رزق العبي – إسطنبول
أقام المكتب الإعلامي لـ ”حزب البعث” يوم أمس الأثنين في جامعة حلب ندوة حوارية بعنوان “تأثير الدراما التركية المدبلجة إلى العربية في الهوية الوطنية”. محذراً من مخاطر “الدبلجة التركية على الهوية العربية”. وتداول نُشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي خبر الندوة باستخفاف بالقول ” يجب الحد من المخاطر التركية، لكن يجب عدم نسيان مخاطر غيرها” في إشارة إلى إيران حليفة الرئيس السوري بشار الأسد.
ركّزت الندوة التي نظّمها “حزب البعث” المهيمن على السلطة منذ ستينات القرن الماضي والذي سمح وشجع شركات الإنتاج المحلية قبل نحو 18 عاماً بدبلجة المسلسلات التركية على أن “الدراما المدبلجة” تنتشر في بلدان متعددة واعتبر الحضور أنّ ذلك “ظاهرة” تستوجب الوقوف عندها انطلاقاً من “الدراما التركية المدبلجة إلى العربية”.
الثقافة في سوريا بين “تركيا وايران “
استهجن الحضور “الدبلجة التركية إلى العربية” مشيرين إلى أن الدراما التركية “مشوقة وذات طابع جذاب وتعرض قضايا تاريخية اجتماعية رومانسية وقصص الخيال العلمي، وهي محاولة تشويه القيم العربية وجعل الجيل منفصلاً عن القيم ليستسهل غزوه، وهي ذات تأثير سلبي وتؤثر كلياً على مكونات الهوية الوطنية”، وفق أحمد بحري أمين فرقة الآداب ل”حزب البعث العربي الاشتراكي” في جامعة حلب.
لكن ليس فقط “حزب البعث” بات وحده من يعتبر الدبلجة إلى التركية خطراً، كذلك يراها بعض العاملين في المجال الفني نفسه بأنّها خطر “وطني”. مؤخراً كتب الممثل والمخرج السوري عماد نجار منشوراً على حسابه في موقع فايسبوك، استهجن فيه تصوير فنانين سوريين لمسلسلات في تركيا، معتبراً أنّ الوجود التركي في شمال البلاد يجب أن يُحتّم مقاطعة تركيا.
في المقابل لا يقتصر الأمر فقط على تأثير الثقافة التركية على السوريين، بل هنالك المساعي الإيرانية المستمرة منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد لترسيخ الثقافة الإيرانية من خلال المراكز الثقافية التي باتت تنتشر بكثافة في دير الزور وريف حلب والرقة وريف دمشق وحدها حوالي 62 مقراً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. عدا عن زيادة دور العبادة “الحسينية” في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
في السياق تحاول الحكومة السورية إيصال فكرة لحاضنتها الشعبية على أنه وكالعادة هويتهاعروبية، وبالتالي أي تأثيرات خارجية وخصوصاً “ثقافية تركية” هي تأثيرات ضارة بالهوية الوطنية، ويُغفل في هذا السياق، تعليم اللغة الروسية في صفوف الدراسة الأولى، ودخول الثقافة الفارسية مع موجات التشييع، ويركّز على الجانب التركي في ظل وجود إشكالية سياسية مع تركيا.
السوريون أبدعوا في الدراما المدبلجة أيضاً
ويرى الكاتب والمترجم السوري جمال مامو بأنّ “السوريين هم من اشتغل في الدبلجة وهم من قام بذلك، وكان ذلك حتمياً نتيجة التقارب الثقافي مع تركيا ونتيجة حسّهم الدرامي، وقد استطاعوا اقتناص ذلك وهو مقبول بشكل كبير عربياً”.
وأضاف في تصريح لـ ”963+” أنّ الحكومة السورية بالأساس رعت مسألة الدبلجة واستفادت منها مادياً، وخصوصاً في الخليج، وكانت الدبلجة مدخلاً إلى السوق الخليجي، أما بخصوص المحاضرة أعتقد هي تندرج في سياق التغافل عمّا أشرت له سابقاً بخصوص الغزو الثقافي الروسي والثقافي والديني الإيراني في سوريا، وكذلك تأتي في سياق “الجكر السياسي”.
في السياق، أشار المترجم السوري إلى أنّ الأعمال التركية المدبلجة لو نوقشت “فنيّاً”، فإن هناك الكثير من المشكلات، لأن المشاهد يشعر بأن البيئة مصطنعة ومُعقمة وخاليةمن الحقيقة.
ومنذ أول دبلجة للمسلسلات التركية عام 2007 فقد أحدثت تلك المسلسلات ضجة كبيرة في الأوساط الاجتماعية والتربوية على امتداد العالم العربي، على الرغم من عوائدهاالمادية للعاملين فيها.
ولاقت المسلسلات المدبلجة رواجاً في الأوساط العربية، حيث تشير قناة “تي آر تي”الحكومية التركية إلى أنّ المسلسلات التركية استهدفت ما يقارب 700 مليون مشاهدخلال عام 2021.