خاص – دمشق
بالتزامن مع عودة آلاف السوريين من لبنان إلى سوريا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق عدّة في البلاد، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً أشارت فيه وجود انتهاكات وصفتها بـ “الجسيمة” تواجه العائدين.
وحمل تقرير الشبكة الذي صدر اليوم الثلاثاء، عنوان “معاناة العودة: انتهاكات جسيمة تواجه اللاجئين السوريين العائدين من لبنان”، مؤكداً التقرير أن الحكومة السورية اعتقلت 26 شخصاً (بينهم سيدة) منذ 26 أيلول/سبتمبر وحتى 25 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، كما فارق مواطن سوريّ الحياة جراء التعذيب.
ولم يُغفل تقرير الشبكة أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، التي تشهد تدهوراً جعلهم في أزمة حادة لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، والسكن، والرعاية الصحية وسط انعدام الخيارات الآمنة والبدائل المتاحة لهم للبقاء في لبنان.
هذه الأسباب، إضافة للحرب المستمرّة بين “حزب الله” اللبناني وإسرائيل، وجد سوريون أنفسهم مضطرين للعودة إلى سوريا، وسط مخاطر أمنية وعدم الاستقرار في ظلّ غياب الضمانات الأممية.
وقال فضل عبد الغني، مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان لـ ”963+”: “في ظل غياب أي إجراءات تضمن حماية حقوق العائدين وسلامتهم، يواجه اللاجئون السوريون العائدون من لبنان تحديات أمنية وقانونية تتطلب وضع آليات حقيقية وفعالة لضمان حماية حقوقهم ومنع استمرار الانتهاكات، لا سيما من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري”، مضيفاً أن “العودة القسرية في ظل عدم وجود ضمانات كافية تزيد من تفاقم الوضع الإنساني في سوريا، مما يستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ تدابير عاجلة لتحسين أوضاع العائدين وضمان حقوقهم الأساسية”.
سوريا ليست آمنة
قُبيل بدء التصعيد بين “حزب الله” وإسرائيل، كانت تهديدات ترحيل السوريين من لبنان تردد بشكل يومي على لسان الساسة في لبنان، وقد جرى ترحيل أعداد منهم على الرغم من تأكيد منظمات حقوقية عديدة على رأسها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ “سوريا بيئة غير آمنة للعائدين” وسط استمرار الممارسات القمعية من قبل الحكومة السورية وتسجيل حالات اختفاء قسري واعتقال تعسفي وتعذيب، يُفضي إلى الوفاة.
اعتقال وتعذيب
وثّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في وقت سابق، اعتقال 208 أشخاص على يد قوات الحكومة السورية منذ مطلع العام 2024، كانوا قد عادوا من لبنان بشكل قسري، وأكّدت الشبكة أنّ بينهم طفلان و6 سيدات، فيما توفي ستة آخرين بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز.
واعتقلت قوات الحكومة السورية 26 لاجئاً (بينهم امرأة)، عادوا من لبنان منذ بدء الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وتؤكد الشبكة السورية في تقريرها الصادر اليوم، أنّ من بين هؤلاء، أربعة شبّان اقتيدوا إلى التجنيد الإجباري أو الاحتياطي، وقُتل أحد المعتقلين نتيجة التعذيب داخل مراكز الاحتجاز.
ونددت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بهذه الأفعال، مشيرة إلى أنها تؤكد “استمرار النهج القمعي للنظام السوري تجاه العائدين، وتوضح غياب الضمانات الحقيقية رغم الإجراءات الشكلية المفروضة عليهم، وهي لا تختلف كثيراً عن تلك التي دفعتهم إلى اللجوء في البداية، ليظل الاعتقال والتجنيد القسري والاختفاء القسري واقعاً يتفاقم في حياتهم”.
ولا تكتفي الحكومة السورية عند هذا الحدّ من الإجراءات والانتهاكات، وفق الشبكة السورية، حيث وصل الأمل لإصدار قوانين تتيح الاستحواذ على أملاك النازحين واللاجئين السوريين.
عقاب عبر مراكز الإيواء
بالتزامن مع عودة السوريين إلى لبنان فرّ مئات الآلاف من اللبنانيين إلى سوريا، مستفيدين من مراكز إيواء رسمية بلغ عددها نحو 30 مركزاً، فيما تحرم الحكومة السورية غالبية اللاجئين السوريين، من حق الحصول على مأوى، وهو ما اعتبره العائدون عقوبة لهم.
وأوصى تقرير الشبكة “المفوضية السامية” للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بضرورة توفير معلومات دورية واضحة للاجئين حول المخاطر المرتبطة بالعودة إلى سوريا.
وجدد التأكيد على ضرورة تقديم تنبيهات منتظمة بشأن الأوضاع الأمنية والإنسانية، والتأكيد على حقهم في اتخاذ قرار العودة بشكل حر ومستقل ودون ضغوط. كما دعا إلى عدم الترويج للإجراءات التي تزعم الحكومة السورية أنَّها توفر الأمان للعائدين، مع ضرورة مراقبة تطبيقها بدقة.
ودعا تقرير الشبكة “مجلس الأمن الدولي” والأمم المتحدة إلى إدراج قضية اللاجئين السوريين ضمن الأولويات الدولية العاجلة، كما دعا في ذات الشأن الدول المانحة للوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وتعزيز برامج إعادة التوطين للاجئين في دول الطوق، مع زيادة الدعم المالي المخصص لهذه الدول لتلبية احتياجات اللاجئين ومنع عودتهم القسرية، حيث تقول الشبكة إن الانتهاكات التي تم توثيقها تشمل “الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والتجنيد الإجباري، إضافة إلى عمليات الابتزاز المالي، والتمييز في توزيع المساعدات الإنسانية”.
وأكدت لجنة الطوارئ في لبنان أمس الاثنين عبور 353,410 مواطنين سوريين و165,030 مواطناً لبنانياً إلى الأراضي السورية، منذ 23 أيلول/سبتمبر الفائت.