تعليقاً على خطة وزيرة الداخلية نانسي فيزر، قال توبياس هوغ، وهو صحفي وكاتب ألماني لموقع “963+” إن “الخطة مجرد سياسة رمزية، لأنها في النهاية تتلخص في عدة نقاط. على سبيل المثال، تأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وكذلك سياسة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية في الشرق الأوسط”.
وأعلنت ألمانيا الاثنين الماضي، عن إجراء جديد للحد من تدفق المهاجرين براً إلى أراضيها، وستفرض برلين ضوابط على جميع حدودها التي تشاركها مع تسع دول، في مسعى لضبط حركة مرور الأجانب في البلاد.
وكشفت عن ذلك وزيرة الداخلية نانسي فيزر، خلال مؤتمر صحفي، قالت فيه إنها أخطرت الاتحاد الأوروبي بإقامة ضوابط على الحدود البرية مع الدول المجاورة لمدة ستة أشهر.
وأشارت فيزر إلى أن هذه الضوابط تشمل جميع الحدود البرية الداخلية، للحد من الهجرة غير النظامية، ولحماية الأمن الداخلي من التهديدات الحالية.
ويأتي الإجراء في وقت تتصاعد فيه وتيرة المطالب بترحيل مهاجرين وتشديد قوانين اللجوء في ألمانيا، فيما تكررت الجرائم التي يرتكبها أجانب، بالتزامن مع انتخابات إقليمية ينافس فيها اليمين المتطرف المناهض للاجئين.
وأثارت هجمات نفذها طالبو لجوء في ألمانيا انتقادات أحزاب المعارضة للسياسة التي تتبعها برلين فيما يخص الهجرة.
وتتخوف ألمانيا من تصاعد نشاط الإسلاميين على أراضيها وتنفيذهم أعمالاً انتقامية، وترى فيزر أن الضوابط على الحدود، من شأنها أن تحمي بلادها من “الإرهاب الإسلامي والجريمة العابرة للحدود”.
ويُقصد بتشديد الرقابة على الحدود أن تجري الشرطة الألمانية تفتيشاً للأشخاص الذين سيعبرون الحدود، وسيُحظر من العبور، الأشخاص الذين فُرض عليهم حظر دخول وممن لا يملكون أوراقاً.
وأبلغت ألمانيا في منتصف عام 2021، عن وجود نحو 1.24 مليون لاجئ و233,000 طالب لجوء على أراضيها، مما يجعلها أكبر دولة مضيفة للاجئين في أوروبا.
ويتحدر نحو نصف عدد اللاجئين من سوريا، تستضيف ألمانيا أيضاً 27,000 شخص من عديمي الجنسية، بحسب الأمم المتحدة.
ومطلع الشهر الجاري، كشف موقع دويتشه فيله (DW) الألماني، أن ألمانيا تستضيف حوالي 778 ألف سورياً يشكلون 0.92 من إجمالي سكانها.
فيما أكدت الإحصاءات الدقيقة للأمم المتحدة بخصوص استضافة اللاجئين السوريين، تأتي ألمانيا في المرتبة السادسة بعد لبنان والأردن وتركيا وقبرص والنمسا، وذلك بالنظر لعدد الوافدين وعدد سكان الدولة المستقبلة.
أسباب ودوافع
ساهمت هجمات مميتة نفذها طالبو لجوء في ألمانيا بتصاعد الأصوات التي تنادي بالترحيل، وتشديد القوانين، وأحدثت أزمة سياسية استغلها اليمين المتطرف لتحقيق مكاسب سياسية.
وفي 24 آب/أغسطس الماضي، هاجم طالب لجوء سوري تجمعاً أثناء احتفال بمناسبة ذكرى مرور 650 عاماً على تأسيس مدينة زولينغن بولاية نورد راين فستفاليا المتاخمة للحدود مع هولندا.
وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين. فيما سلّم المهاجم نفسه للشرطة الألمانية، تزامناً مع إعلان تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الحادث، عبر بيان نشره على معرفات مقربة منه.
