سلطان الإبراهيم – دمشق
نشرت “حركة التحرير والبناء” المنضوية في صفوف “الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا في 10 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، تغريدة على منصة إكس، قالت إنها لـ “بطاقة شكر وجهتها منظمة نداء جنيف لقائد الحركة أبو حاتم شقرا لدوره في الالتزام بقواعد القانون الدولي”، ما أثار موجة تساؤلات وانتقادات للمنظمة التي تعرف بدفاعها عن حقوق الإنسان، خصوصاً أن شقرا معاقب أميركياً، ومتهم بارتكاب جرائم حرب على نطاقٍ واسع في سوريا.
وأحمد إحسان الهايس المعروف بـ “أبو حاتم شقرا”، هو قائد “حركة التحرير والبناء” في “الجيش الوطني السوري”، والقائد السابق لفصيل “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا، ومعاقب من قبل وزارة الخزانة الأميركية لاتهامه “بارتكاب انتهاكات بحق مدنيين وناشطين وامتلاكه سجلاً كبيراً من انتهاك حقوق الإنسان وجرائم الحرب”.
وتعرّف منظمة “نداء جنيف“، نفسها بأنها “منظمة غير حكومية محايدة ونزيهة تكرّس جهودها لتعزيز احترام المجموعات المسلحة غير الحكومية للمعايير الدولية الإنسانية في النزاعات المسلحة وغيرها من حالات العنف، ولا سيما تلك المتعلقة بحماية المدنيين، وتركز جهودها على حظر استخدام الأسلحة والألغام المضادة للأفراد وحماية الأطفال من آثار النزاع المسلح وحظر العنف الجنسي في النزاعات المسلحة والعمل للقضاء على التمييز بين الجنسين”.
وقال مدير العمليات في منظمة “نداء جنيف” عاطف حامد، في اتصال مع موقع “963+”، يوم الجمعة الماضي “إنهم سيقومون بالتحقق من الموضوع “.فيما أكد يوم الثلاثاء الماضي أن “المنظمة لم تقدّم للجماعة المذكورة شهادة تقدير، إنما ما تم تقديمه هو شهادة امتثال، تفيد بأنها اتّخذت خطوة إيجابية نحو التزامها، وتشجيعها على اتخاذ خطوات نحو الامتثال للقانون الدولي الإنساني”.
وتجنب مدير العمليات في المنظمة بشكل متكرر الإجابة على سؤال من موقع “963+” بشأن معرفتهم بـ “حاتم أبو شقرا” المصنف على قائمة العقوبات من قبل وزارة الخزانة الأميركية، والمتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
رشاوى وتبييض صفحات
يأتي ذلك، فيما كشف مصدر في فصائل المعارضة المسلحة لـ”963+”، أن “هناك منظمات عاملة على الأرض، تتلقى رشاوى أو تهديدات من قبل قياديين في فصائل مسلحة، من أجل التغطية على أعمالهم والانتهاكات التي يرتكبونها في مجال حقوق الإنسان، وتبييض صفحاتهم أمام المجتمع الدولي”.
وقال المصدر، إن ممثل منظمة “نداء جنيف” مصطفى عثمان المعروف بـ “مصطفى أبو غياث الحلبي”، والذي ينحدر من بلدة قباسين بريف الباب شرقي محافظة حلب، له ارتباطات مع “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً”، ويعمل على تبييض صفحة بعض قيادات فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا.
“هيومن رايتس” تصف التواجد التركي في سوريا بالاحتلال وتتهم مسؤوليها بالتورط بجرائم حرب
وأضاف أن “أبو غياث الحلبي” اعتقل من قبل “جبهة الأكراد” في مناطق ريف حلب الشمالي على خلفية ارتباطاته مع “جبهة النصرة” بين عامي 2013 و2015 التي نفذت عملية قتل جماعي في بلدتي تل حاصل وتل عران جنوب شرق مدين حلب، واعترف اَنذاك بإجراء لقاءات مع قادة “جبهة النصرة” وذلك قبل أن تفك “النصرة” ارتباطها بتنظيم “القاعدة “.
