خاص – إدلب
بعد أن خسر وظيفته في لبنان، أنفق حسان علي، البالغ من العمر 26 عاماً، معظم مدخراته للوصول إلى موطنه الأصلي في إدلب بشمال غربي سوريا، التي غادرها قبل 10 سنوات.
لكن مع قلة الخيارات، سرعان ما وجد نفسه مضطراً للانضمام إلى هيئة تحرير الشام، (جبهة النصرة سابقاً).
وفور وصوله، التحق بمعسكر تدريبي وشرعي يستمر عدة أسابيع، ليتم لاحقاً توزيعه على أحد الألوية القتالية التابعة للهيئة، وفق ما ذكر حسان لموقع “963+”.
لم تكن لدى حسان بدائل تُذكر، خاصة بعد أن تلقى وعوداً بالحصول على راتب شهري لا يقل عن 100 دولار، مع توفير سكن ووجبات طعام أو تعويض مالي عنها.
هذه القصة هي واحدة من بين عشرات القصص المشابهة لشبان قدموا من لبنان إلى إدلب في الأشهر الأخيرة. حيث استغلت “تحرير الشام” حاجتهم إلى الأمن والاستقرار، مجبرة إياهم بشكل غير مباشر على الانضمام إلى صفوفها تحت وطأة العوز، لتخدم أجندتها السياسية والعسكرية.
استغلال الحاجة المادية
مازن محمد (22 عاماً)، الذي وصل إلى إدلب بعد انتهاء إقامته في لبنان وخوفه من الترحيل إلى مناطق الحكومة السورية، يمثل حالة أخرى من حالات الاستغلال.
خضع مازن فور وصوله لتحقيق طويل، بحسب ما قال لـ”963+”، حيث طُلب منه توضيح سبب قدومه، وتقديم تفاصيل عن أقاربه ومهنه السابقة.
وبعد خضوعه لتدريب قتالي وشرعي استمر لمدة شهر، تم فرزه إلى “فرقة القوات الخاصة”، التي تضم أكبر عدد من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 عاماً.
وفي إطار تعزيز سيطرتها، افتتحت “تحرير الشام” عام 2021 ما يُعرف بـ”إدارة التجنيد العسكري”، والتي انتشرت فروعها في إدلب وأريافها. ونظمت الهيئة حملات دعائية مكثفة استهدفت الشباب، مستغلة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة لتشجيعهم على الانضمام.
وتشير تقارير إلى أن الهيئة ركزت على استقطاب الشباب المرحّلين من تركيا أو العائدين من لبنان ومصر، حيث تُوظف هذه الفئات لتحقيق أهدافها العسكرية، مستغلة خوفهم من الترحيل إلى مناطق الحكومة السورية أو سوء الأوضاع المعيشية في أماكنهم السابقة.
أزمة النازحين
وبحسب منظمة “الدفاع المدني السوري”، (الخوذ البيضاء) في إدلب، فقد دخلت دفعة جديدة من السوريين الهاربين من الحرب الدائرة في لبنان، إلى مناطق شمال غربي سوريا عبر منفذ عون الدادات في ريف جرابلس شرقي حلب، الخميس الماضي، حيث قدر الذين دخلوا خلال ثلاثة أيام بنحو 1000 شخص أغلبهم نساء وأطفال.
وبهذا ترتفع إحصائية العابرين من المنفذ منذ بداية دخولهم إلى مناطق شمال غربي سوريا، إلى نحو 2700 مدني، بحسب منظمة “الخوذ البيضاء”.
الهاربون من لبنان، مثل حسان ومازن، وجدوا أنفسهم مضطرين للخضوع لاستغلال فرضته “تحرير الشام”، لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.
وتظهر الإحصائيات الرسمية في الحكومة السورية، أن عدد الوافدين اللبنانيين إلى سوريا منذ 23 أيلول/ سبتمبر وحتى 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بلغ 115,044 شخصاً، في حين سجّلت السلطات عبور 317,457 سورياً من لبنان إلى سوريا في الفترة ذاتها.