خاص ـ حمص
تتعرض منطقة وادي النضارة في ريف حمص الغربي، وسط سوريا، والتي تعتبر إحدى أجمل وأخصب المناطق الزراعية في سوريا، لموجة جديدة من الحرائق التي أتت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والغابات.
ورغم إعلان الحكومة السورية سابقاً السيطرة على هذه الحرائق، فقد اشتعلت مجدداً خلال اليومين الماضيين، متسببة في خسائر مادية كبيرة وتهديد منازل السكان.
وتزامن اندلاع هذه النيران مع رياح قوية وصعوبة في التضاريس، مما صعّب من جهود فرق الإطفاء والجهات المعنية في السيطرة على الحرائق ومنع امتدادها.
تفاصيل الحرائق
أعلنت الحكومة السورية في الأيام الماضية السيطرة على سلسلة حرائق اندلعت في منطقة وادي النضارة، إلا أن الرياح القوية تسببت في اشتعال النيران مجددًا في قرية حبنمرة، لتنتقل بعد ذلك إلى تنورين، مهددة مناطق مأهولة ومساحات زراعية واسعة.
وتدخلت 12 فرقة إطفاء من عدة محافظات سورية، بما في ذلك حمص وطرطوس وحماة والغاب واللاذقية، بدعم من 36 صهريجاً وإطفائية وطائرات مروحية.
وقال مهذب المودي، مدير الدفاع المدني في حمص، بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية، إنّ فرق الإطفاء في المنطقة تحاول منذ ساعات إخماد النيران ومنع وصولها إلى منازل المدنيين، مشيراً إلى استمرار الحرائق في الأراضي الزراعية.
وبحسب الرائد إياد محمد، قائد “فوج حمص”، فإن الفرق تواصل حالياً عمليات التبريد والمراقبة لمنع اشتعال النيران من جديد، مؤكداً أن الإجراءات الاحترازية ستبقى مستمرة للحيلولة دون حدوث حرائق إضافية.
مخاوف
في قرية حبنمرة، صعّبت وعورة التضاريس والرياح الشرقية الجافة من الوصول إلى بؤر النيران، ما دفع فرق الإطفاء للاستعانة بالطيران المروحي.
وأفادت مصادر محلية أن النيران امتدت إلى قرية تنورين، حيث التهمت مساحات من المزارع، معظمها مزروعة بأشجار الزيتون، التي تمثل مصدر دخل أساسي للمزارعين.
وقال أكرم ديب، رئيس بلدية الناصرة، إن فرق الإطفاء استطاعت بدعم جوي احتواء الحريق في القرى المجاورة مثل عين الباردة وجوار العفص. وأوضح ديب أن نحو 80% من الأراضي المتضررة مزروعة بأشجار الزيتون، فيما تشكل الأشجار الحراجية النسبة المتبقية.
من جانبه، أشار جمال يعقوب، رئيس بلدية مرمريتا، إلى أن فرق الإطفاء تمكنت من احتواء الحرائق في قريته، لكنها خلفت خسائر في أكثر من 10 هكتارات من الأراضي، معظمها من مزارع الزيتون.
حرائق متكررة وأسباب محتملة
تعد منطقة وادي النضارة واحدة من أكثر المناطق تضرراً من الحرائق خلال السنوات الماضية. ففي أقل من يومين، اندلع حريق آخر مساء الأحد في قرية بحور، واستمر لأكثر من 15 ساعة، حيث امتد باتجاه قرى المزينة وبلاط وعين الغارة.
وأكدت مصادر محلية أن فرق الإطفاء واجهت صعوبة بالغة في السيطرة على النيران، ما استدعى تدخل الطيران المروحي بسبب كثافة الأعشاب ووعورة الطرق.
ورغم عدم صدور أي تصريحات رسمية عن أسباب الحرائق، اكتفت وسائل الإعلام التابعة للحكومة بإرجاع استمرار النيران إلى الرياح القوية وصعوبة الوصول إلى مصادر الحريق بسبب تضاريس المنطقة.
إلا أن تقارير محلية تحدثت عن احتمالية وجود “دوافع تجارية وراء افتعال بعض هذه الحرائق، مع تزايد الطلب على الحطب والفحم نتيجة أزمة الوقود التي تعاني منها البلاد”.
وتشير التقارير إلى أن بعض التجار “قد يستفيدون من بيع الحطب في الأسواق مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل عدم وجود رقابة كافية أو إجراءات وقائية لمنع مثل هذه الكوارث”.
وتعجز الحكومة عن تعويض الخسائر التي تلحق بالمزارعين أو اتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة على انتشار النيران بشكل فعّال، رغم إدراكها المسبق بخطر الرياح الشرقية الجافة التي عادة ما تؤدي إلى اشتعال الحرائق في هذا التوقيت من كل عام.
جهود وإحصائيات
وإلى جانب الجهود الرسمية، شارك سكان القرى المتضررة بشكل مباشر في إخماد الحرائق. ففي قرية قرب علي، كان للأهالي دور كبير في السيطرة على النيران وحماية أراضيهم من الدمار.
ودعت صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي الأهالي للتوجه إلى المناطق المهددة، بما في ذلك طريق بلاط-بحور والمزينة، للمساعدة في إخماد النيران التي باتت قريبة من المنازل، مما يعكس التضامن الشعبي في ظل غياب الإمكانات الكافية لدى الحكومة.
وقالت زينب محمود، وهي موظفة حكومية في ريف حمص، إنّ “الحرائق الجديدة أقوى من سابقتها، وسط مخاوف من استمرار امتداد النيران وتكبيد المزارعين خسائر إضافية”، مؤكّدة أنّ مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في قرية مرمريتا بريف حمص الغربي التهمتها النيران. وهذه المساحات تحتوي على أشجار زيتون وعدد قليل من الأشجار الحراجية.
أظهرت إحصائيات مديرية الزراعة في حمص أن عدد الحرائق المسجلة منذ بداية العام الحالي بلغ 394 حريقاً، تسببت في تدمير أكثر من 8367 دونماً من الأراضي. ومن هذه الحرائق: 19 حريقاً حراجياً في الغابات، 93 حريقاً على جوانب الطرقات، 282 حريقاً زراعياً، أتت على مزارع واسعة معظمها من الزيتون.