وقالت رودي علي، وهي عضو المجلس الاستشاري للاندماج في مدينة مونستر الألماني وباحثة إجتماعية لموقع “963+”، إن “حادثة زولينغن شكّلت صدمة كبيرة للرأي العام الألماني، وأعادت إلى الواجهة مخاوف قديمة مرتبطة باللاجئين والمهاجرين، خاصة في ظل تصاعد نفوذ اليمين المتطرف في ألمانيا ككل، وألمانيا الشرقية على وجه الخصوص”.
وقبل ذلك نفّذ مهاجرون جرائم أحدثت ردود فعل واستياءً لدى الألمان، بينها جريمة وقعت مطلع حزيران/يونيو الماضي، حينما نفذ مهاجر من أصل أفغاني هجوماً بسلاح أبيض في ساحة السوق في مانهايم، وأصاب في هجومه ستة أشخاص بينهم ضابط شرطة توفي متأثراً بإصابته.
وحينها، علّق وزير المالية الاتحادي كريستيان ليندنر (FDP) على منصة “إكس” معبراً عن صدمته: “ما يحدث في بلادنا يثير غضبي. يجب أن ندافع عن أنفسنا ضد الإرهاب الإسلامي. سنعزز السلطات الأمنية مالياً. لا مزيد من التسامح الزائف”.
وفي يونيو الماضي أيضاً، توفي شاب ألماني من أصول يونانية متأثراً بطعنات من قبل شاب سوري، في مدينة بادن أوينهاوزن بولاية شمال الراين غربي ألمانيا، وحينها أثارت الحادثة بشأن ترحيل اللاجئين المجرمين.
فيما أوقفت الشرطة الألمانية في نيسان/أبريل الماضي مراهقتين في دوسلدورف غرب ألمانيا بشبهة قيامهما بالتخطيط لـ “هجوم إرهابي” بدوافع إسلاموية.
وكانت قد أصدرت المحكمة الإقليمية في مدينة إلفانغن جنوبي ألمانيا، حكماً بالسجن على سوريين اثنين بتهمة تصنيع “الكبتاغون” وتهريب المخدرات، بعد أن ضبطتهما متلبسين في مصنع لإنتاج الحبوب المخدرة في ريغنسبورغ بولاية بافاريا، في تموز /يوليو 2023.
كما ألقت الشرطة الألمانية القبض على عدد من المنتسبين لتنظيم “داعش” المتطرف، وأشخاصاً ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، غالبيتهم ينحدرون من سوريا والعراق.
وفي حزيران الماضي، وافقت الحكومة الاتحادية على مشروع قانون يمكن بموجبه طرد الأجانب في حال تأييدهم لجريمة “إرهابية” على وسائل التواصل الاجتماعي.
“من المهم أن تدرك الحكومة أن الحل لا يكمن فقط في التشديد على اللاجئين، بل أيضاً في تهدئة الأوضاع والتصدي للتحريض ونشر الكراهية والعنصرية ضد فئات المجتمع المختلفة”.
رودي علي، ناشطة سورية وعضو المجلس الاستشاري للاندماج تقيم في ألمانيا
احتقان
يقول توبياس هوغ، إن “المزاج العام كان سيئاً للغاية قبل هجوم زولينغن، لأن الهجمات بالسكاكين أصبحت أمراً شائعاً في ألمانيا حالياً. الكثيرون يرون أن ألمانيا تجاوزت حدودها في قبول اللاجئين”.
ويضيف: “لسوء الحظ هناك أيضاً أشخاص بين اللاجئين لا يقبلون قيمنا ولا يحترمون بلدنا، ونتيجة لهذا فإن الأحزاب المتعصبة مثل حزب البديل من أجل ألمانيا تكتسب الآن المزيد من الثِقَل، وهو أمر ليس بالجيد على الإطلاق”.
لكن، رودي علي لفتت إلى أن “حالة الاحتقان المتزايدة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الجرائم، سواء من قبل المهاجرين أو تجاههم من قبل الألمان”.
وأضافت: أن “الاستقطاب الحاصل في المجتمع يزيد من تفاقم المشاكل ويخلق بيئة غير مستقرة”.
وقالت: “من المهم أن تدرك الحكومة أن الحل لا يكمن فقط في التشديد على اللاجئين، بل أيضاً تهدئة الأوضاع والتصدي للتحريض ونشر الكراهية والعنصرية ضد فئات المجتمع المختلفة”.
هجمات ضد اللاجئين
كشفت صحيفة “نويه أوسنابروكر تسايتونغ” الألمانية في الحادي عشر من آب/أغسطس الماضي، عن تسجيل 519 هجوماً ضد طالبي اللجوء في ألمانيا خلال النصف الأول من العام الحالي 2024، شملت جرائم التحريض على الكراهية والإكراه والتسبب بالأذى الجسدي.
وقالت الصحيفة إن 46 شخصاً، بينهم 6 أطفال، أصيبوا في هذه الحوادث التي وقعت خارج مساكن اللاجئين، بالإضافة لتسجيل 69 هجوماً على أماكن إقامتهم، وأشارت الشرطة الألمانية إلى أن 456 من الهجمات التي كشفتها التقارير الأمنية منسوبة إلى جماعات يمينية متطرفة.
ولعل تصريحات نجم المنتخب الألماني وريال مدريد الإسباني توني كروس عدم نيته الإقامة في بلاده، بدعوى أنها “غير آمنة”، بسبب ارتفاع عدد اللاجئين، كان أحد أسبابها حالة الاحتقان الذي تسبب به اليمين المتطرف ضد المهاجرين.
وقال كروس بعد خروج منتخب بلاده من بطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2024). إنه قرر البقاء في إسبانيا، لأن “ألمانيا لم تعد آمنة كما كانت قبل 10 سنوات”، عندما غادرها، ولن يكون لديه شعور بالارتياح بالسماح لابنته بالخروج ليلاً.
وأضاف حينها: “سعيد لأن ألمانيا يمكن أن ترحب بالناس بأذرع مفتوحة، لكن ظاهرة الهجرة لم يتم السيطرة عليها بشكل واضح، لقد قللنا من حقيقة أنه لا يمكن لأي شخص أن يكون جيداً معنا”.
فرصة سانحة
استثمر اليمين المتطرف في معاداة الأجانب لصالح دعايته في ألمانيا، والهادفة إلى الضغط على الحكومة، لا سيما بعد حادثة الطعن في زولينغن التي فاقمت الخلافات السياسية، وأعادت الجدل بشأن إعادة النظر في سياسة الهجرة التي تتبعها برلين منذ عهد أنجيلا ميركل.
وترى رودي علي أن اليمين المتطرف “لن يفوت فرصة كهذه للضغط باتجاه تشديد قوانين اللجوء” في إشارة إلى استثماره في حادثة زولينغن.
وأضافت: “الأجواء السياسية مشحونة، والمطالبات بتغيير القوانين تتزايد. ومع زيادة شعبية اليمين المتطرف في بعض الولايات الألمانية الشرقية. من المتوقع أن يكون له تأثير أكبر على سياسات اللجوء والهجرة في البلاد. إذ يمكن أن تضغط على حكومة ائتلاف إشارة المرور من أجل حجب الثقة عنها”.
ووجد اليمين الشعبوي المناهض للأجانب سيما حزب ألمانيا البديل (AFD) في حادثة زولينغن التي نفذها مهاجر وتبناها “داعش” فرصة سانحة للتنديد بما جرى، والتعهد بتشديد الإجراءات المتعلقة باللجوء والهجرة.
إجراءات حكومية
تشهد ألمانيا تحركات على مستوى عالٍ لتشديد قوانين اللجوء مع تصاعد المخاوف من نشاط المهاجرين المتطرفين.
قالت رودي علي: “الحكومة بدأت بالفعل باتخاذ إجراءات أكثر صرامة، خاصة فيما يتعلق بالتدقيق على الخلفيات الجنائية للمهاجرين واللاجئين”.
وتوقعت أن يكون هناك تشديد في الإجراءات الأمنية ومراقبة أكثر للمجتمعات المهاجرة والمراكز الدينية.
وأضافت: “من المتوقع أن تتبنى الحكومة سياسات تهدف إلى تحسين اندماج اللاجئين، لتجنب حدوث مثل هذه الحوادث مستقبلًا، لكن موجة الغضب الكبيرة بسبب الهجمات المتعددة أفسدت ما كان يمكن إصلاحه”، على حد قولها.
وفي 29 أغسطس الماضي أعلنت الحكومة الألمانية عن حزمة من المقترحات لقطع تغذية المعارضة التي تستثمر في انتقاد سياسة الهجرة.
وتركزت مقترحات الحكومة حول تشديد قواعد الأمن واللجوء بشكل أكثر صرامة، وتضمنت استبعاد طالبي اللجوء من تلقي أي مساعدة في ألمانيا إذا كانت لديهم مطالبات في دول أوروبية أخرى، وسحب الإقامة من اللاجئين الذين يسافرون إلى بلدانهم الأصلية دون أسباب مقنعة.
وكذلك استبعاد مرتكبي الجرائم وتشديد قواعد الملكية بشأن الأسلحة، وحظر استخدام المسدسات الكهربائية وحمل السكاكين في المناسبات العامة مثل المهرجانات الشعبية والأحداث الرياضية.
وتحظر ألمانيا في الإجراء المزمع البدء به في 16 أيلول/سبتمبر، دخول الأشخاص الذين لا يملكون طلب لجوء، وهو ما يتعارض مع اتفاقية “دبلن” التي تمنع إعادة الراغبين بتقديم طلبات اللجوء دون إجراء اللجوء.
والاثنين الماضي ، رفضت حكومة المستشار أولاف شولتس، تنفيذ عمليات رفض شاملة لطالبي اللجوء على الحدود.
وكانت الحكومة قد بدأت بتشديد إجراءات الهجرة منذ بداية عام 2024، حيث شهدت ألمانيا تحولات مهمة في سياق اللجوء والهجرة.
وأظهرت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في نهاية 2023 أن إجمالي عدد طلبات اللجوء في البلاد بلغ 351,915 طلباً، بزيادة 51.1% مقارنة بالعام 2022.
ويبلغ عدد سكان ألمانيا نحو 82 مليون نسمة، ويعيش فيها حوالي 13.9 مليون أجنبي، وفق إحصائية حتى كانون الأول 2023، بحسب المكتب الإحصائي الاتحادي في ألمانيا.
قواعد صارمة وترحيل
يرى الصحفي “هوغ” أن برلين ستتغير كثيراً، ويقول: “لدينا أكثر من 500 ألف شخص في ألمانيا مطلوب منهم مغادرة البلاد. وعاجلاً أم آجلاً ستقوم ألمانيا بترحيل هؤلاء الأشخاص”.
وتعمل الحكومة الألمانية على خطة لتطبيق قواعد أوروبية أكثر صرامة من شأنها تقليص عدد طالبي اللجوء الواصلين إلى البلاد، وفق ما ذكرت وكالة “رويترز”.
وتشمل الخطة احتجاز طالبي اللجوء ريثما تحدد ألمانيا إن كانت مسؤولة عن معالجة حالاتهم، وتعوّل على قاعدة بيانات بصمات الأصابع الأوروبية المشتركة، بحسب فيزر.
وقالت فيزر إن ألمانيا الأشخاص “ممن تقع مسؤولية إجراءات لجوئهم على عاتق دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي”، إلا أن ذلك لقى انتقاداً من بولندا التي تشارك برلين الحدود البرية.
وانتقدت المعارضة شولتس بسبب عدم تنفيذ عمليات رفض شاملة لطالبي اللجوء على حدود ألمانيا، وهو المحافظون (المسيحي الديمقراطي و الاتحاد المسيحي الاجتماعي ) لمشاركتهم في المحادثات.
وقال تورستن فراي، النائب في الحزب المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي، إن الإجراءات كانت تستهدف تسريع عملية ترحيل طالبي اللجوء الذين يتم رفض طلباتهم، مشيراً إلى أن المقترحات التي عرضتها الحكومة في الاجتماع لم تصل إلى المستوى المطلوب.
وقال المستشار الألماني في أعقاب الاجتماع الذي فشل، “لا أستطيع إلا أن أقول: إن الانسحاب من هذه الجولة كان أمراً مفروغاً منه بالفعل. وهذا أمر محرج للمسؤولين عنه”.
وكان اقترح وزير الداخلية الألماني ومفوض الهجرة في الاتحاد الأوروبي يواكيم ستامب، مطلع الشهر الجاري، ترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون دول الاتحاد الأوروبي من بيلاروسيا إلى رواندا.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يمكنه الاستفادة من مرافق اللجوء الموجودة في رواندا، والتي كانت مخصصة بالبداية لخطة بريطانيا لعام 2022 لإرسال طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم.
“قد نرى إجراءات مشددة تجاه بعض الفئات المحددة، خاصة أولئك الذين لديهم سوابق جنائية وإجرامية”.
رودي علي، ناشطة سورية وعضو المجلس الاستشاري للاندماج تقيم في ألمانيا
ووصفت رودي علي عمليات الترحيل، بأنها “موضوع حساس ومعقد”. حيث تواجه حكومة الائتلاف الألمانية ضغوطًا من جهات متعددة، بما في ذلك الأحزاب اليمينية كالمسيحي الديمقراطي والحزب اليميني الشعبوي المتطرف التي تطالب بتشديد إجراءات اللجوء وزيادة عمليات الترحيل.
وأشارت إلى عوائق قانونية تحول دون تنفيذ عمليات ترحيل، “لكن في الوقت نفسه، تقف القيود القانونية والموقف الأوروبي العام واتفاقية جنيف للجوء ضد الترحيل الفعلي إلى مناطق غير آمنة مثل سوريا”.
ولم تستبعد الناشطة السورية عمليات الترحيل، وقالت “قد نرى إجراءات مشددة تجاه بعض الفئات المحددة، خاصة أولئك الذين لديهم سوابق جنائية وإجرامية. حيث تم بالفعل ترحيل ٢٨ شخصاً لديهم سجل إجرامي إلى أفغانستان.
وقالت: “أعتقد شخصياً أن الحكومة التي استطاعت التواصل مع حكومة طالبان الارهابية لن تعجز عن التواصل الغير مباشر مع حكومة دمشق لإعادة المجرمين السوريين إلى بلدانهم”.
وبالنسبة للسوريين، فإن “وضعهم يبقى حرجاً ولكن ليس مخيفاً إلى حد كبير”. وفقاً لرودي. إذ كثير من السوريين لم يعودوا يشعرون بالأمان والاستقرار، ليس فقط المجتمع الألمان.
ولفتت إلى أنه “حتى الآن، لا تزال معظم المنظمات الدولية تعارض ترحيل اللاجئين السوريين إلى سوريا، بسبب الوضع الأمني والحقوقي المتدهور هناك”.
ولكن إذا استمر الضغط السياسي العام وزادت وتيرة الإجرام، فقد نرى تغييرات تدريجية في السياسة الألمانية تجاه اللاجئين السوريين حتى، وربما تكون هناك تحركات لإيجاد بدائل مثل ترحيلهم إلى دول الجوار الأكثر استقراراً أو حتى إلى مناطق شمال شرقي سوريا، هذا ما صرّحت عنه اليوم وزيرة الخارجية الألمانية بيربوك، يحسب علي.
ورحّلت الحكومة الفيدرالية 28 طالب لجوء مدانين بجرائم إلى أفغانستان في السادس من سبتمبر الجاري.
“الوضع في سوريا مختلف عما كان عليه قبل عشر سنوات. ولذلك أشك في أنه لا يزال هناك أساس عام للحماية الفرعية لجميع مناطق سوريا”.
أنهالت تمارا زيشانغ ، وزيرة الداخلية ولاية ساكسونيا
قال وزير داخلية بافاريا يواكيم هيرمان: “لقد حان الوقت لبدء المزيد من رحلات الترحيل إلى أفغانستان وسوريا”.
وقالت وزيرة الداخلية ولاية ساكسونيا أنهالت تمارا زيشانغ: “الوضع في سوريا مختلف عما كان عليه قبل عشر سنوات. ولذلك أشك في أنه لا يزال هناك أساس عام للحماية الفرعية لجميع مناطق سوريا. وإذا لم يعد الناس في سوريا يخشون تعرضهم لأضرار جسيمة في بعض المناطق، فلم يعد هناك أي سبب لاستقبالهم معنا”.
وفيما يتعلق بأفغانستان أضافت: “على أقصى تقدير، عندما يتمكن الأفغان من الذهاب في إجازة لزيارة الوطن، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أنه لم يعد من الممكن أن يكون هناك سبب عام أو شامل لحماية أفغانستان”.
وأظهر استطلاع أجرته صحيفة “بيلد” وجود ما لا يقل عن 400 مجرم أفغاني في السجون الألمانية على مستوى البلاد، بالإضافة إلى وجود ما لا يقل عن 350 مجرماً سورياً، مطلوب منهم المغادرة لكن لم تتم عمليات ترحيلهم.
ترحيل السوريين
دعت زعيمة حزب “من أجل العقل والعدالة” (BSW)، سارة فاجنكنشت، السبت الماضي، إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن الحكومة السورية بهدف الحد من تدفق اللاجئين إلى ألمانيا.
وقالت في مقابلة صحفية، إنه يتعين على بلادها رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، باعتبار أن الحرب انتهت، وأضافت أنه قبل الحرب السورية “لم يأتِ منها أي لاجئ تقريباً إلى ألمانيا، أو ربما 100 لاجئ سنوياً.
وكان عمدة أوستلسهايم الألمانية ذو الأصول السورية، ريان الشبل، قد قال السبت الماضي، إن “البلديات والمجتمع ككل لم يعد بإمكانهما الاستجابة بشكل مناسب للهجرة المستمرة”.
وأضاف: “لا ينبغي إحضار اللاجئين إلى البلديات إلا إذا تمكنوا من التعريف بأنفسهم”، وذلك في إشارة إلى ضرورة تعلمهم اللغة الألمانية.
ودعا إلى ضرورة وقف حق الحماية الفرعية لأي سوري والنظر بطلبات اللجوء كل حالة على حدى، معبراً عن رفضه لعمليات الترحيل إلى سوريا التي ستدفع برلين إلى تطبيع علاقاتها مع الحكومة السورية.
وأشار الصحافي الألماني هوغ إلى أنه “عاجلاً أم آجلاً، ستكون هناك عمليات ترحيل إلى سوريا، ولكن عليك أن تولي اهتماماً وثيقاً لكل حالة على حدة”.
وأضاف: “ألمانيا الصغيرة لا تستطيع إنقاذ الشرق الأوسط في نهاية المطاف. ويجب معالجة أسباب الحالة المتمثلة بالنظام وإيران وأردوغان”، على حد قوله.
وقال: “المسلمين العرب المتشددين من سوريا يواجهون صعوبة بالاندماج في ألمانيا”.
ورأى أنه يجب على ألمانيا أن تتواصل بوضوح مع الجميع، “إذا تكيفت وتبنت قيمنا ووضعت القانون الأساسي أولاً، فمرحباً بك في ألمانيا. إذا لم تفعل ذلك، فأنت غير مرحب بك. وإذا كنت مجرماً فستجد نفسك سريعاً على متن طائرة ليتم ترحيلك”.
وبينما تحاول الحكومة الألمانية قطع الطريق على المعارضة، تظهر في موقف صعب أمام مخاوفها من جهة، ومخالفة اتفاقيتها، وإرضاء شركائها الأوروبيين.