خاص ـ دمشق
توقعت وسائل إعلام سورية مقربة من الحكومة، اليوم الثلاثاء، أن تقوم تركيا بتنفيذ عملية برية محدودة في شمال شرقي البلاد، وذلك بعد تصاعد الغارات الجوية التركية في المنطقة عقب الهجوم الذي استهدف شركة “توساش” للصناعات الدفاعية في أنقرة. وتأتي هذه التوقعات بعد التزام دمشق الصمت حيال التصعيد الأخير، مما أثار تكهنات بوجود تفاهمات غير معلنة بين الجانبين.
لماذا تصمت دمشق؟
في الوقت الذي لم تبد فيه الحكومة السورية أي رد فعل على التصعيد التركي الذي استمر لخمسة أيام متواصلة على الشمال السوري، والذي أدى إلى مقتل 17 شخصاً وإصابة 65 آخرين، إضافة لخسائر مادية وتضرر في البنية التحتية في المنطقة، تتحدث وسائل إعلام حكومية عن ترجيحات لعملية عسكرية تركية محدودة، ما أثار تساؤلات لمحللين حول عمليات مقايضة بين روسيا وتركيا قبيل أستانا 22 في شمال غرب وشمال شرق سوريا”.
وما يؤكد ذلك ما جاء في حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده “تتطلع إلى خطوات إيجابية من دمشق تجاه إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل عام 2011″، بالإضافة لتجديد حديثه الجمعة الماضي، عن التزام بلاده بمكافحة “الإرهاب من منبعه”، ملمحاً إلى “عملية عسكرية موسعة شمال شرقي سوريا”.
وقال عبد الحليم سليمان، وهو صحفي سوري مستقل يقيم في شمال البلاد، لموقع “963+” إن “الإعلام السوري الرسمي لم يسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي طالت البنية التحتية الوطنية في شمال شرقي سوريا، رغم أن هذه المرافق تخدم ما يقرب من 6 ملايين سوري، وهم مواطنون سوريون بالدرجة الأولى”.
وأضاف: “كان من الأولى تركيز الإعلام الحكومي السوري على انتهاك السيادة الوطنية من خلال فضح هذه الاعتداءات، بدلاً من التركيز على تكهنات حول عملية عسكرية تركية، خاصة وأن المعلومات الواردة غير مؤكدة وليست من مصادر موثوقة”.
وذكرت صحيفة “الوطن”، المقربة من الحكومة السورية، نقلاً عن مصادر، بأن “تركيا قد تلجأ وبمؤازرة فصائل الجيش الوطني، إلى عملية توغل محدودة داخل خطوط التماس في ريفي عين عيسى شمال الرقة وفي ريف تل تمر غرب رأس العين، من دون أن تتقدم باتجاه تل رفعت شمال حلب أو نحو منبج وكوباني بريف المحافظة الشمالي الشرقي”.
ولكن سليمان، استبعد شن أي عملية عسكرية تركية، وقال: “الوقائع السياسية لا تشير إلى هجوم تركي محتمل أو واسع أو حتى محدود في شمال شرقي سوريا، بل على العكس، هناك دائماً حفاظ على مناطق النفوذ بين الأطراف المتنازعة في سوريا”.
وأوضح سليمان أن “الأطراف الضامنة، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا، لم تمنح ضوءاً أخضر لأي عملية عسكرية جديدة، بل تدعو باستمرار إلى خفض التصعيد في المنطقة، وهو ما يعكس توازنات الوضع السوري العام”.
وكان قد أعرب مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، لـ”963+”، عن قلق بلاده من الهجمات التركية على شمال سوريا، مؤكداً: “إننا لا نريد أن نرى عمليات تؤدي إلى سقوط ضحايا مدنيين أو تضر بجهودنا مع شركائنا في محاربة داعش، الذي لا يزال يشكل تهديدًا حقيقيًا”.
التصعيد التركي بعد هجوم أنقرة
بحسب ما قالت أنقرة، فإن الهجمات التركية، التي شنها الجيش عبر غارات جوية وبرية واسعة النطاق على شمال شرقي سوريا، جاءت كرد على الهجوم الذي استهدف شركة “توساش” في أنقرة، والذي تبناه حزب العمال الكردستاني في وقت لاحق.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية, مظلوم عبدي قد نفى علاقتهم بهجوم “توساش” وقال في تصريحات مصورة إن “لدى القيادة العامة في قسد قرار بعدم تنفيذ أي عمليات عسكرية في تركيا، وأن الساحة الرئيسية الوحيدة للعمليات العسكرية هي الساحة السورية فقط”، مشيراً إلى أن “تركيا تربط هجماتها على المنطقة بالهجوم الذي حصل مؤخراً في أنقرة، وتدعي أن المهاجمين دخلوا من سوريا”.
وكشفت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أن الهجمات التركية “أسفرت عن مقتل 17 شخصًا وإصابة 65 آخرين، وتسببت بانقطاع الكهرباء عن 150 ألف عائلة، وعرقلة إيصال المحروقات للمراكز الخدمية، لا سيما الأفران، ما أدى إلى نقص في كميات الوقود اللازم للتدفئة.
بدوره، قدّر الرئيس المُشارك لهيئة الطاقة في “الإدارة الذاتية”، زياد رستم، قيمة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب القصف بنحو 5 ملايين دولار.