”، رئيس ميثاق الحسكة الوطني، إن “السياسة الأميركية الخارجية هي سياسة تديرها مؤسسات راسخة ولا يديرها أي رئيس او تؤثر عليها سياسة أي حزب، فالخارجية منها تتعلق بخطط واستراتيجيات تضعها مؤسسات الدولة العميقة، لكن باعتبار بأن الولايات المتحدة هي أكبر قوة اقتصادية في العالم فإن سياساتها تتماهى غالباً مع قوى الضغط الاقتصادي ومصالح الشركات الكبرى داخل الولايات المتحدة”.
وأضاف في تصريحات لموقع “963+”، أن “تغير السياسة الأمريكية في سوريا يعتمد على مصلحة إسرائيل في هذا الملف، لأن أميركا دائماً ما تنظر لدول الطوق المحيطة بإسرائيل بعيون إسرائيلية”، مشيراً إلى أن “الإصرار الأميركي الإسرائيلي على مجابهة أذرع إيران سيؤثر على السياسة الأميركية في سوريا”.
ولفت إلى أن “قرار رفع العقوبات الأميركية على سوريا مرتبط بالحل السياسي السوري وفق القرار الأممي 2254، وهذا سيحصل فيما إذا تلاقت المصالح الإقليمية ومصلحة إسرائيل والولايات المتحدة بتهيئة الأرضية لإحداث التغيير الذي تشير كل المؤشرات لإمكانية حدوثه”، وقال: إن حصل التطبيع فسيحصل مع جزء من النظام يشكل مع المعارضة نظاماً جديداً يرعى عملية التحول السياسي وتحقيق مهام تخص ضبط الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وغيرها”.
أما شعبياً، فقد تفاءل أحمد، وهو نازح في ريف إدلب شمال غربي البلاد، في أن يكون ترامب أفضل من سابقيه، بخصوص الملف السوري، خصوصاً وأنّه “وجّه ضربتين سابقتين ضدّ الحكومة السورية بسبب انتهاكات ضدّ المدنيين، وكذلك صرامته في التعامل مع العقوبات”.
ويوافقه الرأي سامر سلوم، وهو ناشط صحفي في السويداء جنوبي البلاد، معتبراً أنّ “فوز ترامب أفضل من فوز هاريس، لكون الأخيرة تدعم تطبيق سياسة بايدن، الذي كان بارداً في تعامله مع الملف السوري”.
وترى أسماء السيد، أنّ “جميع الرؤساء في أميركا يطبّقون سياسة تدعم إسرائيل، ولا أحد يلتفت للشعوب في الشرق الأوسط، وبالتالي من المتوقع استمرار مأساة السوريين”، فيما يعتبر هيثم الخطيب، وهو طالب هندسة في حمص، أنّه “ربما تلتقي مصلحة السوريين مع مصلحة ترامب بشأن إيران، أما أن يعمل لصالح السوريين فهذا أمر غير مطروح أساساً، لأنّ السياسة الأميركية واضحة في الشرق الأوسط، وهي: إسرائيل أولاً”.
في نسيان عام 2017، هاجم ترامب الرئيس السوري بشار الأسد بشدة، مُهدداً أنه “سيدفع ثمنا باهظا”، على خلفية تقارير عن هجوم بالأسلحة الكيميائية على مدنية دوما في الغوطة الشرقية قرب دمشق، اتهمت القوات الحكومية بتنفيذه.
وقال ترامب حينها: “الأسد سيدفع ثمنا باهظا للهجوم الكيماوي الذي أودى بحياة كثيرين بينهم نساء وأطفال.. يقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة.. إنه حيوان”. كما أنّه هاجم سلفه آنذاك باراك أوباما، قائلاً: لو أنه التزم بالخطوط الحمراء التي خطها على الرمال لانتهت الكارثة السورية منذ فترة طويلة.. الأسد الحيوان سيصبح شيئاً من التاريخ”.
وكانت الولايات المتحدة، قد أعلنت في شباط/ فبراير عام 2012، قطع العلاقات مع الحكومة السورية وإغلاق سفارتها في دمشق، وإجلاء آخر موظفيها المتواجدين هناك، على خلفية ما قالت إنه “القمع الذي نفذته الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة بحق المتظاهرين السلميين الذين خرجوا ضدها منذ آذار/ مارس 2011”.
يشار، إلى أنه يوجد في سوريا 900 جندي أميركي ضمن قوات التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، في إطار شراكة مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد).