خاص ـ دمشق
كشف ضابط في القوات الحكومية السورية، لموقع “963+”، اليوم الأحد، عن اعتقال أكثر من 100 عنصر من القوات الحكومية السورية، وحلفائها الإيرانيين، بتهم ارتباطهم بـ”جهات أجنبية” منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وقال المصدر إن المعتقلين مشتبه بتورطهم في أنشطة تجسس ضد المصالح الإيرانية و”لم يُعرف مصيرهم حتى الآن”، وسط توقعات بتعرضهم “لتصفيات سرية”، لكن لم يتسن لموقع “963+” التأكد من هذه المعلومات من مصادر أخرى مستقلة.
وتعد ساحة رئيسية للتصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران، حيث كثفت إسرائيل هجماتها على المواقع الإيرانية داخل سوريا في الأشهر الأخيرة.
ومع تزايد الضغوط العسكرية، لجأت بعض الفصائل الإيرانية إلى تغيير تكتيكاتها الأمنية، حيث بدأ بعض عناصرها بارتداء الزي المدني، والتخفي بين المدنيين لتجنب الاستهدافات الجوية، بحسب مصدر محلي في دير الزور.
العوامل الإقليمية المؤثرة
فرض الوضع في المنطقة على دمشق، والذي ترافق مع اشتداد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ضغوطاً إضافية، حيث وجدت نفسها مجبرة على اتخاذ خطوات استراتيجية لإبعاد النفوذ الإيراني، بهدف تقليل استهداف مواقعها من قبل إسرائيل.
وأشار المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، إلى تأثير التوترات الإقليمية المتزايدة على استقرار سوريا، داعياً لاستئناف العملية السياسية.
ومع استمرار التنافس بين الفصائل المدعومة من إيران والقوات الحكومية، واتهامات دمشق لبعض الفصائل الإيرانية بعمليات تهريب غير قانونية، لجأت دمشق إلى إجراءات اعتقالية وصفت بـ”الصارمة” لضبط الوضع.
وأدى ذلك إلى اعتقالات واسعة في صفوف الجنسيات غير السورية، شملت عناصر إيرانية ولبنانية وعراقية، بتهم التخابر والتنسيق مع جهات معارضة.
مؤشرات إحصائية لحالات الاعتقال والانشقاق
منذ أكتوبر 2023، واجهت الفصائل الإيرانية تحديات أمنية داخلية، وتصاعدت حالات الاعتقال بشكل واضح خلال الأشهر الأخيرة في صفوف القوات الحكومية والفصائل الإيرانية، إذ تم اعتقال عناصر من جنسيات متعددة ومواقع مختلفة مثل دير الزور شرقي سوريا، ودمشق، وحمص، ومن بين المعتقلين ضباط في كتيبة الرادار وقيادات من الفصائل العراقية والإيرانية.
اعتقال ضابط حكومي بحمص.. و”الثوري الإيراني” يعزز تواجده شرقي سوريا
وأكد الضابط السوري الذي اشترط عدم كشف اسمه لـ”963+” أن عدداً من هؤلاء المعتقلين من غير السوريين ويحتجزهم “الحرس الثوري” الإيراني في سجن داخل قاعدة عين علي في الميادين بريف دير الزور الشرقي.
وفي إطار عمليات الاعتقال، استهدفت الحكومة السورية أيضاً عناصر في مواقع مختلفة، فاعتُقل عنصر من القوات الحكومية في حي العمال بدير الزور، بالإضافة إلى أحد أفراد “حزب الله” اللبناني في منطقة السيدة زينب بدمشق، وضابط من كتيبة الرادار في حي القصور بمدينة حمص.
كما شهدت تدمر اعتقال ثلاثة عناصر محليين من الفصائل الإيرانية، بينما سُجلت حادثة فرار قيادي عراقي من لواء زينبيون بعد اتهامه بالخيانة في المنطقة ذاتها.
وبينما تعمقت الشكوك الداخلية، تصاعدت أزمات الثقة داخل الفصائل المدعومة من إيران، إذ أُلقي القبض على عنصرين محليين في حمص بتهمة تسميم زملائهم من الحرس الثوري، وأوقف عناصر آخرون في مطار الحمدان بدير الزور بعد محاولات انشقاق غير ناجحة من مواقع عسكرية إيرانية هناك.
وشملت الاعتقالات أيضاً ضابطاً برتبة ملازم وعنصراً من الدفاع الجوي في حمص بتهمة التنسيق مع جهات معارضة، كما أُلقي القبض على ثلاثة ضباط من كتيبة شنشنار في الدفاع الجوي بالمدينة نفسها، بحسب المصدر.
وفي دير الزور، أوقفت الفصائل الإيرانية عنصرين عراقيين يعملان في لواء القدس بتهمة تسريب معلومات حساسة.
وتعكس هذه الاعتقالات المتتالية اضطراباً متزايداً في الولاءات الداخلية وسط ضغوط إقليمية متزايدة، حيث تأتي هذه الأحداث في سياق محاولات الحكومة السورية تقليص النفوذ الإيراني، وسط تصاعد المطالب الدولية والمحلية لضبط الوضع الأمني المتأزم.
ومع تزايد عمليات الانشقاق والاعتقالات، بدأت الفصائل الموالية لإيران تواجه أزمة ثقة كبيرة، مما دفع بعض عناصرها للبحث عن طرق للفرار من جبهات القتال، في وقت يتزايد فيه استهداف المواقع الإيرانية من قبل إسرائيل.
تحولات جيوسياسية
تتجه دمشق مؤخراً نحو تقليص النفوذ الإيراني على أراضيها، حيث أخلت الفصائل الإيرانية قرابة 37 موقعاً استراتيجياً في دير الزور، لتحل محلها القوات الحكومية، وسط محاولات من الأخيرة لإعادة سيطرتها العسكرية على مناطق كانت خاضعة لإيران.
ويبدو أن هذه التحركات جاءت نتيجة لتنامي الضغوط الإسرائيلية والدولية على دمشق بشأن تواجد الفصائل الإيرانية، بالإضافة إلى تراجع النفوذ الروسي في سوريا نتيجة انشغال موسكو بأزمات أخرى، ما أتاح لطهران توسيع نفوذها في جنوب سوريا.
ولم تتوقف الإجراءات السورية عند الجانب العسكري، بل امتدت إلى إغلاق مكاتب تجنيد شبابية تديرها إيران في حلب وريفها، في خطوة تهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني في المجتمع السوري.
وبحسب محللين، تظهر التطورات الحالية أن دمشق بدأت بالفعل بإعادة النظر في تحالفاتها الخارجية، بما في ذلك علاقتها الطويلة الأمد مع طهران، التي كانت حاسمة في بقائها خلال سنوات الحرب.