بيروت
تستمر الاشتباكات عنيفة في الجنوب اللبناني، بعد محاولات التقدم الإسرائيلية عبر الخط الأزرق، في مناطق مختلفة، كان أهمها في بلدة رامية، حيث قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية إن هذه الاشتباكات اليوم كانت ضارية، ومن مسافة صفر، وقد تكبد الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 بين قتيل وجريح، من دون أي كلام عن الخسائر في صفوف “حزب الله”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد عرض مقطع فيديو، قال إنه لعملية أسر عنصر من “حزب الله” في جنوب لبنان، من دون أن يقدم أي تفاصيل لاسم الأسير، أو للمنطقة التي تمت فيها عملية الأسر. وفي التفاصيل، حاصر الجنود الإسرائيليون مبنى تحته نفق، وعثر على مجمع عسكري تحت الأرض فيه أحد عناصر “حزب الله”، فتم أسره ونقله إلى إسرائيل. وفيما حين لم يصدر عن الحزب أي بيان رسمي بهذا الشأن، علّقت مصادر مقرّبة منه لصحيفة “النهار” اللبناني بالقول: “إن كان صحيحاً، فهو أمر طبيعي في الحروب، خصوصاً أنّ المواجهات تجري مباشرة عند الشريط الحدودي“.
ومساءً، قالت تقارير إعلامية إسرائيلية إن الدفاعات الجوية فشلت في اعتراض طائرات مُسيّرة أطلقها “حزب الله” من لبنان باتجاه عكا ونهاريا، وإن انفجاراً قوياً سمع في قاعدة عسكرية تابعة للواء غولاني في عكا بالعمق الإسرائيلي، فيما سمعت صفارات الإنذار تدوي باستمرار في عدد من مستوطنات الجليل الغربي والجليل الأسفل.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بسقوط 20 مصابًا، بينهم 8 إصابات خطيرة، جراء سقوط مسيّرة وانفجارها في غرفة الطعام بالقاعدة في بنيامينا، بمنطقة وادي عارة جنوب حيفا، فيما قالت القناة 13 إن عدد الإصابات يناهز 40 جريحاً، بينها عدد كبير من الإصابات الخطيرة.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن “الحدث” في بنيامينا هو “الأكثر دموية” منذ بداية الحرب على جبهة لبنان، وإن “حزب الله” نجح في خداع منظومة الدفاع الجوي بإطلاق رشقة كثيفة من الصواريخ قصيرة المدى للتغطية على المسيّرة، وإلهاء القبة الحديدية، وهذا ما سهّل وصول المسيّرة إلى هدفها.
معنويات وتعهدات
في ما يبدو محاولة حثيثة لإعادة “حزب الله” تنظيم صفوفه ورفع معنوياته، بعد الضربات التي تلقاها من إسرائيل، وتُوّجت بمصرع أمينه العام حسن نصر الله، نشر الإعلام الحربي في الحزب كلمة قديمة لنصر الله، ألقاها في إحدى المناورات العسكرية السابقة، قال فيها: “نتطلع جميعاً إليكم، إلى عقولكم النيرة، وإلى قلوبكم المؤمنة وإلى سواعدكم الفتيّة القويّة”.
وأضاف: “نراهن عليكم وعلى حضوركم وعلى إيمانكم وعلى جهادكم للدفاع عن شعبكم وأهلكم ووطنكم وقيمكم وكرامتكم والدفاع عن هذه الأرض المقدسة والمباركة وهذا الشعب الشريف، وكل إنجازات دماء الشهداء الذين سبقونا إلى الله سبحانه وتعالى”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد أعلن الأحد أنه لم يبق في أيدي حزب الله سوى ثلث الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، فيما كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية على لبنان ووسّعت نطاقها، وخاضت قواتها معارك مع مقاتلين من الحزب عبر الحدود، مضيفاً : “تمكنا من القضاء على قيادة حزب الله العليا بشكل شبه كامل”.
ومن الجبهة الشمالية، قال غالانت إن إسرائيل ستدمر الخط الأول من قرى “حزب الله” على الحدود، مضيفاً: “كل قرى الخط الأول في لبنان هدف لنا وندمرها واحدة تلو الأخرى، ولن نسمح لحزب الله بالعودة إليها”.
وأدى القصف الإسرائيلي المكثف، جواً وبحراً، إلى أضرار فادحة في الممتلكات بالجنوب اللبناني، إذ سويت قرى الشريط الحدودي المحاذي للخط الأزرق بالقرى، وتحولت إلى مناطق غير صالحة للعيش. كما استهدف القصف الإسرائيلي مناطقة بعيدة عن الحدود، تركز ليل أمس واليوم على النبطية، فدمّر السوق المركزية في تلك المدينة الجنوبية، وأوقع 9 قتلى ونحو 70 جريحاً.
مسألة الـ”يونيفيل”
إلى ذلك، تعرضت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لإطلاق النار مباشرةً من الجيش الإسرائيلي، وقالت إن دبابتين إسرائيليتين من طراز “ميركافا” قامتا بتدمير البوابة الرئيسية لموقع تابع لها فجر اليوم الأحد ودخلتاه عنوة، ثم غادرتا بعد نحو 45 دقيقة. وقالت إن رشقات نارية في شمال الموقع ذاته “أدت إلى انبعاث دخان كثيف” عانى على إثره “15 جندياً من قوات حفظ السلام تهيجاً في الجلد ومشاكل في المعدة”.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أشار قائد الفرقة 146 في الجيش الإسرائيلي العميد يفتاح نوروكين، الذي تعمل قواته في جنوب لبنان، إلى الأحداث التي تعرضت فيها قوات “يونيفيل” لضربات من الجيش الاسرائيلي، وقال: “نحن نحترم قوات اليونيفيل، ولم تكن هناك أي نية متعمدة لإيذائهم، ونحن نحقق في الحوادث التي حصلت”.
أضاف: “هذه بيئة قتالية معقدة، وفي أي اشتباك في مثل هذه المساحة، مع وجود عدو في المنطقة الواقعة بيننا، تحدث أخطاء أحيانًا، وقد نقلنا إليهم رسائل طمأنة بروح طيبة”.
وتأتي هذه الحوادث بعد طلب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إبعاد القوات الدولية عن “ساحة المعركة”. وعلّق رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي على هذا الطلب في بيان جاء فيه: “لم يكتفِ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بالعدوان الذي يشنّه على لبنان حاصداً الشهداء والضحايا والدمار الذي لا وصف له، بل يصرّ على كشف عدوانيته ايضا تجاه قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب”.
واعتبر أنّ “التحذير الذي وجّههه نتنياهو إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للمطالبة بإبعاد قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان يُمثّل فصلاً جديداً من نهج العدو بعدن الامتثال للشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة”، مؤكداً أنّ “هذا التصريح برسم المجتمع الدولي والامم المتحدة ويجب أن يكون حافزاً جديداً لاتخاذ الموقف المناسب”.