دمشق
في خضم تصاعد التوتر الإقليمي وتداخل الحسابات العسكرية في سوريا، جاء إسقاط إسرائيل لطائرة مسيّرة، يُرجح أن فصائل عراقية موالية لإيران أطلقتها، ليل الأحد ـ الاثنين، ليكشف عن تحولات استراتيجية في المشهد السوري.
وكان الجيش الإسرائيلي، قد قال ليل أمس الأحد، إنّه أسقط طائرة مسيّرة في الأجواء السورية كانت تتجه صوب الجولان المحتل.
ووفقاً لمصادر محلية فإنّ الدفاعات الجوية الإسرائيلية في الجولان استهدفت طائرة مسيّرة كانت قد أطلقتها الفصائل الموالية لإيران، قادمة من العراق عبر الأراضي السورية، في أجواء قرية جلمة بريف محافظة درعا والتي تبعد 2 كيلومتر عن الجولان.
وعبرت المسيرة الأجواء السورية دون أن تتمكن الدفاعات الجوية التابعة لقوات “التحالف الدولي” في قاعدة “التنف” من رصدها.
وبعد إسقاط الطائرة، لوحظت تحركات سريعة من الفصائل الموالية لإيران لتخفيف الظهور العلني وتقليص النشاط الأمني في مناطق نفوذها.
ووفقاً لمصادر محلية من مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، فإن عدداً من المقرات الأمنية للفصائل الإيرانية أُخليت، مع نقل بعض الأسلحة إلى مستودعات سرية بين البوكمال ودير الزور. كذلك، أُبقي على عناصر محليين بأعداد محدودة لتأمين الحواجز بدلاً من العناصر الأجانب.
كما رصدت المصادر إطفاء الأنوار ليلاً في عدة مقرات حساسة، منها المربع الأمني في حي القصور والمركز الثقافي الإيراني في البوكمال، خشية تعرضها للاستهداف بالطائرات الحربية الإسرائيلية أو طائرات التحالف الدولي.
وتأتي حادثة إسقاط الطائرة التي رجح أن مصدرها الفصائل العراقية، في سياق تطورات بدأت بانسحاب جزئي لـ”حزب الله” من بعض مواقعه في سوريا، ما دفع الفصائل العراقية إلى ملء هذا الفراغ، مستغلة الفوضى المستمرة لتعزيز نفوذها على طول الحدود السورية-العراقية.
الفصائل العراقية تحل محل “حزب الله”
تشير تقارير ميدانية إلى أن قوات من “الحشد الشعبي” العراقي بدأت بالدخول إلى سوريا خلال الأيام الأخيرة، لسد الفراغ الذي خلفه الانسحاب الجزئي لعناصر “حزب الله” من بعض المواقع الاستراتيجية.
واستقرت هذه القوات في مناطق كان “حزب الله” يسيطر عليها، واستخدمت نفس الطرق التي كان الحزب يعتمدها للعبور إلى لبنان.
وتزامنت هذه التطورات مع انسحاب بعض قيادات الصف الأول للفصائل الإيرانية إلى العراق لتقليل احتمالية استهدافهم.
وتأتي هذه التطورات وسط تصعيد إسرائيلي في لبنان وسوريا منذ 23 أيلول/ سبتمبر، حيث نفذت إسرائيل عمليات برية محدودة وغارات جوية مكثفة ضد مواقع “حزب الله”. إضافة إلى ذلك، تكثف إسرائيل ضرباتها الجوية على الحدود السورية-اللبنانية لمنع إيصال شحنات الأسلحة إلى الحزب.
وكانت الدفاعات الجوية الإسرائيلية، قد تصدت في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لطائرتين مسيرتين في منطقة حوض اليرموك جنوبي سوريا.
وفي 12 أكتوبر، أطلقت الفصائل طائرة مسيّرة من البادية السورية باتجاه الجولان، إلا أن الدفاعات الجوية في قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي لم تتمكن من رصدها أو التصدي لها.
وتأتي هذه الأحداث في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل و”حزب الله”، حيث تسعى إسرائيل لتعزيز دفاعاتها على الحدود مع لبنان وسوريا، كما سحبت روسيا بعض نقاط المراقبة الخاصة بها في الجنوب السوري، لتقوم إسرائيل بتحريك السياج الفاصل بين المنطقة المنزوعة السلاح نحو الجانب السوري، وتنفذ أعمال حفر وإقامة مزيد من التحصينات في المنطقة.
وقد أشار بعض المحللين إلى أن هذه العمليات قد تكون جزءاً من استراتيجية أوسع لمواجهة التهديدات من الفصائل الموالية لإيران و”حزب الله” في المنطقة.