وأكد المصدر أنه تمّ الإفراج عنه بوساطة عشائرية، وبعد سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على مدينة عفرين نزح إلى ريف حلب الشمالي، ثم سمح له بالعودة إلى عفرين بشرط الإفصاح عن أسماء الموظفين الذين كانوا يعملون مع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، واعترف بإجرائه لقاءات مع قيادات “جبهة النصرة”.
ولدى سؤال مدير العمليات في منظمة “نداء جنيف” عاطف حامد، عن تلقي موظفي المنظمة رشاوى، قال إن “لا أحد من موظفينا متورط في أي نوع من الرشاوى، ونتعامل مع جميع الجماعات المسلحة على أساس حيادي، نتابع مع الجماعات المسلحة التي توقع على الالتزامات من خلال اجتماعات خاصة ومراسلات مكتوبة”.
لماذا عاقبته واشنطن؟
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في تموز/ يوليو عام 2021، عقوبات على “أبو حاتم شقرا” وفصيل “أحرار الشرقية” الذي كان يتزعمه، وقالت في بيان، إن “لدى جماعة أحرار الشرقية سجل من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك القتل غير القانوني للسياسية الكردية والأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف، إضافةً إلى حراسها الشخصيين في تشرين الأول/أكتوبر 2019”.
وأضاف البيان: “انخرط الفصيل في عمليات اختطاف وتعذيب ومصادرة ممتلكات خاصة من المدنيين، ومنع نازحين سوريين من العودة إلى ديارهم، كما شيّد مجمع سجون كبير خارج حلب، حيث تم إعدام المئات فيه منذ عام 2018 تحت إدارته، كما استخدم السجن لتنفيذ عمليات خطف واسعة النطاق مقابل فدية، استهدفت شخصيات تجارية ومعارضة بارزة في محافظتي حلب وإدلب، كما قام بدمج عناصر “داعش” السابقين في صفوفه”.
وكان قد تمّ توقيف المهندسة الكردية السورية هفرين خلف وهي من مواليد 1984، من قبل فصيل “أحرار الشرقية” من داخل سيارتها برفقة سائقها وأحد مساعديها، حيث تم إنزالها من السيارة وقتلها ومن معها، خلال هجوم “الجيش الوطني السوري” على منطقة رأس العين/ سري كانيه، وتل أبيض، فيما عرفت بعملية “نبع السلام” عام 2019، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.
سرقات وأتاوات
شكل “أبو حاتم شقرا” عام 2016 فصيل “أحرار الشرقية”، وذلك بعد طرده من حركة “أحرار الشام” على خلفية اتهامه بسرقة أموال داخل الحركة، وبعد أشهر من عمليات الفصيل ضد القوات الحكومية السورية، بدأ بفرض الأتاوات على المدنيين ومصادرة ممتلكاتهم، وارتكاب انتهاكات بحقهم، وفق تقارير لمواقع محلية.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، أعلنت “حركة التحرير والبناء” في “الجيش الوطني” والتي تتكون عن 4 فصائل معظمها من المنطقة الشرقية في سوريا وتم تشكيلها في شباط/ فبراير 2022، عن تكليف “أبو حاتم شقرا” بقيادة الحركة بدلاً ًمن حسين الحمادي، رغم أنه مصنف على قائمة العقوبات الأميركية.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد حمّلت في تقرير صادر بتاريخ 29 شباط/ فبراير 2024، تركيا المسؤولية عن “انتهاكات جسيمة” في المناطق التي تسيطر عليها مباشرةً أو عبر فصائل مسلحة موالية لها شمالي سوريا.
وقال التقرير: “تركيا تتحمل المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها قواتها أو الفصائل المسلحة التي تدعمها شمالي سوريا”.
وأضاف: “السكان الأكراد يتحملون وطأة الانتهاكات بسبب علاقاتهم المفترضة مع القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على مساحات واسعة من شمال شرق البلاد”.