دمشق
تشهد مناطق شمال سوريا تصعيدا عسكريا غير مسبوق من قبل القوات الحكومية، حيث تستهدف قرى في محافظات حلب وإدلب شمال وشمال غربي البلاد، مما أدى لموجة نزوح جديدة.
ومما يفاقم صعوبة المشهد انقطاع خدمة الإنترنت عن المنطقة، إذ يعاني العاملون في المجال الإنساني من صعوبات شديدة في التواصل مع الفرق الميدانية، ما يجعل تحديث البيانات بشكل فوري أمرا شبه مستحيل ويعرقل جهود تقييم الاستجابة الإنسانية في الشمال السوري.
ووثّق فريق “منسقو استجابة سوريا” نزوح 6,277 شخصا من ريفي إدلب وحلب باتجاه مناطق أكثر أمانا، وسط استمرار القصف المكثف من القوات الحكومية وروسيا على الأحياء السكنية، باستخدام القذائف المدفعية والطائرات الحربية والمسيّرات الانتحارية.
ودعا “منسقو استجابة سوريا” إلى تدخل الجهات الدولية لإيقاف خروقات القوات الحكومية والهجمات على المدنيين ووقف التصعيد العسكري، مطالبا المنظمات الإنسانية بتقديم المساعدات اللازمة للنازحين الجدد ودعمهم إلى حين تحقق الاستقرار وعودة النازحين إلى مناطقهم.
وفي وقت سابق، حذّر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) من كارثة إنسانية جديدة وموجات نزوح محتملة في منطقة شمال غربي سوريا مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل استمرار التصعيد العسكري.
وقال الدفاع المدني في تقرير له إنّ استمرار التصعيد يثبت أن الحكومة وروسيا وحلفاءهم مستمرون في حربهم على السوريين، من دون اعتبار للقوانين الدولية والإنسانية.
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بالوقوف “بحزم” إلى جانب المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في شمال غربي سوريا، وتحمل مسؤولياتهم ووقف الهجمات على أكثر من 5 ملايين مدني.
اعتقالات بالجملة
وتنفذ الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة بشكل متكرر، حملات مداهمة واعتقالات بالمناطق الخاضعة لسيطرتها لاسيما في محافظات دمشق وريفها وحلب وحمص، إضافة إلى توقيف أشخاصٍ على نقاط التفتيش واقتياد الشبّان إلى “الخدمة العسكرية الإلزامية”.
وقال ضابط في “الأمن الجنائي” التابع للحكومة السورية في مدينة حلب شمال البلاد اليوم السبت، إن الأجهزة الأمنية اعتقلت 3 أشخاص بالمدينة عائدين حديثا من دول الخليج. وأضاف لموقع “963+”: “اعتقلت دورية للأمن الجنائي 3 أشخاص في حي صلاح الدين بحلب بتهمة حيازة أموال بالعملة الأجنبية دون مبرر قانوني، والعمل في الحوالات المصرفية دون ترخيص”.
وأكد الضابط أنّ “المعتقلين هم نايف الجاسم وعبد الله السكر وعبد المعين الجاسم، وينحدرون جميعهم من محافظة دير الزور شرقي سوريا، وجرى نقلهم إلى مركز احتجاز في صلاح الدين للتحقيق في التهم الموجهة إليهم”.
وذكر مصدر محلي مقرب من المعتقلين لـ ”963+” أنّهم “عادوا مؤخرا من دول الخليج والمبالغ التي يحملونها هي ما جناه كل منهن لقاء أعماله هناك”، مشيرا لتعرضهم للابتزاز من أحد أقربائهم والذي يعمل مع الأجهزة الأمنية السورية، لرفضهم دفع إتاوات مالية له، فقام باتهامهم بالعمل في الحوالات المصرفية.
وفي السياق، اعتقلت القوات الحكومية الشاب المدني محمد علي حسين الدراوشة من بلدة الكرك الشرقي بريف محافظة درعا جنوبي سوريا، وذلك أثناء توجهه صباح اليوم السبت إلى العاصمة دمشق لعلاج ابنه المصاب بالسرطان.
ووفقا لشبكات محلية فقد اعترضت سيارة مدنية تقل ضابطا وأربعة عناصر، يُعتقد أنهم تابعون لفرع “الأمن العسكري”، طريق الدراوشة قبل وصوله إلى حاجز السنتر جنوبي دمشق.
وأشارت إلى أنّ الدراوشة اقتيد إلى جهة مجهولة، دون توفر معلومات عن المكان الذي نُقل إليه أو سبب اعتقاله.
وشهدت محافظة درعا خلال تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، مقتل 27 شخصا واعتقال 12 آخرين، ويستمر الفلتان الأمني في المحافظة منذ استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها بموجب اتفاق “التسوية” الذي تم برعايةٍ روسية العام 2018.
وفي إطار الفوضى التي تمر بها المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة الحكومة، قتل شاب في العقد الثاني من عمره اليوم السبت، وينحدر من قرية لبين بريف محافظة السويداء جنوب البلاد، إثر تعرضه لإطلاق عدة عيارات نارية، على مفرق طريق الحج غربي المحافظة. كما أقدمت مجموعة مسلحة على اختطاف شابين اثنين من قرية حران بريف السويداء، هما وائل الحكيم وخيري مرشد.
