اندلعت اشتباكات عنيفة مساء أمس السبت، في بلدة زاكية بريف العاصمة السورية دمشق الجنوبي الغربي، بين مسلحين محليين والقوات الحكومية، وذلك عقب اعتقال الأخيرة شابين من البلدة إثر إطلاق الرصاص عليهما من حاجز “الزيتي” التابع لـ”الفرقة السابعة”، وذلك بعد أيام على حصارها للبلدة ومطالبتها بفرض “تسويات” جديدة فيها وتسليم سلاح العناصر السابقين في فصائل المعارضة.
وقال محمد العبدو وهو من سكان بلدة زاكية، لموقع “963+”، إن “مجموعات محلية هاجمت قوات الحكومة واندلعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة، على حاجز الزيتي عند المدخل الشرقي للبلدة، وذلك عقب اعتقال الحاجز للشابين مازن نور الدين وأحمد الفهاد”.
وأضاف، أن “الاشتباكات أسفرت عن إصابة المدعو حسن غدير، وهو منشق عن القوات الحكومية ويعمل في تجارة المخدرات، وكان قريباً من الحاجز أثناء اعتقال الشابين، واتهمته الفصائل المحلية بالإبلاغ عنهما”
ومن جانبه، قال الصحفي محمد الشيخ، وهو من أبناء البلدة ومقيم في العاصمة اللبنانية بيروت، إن “عمليات التسوية متوقفة في البلدة ولا يجري الحديث عنها، والتسويات بالنسبة للفرقة الرابعة تعني تصفية المعارضين واحداً تلو الآخر”، مضيفاً في تصريحات لـ”963+”، أن “قوات النظام حاصرت البلدة بعد تعرضها للهجوم ومنعت المدنيين من الدخول إليها أو الخروج منها، مما يشير إلى نيتها تنفيذ عملية اقتحام لها”.
وكانت القوات الحكومية، قد بدأت في 19 أيلول/ سبتمبر الماضي، حصاراً على بلدة زاكية استمر لأيام، واستقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محيط البلدة، وأنشأ “الأمن العسكري” و “الفرقة الرابعة” عدة حواجز على مداخلها ومخارجها، كما نفذت اعتقالات لأشخاص من أبنائها، من أجل استكمال سيطرتها عليها و”تسوية أوضاع” المطلوبين من منشقين ومتخلفين عن الخدمة الإلزامية والمقدر عددهم بـ500 شخص، بحسب ما كشف مصدر محلي حينها لموقع “963+”.
كما اندلعت بين القوات الحكومية والفصائل المحلية بالبلدة في 9 سبتمبر الماضي، تزامناً مع قصف مدفعي حكومي استهدف البلدة في محاولة لاقتحامها، وسبق ذلك، تعرض أحد القياديين المحليين مطلع سبتمبر، لعملية اغتيال، الأمر الذي دفع عناصر مسلحة محلية بالبلدة لمهاجمة حافلة مبيت تابعة لـ”الفرقة الرابعة”، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
وتتكرر الاشتباكات في مدن وبلدات خضعت لـ”التسويات” في مناطق متفرقة من سوريا لاسيما محافظتي درعا الجنوبية وحمص وسط البلاد، حيث تحاول القوات الحكومية بين الفترة والأخرى فرض “تسويات” جديدة، ما يشي بفشل هذا المسار.
وأطلقت القوات الحكومية في 15 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، “تسويات” جديدة في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، شملت عناصر وقادة سابقين في فصائل المعارضة ومنشقين عنها، يشرف عليها “اللواء الثامن” التابع لـ”الأمن العسكري”، حيث أجرى 50 منشقاً بالمدينة “تسويات” وفق شروط “تقضي بتسليم أنفسهم خلال شهر من إجراء التسوية”، بحسب ما نقل موقع “درعا24” المحلي.
وقال العميد منير الحريري، المنشق عن القوات الحكومية السورية لموقع “963+”، إن “الفصائل المحلية في درعا مثل اللواء الثامن المحسوب على روسيا، والذي يعتبر قطعة مجمدة من قطع الجيش السوري، تحاول الانفكاك عن دمشق، وعلاقتها بالحكومة متذبذبة أصلاً”.
وأضاف: “لا احتواء كامل لهذه الفصائل حتى المحسوبة على الأمن العسكري والمخابرات الجوية، والتي كانت تنفذ الاغتيالات والمهام لصالح الأفرع الأمنية”، مضيفاً أن “دمشق تحسب المنطقة الجنوبية، من القنيطرة حتى السويداء مروراً بدرعا، مناطق خارج عن سيطرتها، لذلك تعمل على تجنيد أبناء المنطقة ليعملوا لصالحها ولتنفيذ أجندتها”.
ومن جانبه، قال القيادي في الفصائل المحلية بدرعا رائد الجباوي لـ”963+”: “الموقف منقسم فثمة فصائل رفضت المصالحة ومستمرة في نهج “الثورة السورية”، وتحاول دون كلل التخلص من النظام والأفرع الأمنية، أما من قبلت منها بالمصالحة صيف 2018، فهي تتعامل مع الحكومة وفق مبدأ تبادل المصالح، مع الحصول على نفوذ وصلاحيات على الأرض”.
وفي تموز/ يوليو الماضي، بدأت القوات الحكومية، “تسويات” جديدة للمنشقين والعناصر السابقين بفصائل المعارضة في مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، قبل أن تبدأ اقتحاماً للمدينة مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد تهديدات أطلقها مدير المخابرات العامة بالقوات الحكومية اللواء حسام لوقا، وإعطاء وجهائها مهلة أسبوع لتسليم المطلوبين البالغ عددهم 120 شخصاً.
واستعادت القوات الحكومية السيطرة على تلبيسة لأول مرة بموجب “تسويات” تمت إجراؤها برعاية روسية في أيار/ مايو 2018، إلا أنها تكرر حصارها للمدينة بين الحين والآخر وتهدد باقتحامها.
وبدأت عمليات “التسوية” في سوريا بعد استحداث وزارة جديدة في الحكومة المشكلة بمرسوم من الرئيس السوري بشار الأسد في حزيران/ يونيو 2012، حملت اسم وزارة “المصالحة الوطنية” تولاها الوزير علي حيدر.
وطرحت الوزارة في بداية إطلاقها لـ”التسويات”، رؤية تتضمن “نزع سلاح المعارضين، وعقد مؤتمر عام على مستوى المحافظات يضمن مشاركة القوى الاجتماعية في التنمية ومؤسسات الدولة”، إلا أن ما قامت به لم يعط النتائج المرجوة، وسط تقارير عن فشل “التسويات” في أغلب المناطق.
وأعلن في شباط/ فبراير 2016، عن تأسيس مركز حميميم الروسي، والذي أصبح في وقت لاحق هو المشرف على عمليات “التسوية” بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة.