برلين
زادت مخاطر ترحيل اللاجئين من ألمانيا بعد قيام السوري عيسى الكسار بتوجيه طعنات قاتلة إلى عدد من الأشخاص في حفل في مدينة زولينغن، متسبباً في مقتل ثلاثة وإصابة ثمانية آخرين، بعدما تصاعد خطاب الكراهية ضدهم.
فقد غرّد وزير الاقتصاد الألماني كريستيان ليندر على حسابه بمنصة “إكس” قائلاً: “إن تشديد سياسة الهجرة تعزز السيطرة، وتصبح جاذبية الرفاهية الألمانية للهجرة غير النظامية محدودة، وهذه خطوات مهمة نحو الواقعية الجديدة”، مضيفاً: “ستقرر الحكومة الفدرالية المزيد من الإجراءات المتشددة مع المهاجرين واللاجئين، ويجب ألا يصطدم تفكيرنا بأي محرمات”.
وتابع ليندر مغرداً: “يجب أن تظل بلادنا منفتحة على العالم، تجذب العقول النيرة والأيادي العاملة الكادحة. نبقى متضامنين، لكننا لن نسمح بوصول من يستغلون تضامننا هذا”.
“963+” يكشف تفاصيل جديدة عن منفذ عملية الطعن في زولينغن بألمانيا
وكان هجوم الكسار، الذي أعلن تنظيم “داعش” المصنف إرهابياً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية وآسيوية أخرى مسؤوليته عنه، قد وقع في ساحة سوق فرونهوف الجمعة 24 آب/أغسطس الجاري، حين هاجم تجمعاً من الناس يصغون لعزف فرق موسيقية في ذكرى مرور 650 عاماً على تأسيس زولينغن بولاية نورد راين فستفاليا المتاخمة للحدود مع هولندا.
لن نقبل!
وقال وزير العدل ماركو بوشمان في برلين أمس الخميس: “يجب ترحيل أي شخص في ألمانيا يهاجم أو يهدد الناس بسكين”.
وحمّل فريدريش ميرز، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي، جميع اللاجئين من سوريا وأفغانستان مسؤولية جماعية عن الهجوم، قائلاً: “لن نقبل بالمزيد من اللاجئين من هذين البلدين”، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس).
وأضاف: “يجب ترحيل اللاجئين إلى سوريا وأفغانستان، بغض النظر عن المخاطر المميتة التي يواجهونها هناك، ويجب أيضاً منح الشرطة الفيدرالية صلاحيات أوسع في التعامل مع المخاطر التي يمثّلونها”.
واتخذ الحزب الديمقراطي الاشتراكي الجانب نفسه، فدعا زعيمه لارس كلينغبيل إلى “تعزيز التحكم بالإنترنت والسيطرة على المجتمعات الإسلامية لوقف دعاة الكراهية المتطرفين'”، على زعمه، مضيفاً: “على السلطات الأمنية الفيدرالية وعلى مستوى الولايات أن تدقق في كل شيء، وفي كل ملف”.
وأيد الرئيس الاتحادي فرانك فالتر شتاينماير منح السلطات الأمنية المزيد من الصلاحيات، فيما أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز في أثناء زيارته زولينغن الإثنين 26 آب/أغسطس عن تسريع إجراءات الترحيل. وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر: “سنرد على أي عمل إرهابي بالشدة اللازمة”، مضيفة لصحيفة (WAZ) اليومية: “نناقش بشكل مستفيض الإجراءات التي يجب أن نتخذها لنحمي شعبنا من الإرهاب والعنف، وانا أطالب بوقف فوري لدراسة طلبات اللجوء”.
أما اليسارية سارة فاغنكنشت فتدعو دائماً إلى تغيير جذري في مسألة اللجوء، وتقول: “علينا أن نقول للعالم أجمع.. لا تأتوا إلى ألمانيا”، محذرة من استفحال العنف.
مطمئنون
وعلى الرغم من تعميم الدعوات إلى الترحيل لتشمل كل اللاجئين، يشعر السوريون ببعض الإطمئنان بعدما أعلنت الخارجية الألمانية الأربعاء عن أن سوريا “ما زالت تعاني من حالة عدم الاستقرار والأمان بسبب صراعات متكررة تسفر عن وقوع عدد من الضحايا المدنيين، ولا يزال هناك خطر محدق بهم”.
وجاء تصريح وزارة الخارجية الألمانية إثر مطالبات متكررة بترحيل اللاجئين السوريين من قبل المعارضة الألمانية، بجانب اللاجئين الأفغان وتقييد عملية العبور غير الشرعي للمهاجرين نحو أراضيهم.
ويذكر هنا أن 104,561 سورياً قدموا طلبات للجوء والإقامة في ألمانيا، فيما نال 75,500 سوري الجنسية الألمانية بحسب مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا في أيار/مايو الماضي.
لا أفهم!
وما زاد الخطاب المناهض للاجئين حدةً إثارة مسألة مسألة مغادرة بعضهم ألمانيا لقضاء العطلات في بلادهم ثم العودة منها، خصوصاً أنهم يتمتعون بحق الحماية بذريعة أنهم مهددون في بلادهم.
في هذا السياق، غرّد ليندر قائلاً: “ما لا أستطيع أن أفهمه فعلاً هو طلب بعض اللاجئين الحصول على حق الإقامة في ألمانيا، لكنهم في نفس الوقت يذهبون لقضاء عطلتهم في بلد يتعرضون فيه للتهديد فعليًا”.
وكان يواكيم شتامب، مفوض الهجرة الألمانية، قد دعا في تصريحات صحفية في 20 آب/أغسطس الجاري إلى حرمان اللاجئين من وضع الحماية “إن كانوا يعودون إلى أوطانهم لقضاء العطلات فيها، فلا يمكنهم البقاء في ألمانيا بعد الآن”، مضيفاً: “على ألمانيا أن تبقى منفتحة على العالم، لكن يجب ألا تكون حمقاء”، بعدما كشفت قناة “آر تي أل” الألمانية عن سفر لاجئين أفغان يتمتعون بوضع الحماية في ألمانيا، إلى بلادهم لقضاء العطلة والعودة منها من دون علم السلطات الألمانية.