قسد تعتقل عنصراً في “داعش”
ويستمر تنظيم “داعش” المصنف إرهابيا من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والآسيوية بشن عمليات في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة وبادية حمص.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية “قسد” اليوم السبت، عن ضبط عنصر من التنظيم في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي البلاد. وقالت إنّ العملية نفذتها فرق العمليات العسكرية التابعة لها بإسناد من قوات التحالف الدولي لمحاربة “داعش”.
وأكدت (قسد) أنّ العنصر الذي تم اعتقاله يدعى كرم المشّوط وينحدر من مدينة البوكمال الواقعة في محافظة دير الزور شرقي سوريا، مشيرةً إلى أنّ له سجل إرهابي طويل بارتكاب الأعمال المرتبطة بقضايا التطرف.
وفي وقت سابق اليوم، هبطت طائرة شحن تابعة لقوات التحالف الدولي في قاعدة خراب الجير بريف رميلان الواقعة شمال الحسكة، وتحمل أسلحة ومعدات عسكرية ولوجستية وجنود، وسط تحليق مروحيات أميركية في سماء المنطقة.
الأسد يطمئن سكان الساحل
وقدّم الرئيس السوري بشار الأسد لوجهاء من الساحل، تطميناتٍ طلب منهم نقلها للسكان حيال ما يحدث في المنطقة من تطورات عسكرية وقصف إسرائيلي متكرر في محافظات حمص وطرطوس ودمشق، كما طلب منهم عدم بيع أملاكهم وأراضيهم للإيرانيين واللبنانيين.
وكشفت وسائل إعلام محلية اليوم السبت، أنّ الأسد اجتمع منذ أيام في العاصمة دمشق، مع مشايخ ووجهاء من الساحل السوري بعضهم أعضاء في المجلس العلمي الفقهي التابع لوزارة الأوقاف.
وتأسس المجلس العلمي الفقهي عام 2018، ويضم كافة المذاهب الإسلامية في سوريا، ويدعو إلى نبذ التعصب والطائفية ويرأسه وزير الأوقاف السوري عبد الستار السيد.
وتشير الوسائل الإعلامية إلى أنّ الاجتماع جاء على خلفية الاستياء والتذمر الحاصل من قبل أبناء الساحل السوري نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي، إضافةً لما جرى مؤخرا من حركة لجوء لبناني إلى الساحل وتخوف السكان من تداعياته وما قد يسببه من قصف إسرائيلي لمناطقهم السكنية.
كما نقلت عن مصادر قولهم إنّ الأسد أفصح عن قرار “انتقال سوري من المحور الإيراني إلى المحيط العربي، وهناك تدخلا خليجيا سيحدث لتحسين الوضع الاقتصادي في مدى أقصاه ثلاثة أشهر”.
وأكدت المصادر أن هذا الاجتماع ليس الأول من نوعه، إنما يأتي في سياق اجتماعات شبه دورية يجريها بشار الأسد مع مشايخ من الساحل السوري لوضعهم في سياق التطورات الحاصلة في سوريا ومحيطها.
استمرار الحرائق في اللاذقية
وتتكرر الحرائق كل عام في عدة محافظات سورية، أبرزها اللاذقية وحمص وطرطوس، حيث تشتعل النيران في الغابات والأراضي الزراعية، وتلتهم مساحات واسعة من الحقول والأحراج الطبيعية، وأدت إلى خسائر بشرية ومادية تشمل قتلى ومصابين فضلا عن تدمير الممتلكات والمنازل.
وقالت فرق الإطفاء في محافظة اللاذقية اليوم السبت، إنها أخمدت أكثر من 60 حريقا خلال الـ 24 ساعة الماضية بمساعدة الطيران المروحي.
وأكد قائد فوج الإطفاء في اللاذقية مهند جعفر أنّ فرقهم والطيران المروحي تعاملوا منذ أمس الجمعة وحتى مساء اليوم مع أكثر من 60 حريقا، وأغلب المواقع باتت تحت السيطرة باستثناء بعض البؤر النارية الخفيفة، ويتم التعامل معها.
وأضاف أنّ المراقبة مستمرة، خاصة في ظل الرياح الشديدة والتقلبات الجوية التي تشهدها المحافظة، وسط استنفار كافة الكوادر حتى إخماد الحرائق بشكل تام على مستوى المحافظة.
ومن جهته أعلن مدير الزراعة في اللاذقية باسم دوبا عن إخماد جميع الحرائق في المحافظة مع استمرار عمليات التبريد والمراقبة، باستثناء بعض البؤر في المزيرعة التي تُعالج بمساعدة الطيران المروحي، دون أي امتداد جديد للنيران، بالإضافة إلى الحريق في جبل البدروسية باتجاه السمرا، الذي تعرقل تضاريسه الصعبة جهود السيطرة الكاملة.
ويعاني قطاع الإطفاء من عدم توفر الموارد اللازمة، ويسهم نقص الدعم الحكومي والاستثمارات في هذا القطاع في تأخر الاستجابة، مما يؤدي إلى توسع الحرائق وصعوبة السيطرة عليها.