خاص – حمص
تنتشر تجارة كهرباء المولدات الخاصة في المناطق التجارية والسكنية في مدينة حمص وسط سوريا، في ظل انقطاع التيار الكهربائي، إلا أن هذا الحلّ ليس مستداماً وليس علنياً تماماً ما دامت السلطات المحلية تحظره رغم عدم إيجادها حلولاً أخرى.
وتمد بعض المولدات الخاصة المنازل أو المحال التجارية بالكهرباء وفق نظام الاشتراك (الأمبير) أو كمية الاستهلاك (الكيلو واط)، وكلاهما لا يخضعان لأي قواعد لأن مجلس المحافظة والبلديات المحلية لا تسمح بترخيص عمل هذه المولدات.
ويقول معتز الواكي، وهو من سكان المدينة، لـ”963+”، إنه يدفع 15 ألف ليرة سورية (ما يعادل دولاراً واحداً) مقابل استهلاك كل كيلو واط من كهرباء المولدات الخاصة لمنزله، فذلك يساعد عائلته على مقاومة الحر عبر تشغيل المراوح ووسائل التبريد.
ويعيد سبب اللجوء لهذا الحل إلى ظروف “بعدما نسيتنا الحكومة، وتركتنا فريسة لانقطاع الكهرباء من دون حلول، حتى أنها لا تتركنا ننعم بهذه النعمة”.
نسمع الشكوى نفسها، من صبا شانتال، التي تقول: “نحن محرومون من كل الخدمات الحكومية، ونعلم جميعاً أن قطاع الكهرباء العامة في موت سريري، فنحاول التعالي على جراحنا والاشتراك بالأمبير”.
وتستدرك: “لكن هناك من يحارب أصحاب المولدات الخاصة في حمص، وأنا متأكدة أن لا صلة لقانون قيصر بهذا الأمر، إنما هم فاسدون وتجار حرب”.
تجار أزمات
وأمام واقع انقطاع الكهرباء العامة، فضّل خليل محمد (اسم مستعار لمستثمر مولدة خاصة) بيع الكهرباء بالكيلو واط.
يقول لـ”963+”: “هذه التجارة تدرّ مالاً وفيراً، ولذلك نواجه محاولات إيقافنا عن العمل، فالمسؤولون في حمص يعرفون جيداً حاجة الأهالي إلى الكهرباء، ومع ذلك يحاربوننا، كلهم من دون استثناء”.
ولا يخفي المستثمر دفعه لمبالغ مالية للمسؤولين عن المنطقة والكهرباء فيها لغض النظر عن مولدته لفترة محددة، مشيراً إلى أن مبلغ الرشوة يضاف للتكاليف وبالتالي لسعر الكيلو واط الذي يتقاضاه من المستهلكين.
يضيف خليل: “نشتري المازوت اللازم لتشغيل المولدات من السوق السوداء بسعر 13 ألف ليرة سورية (90 سنتاً) لليتر الواحد، لأن مجلس المحافظة يرفض منحنا الترخيص اللازم، وهي نفسها تبيعنا المازوت بالسعر الحر بطرق ملتوية، أي من خلال التجار”.
ويعتقد المستثمر أن الهدف الوحيد من العراقيل وعدم قوننة الكهرباء الخاصة، هو حصر استثمار “الأمبيرات” بيد المتنفذين والمستثمرين المقربين منهم عبر ضمان غض النظر عن استثماراتهم المحظورة.
ويفضل أصحاب الأعمال في حمص توفر الكهرباء حتى لو كانت مأجورة وخاصة، والأمر نفسه بالنسبة للكثير من العائلات، إلا أن المحافظة ومجلس المدينة يرفضان ذلك.
وتلبي كل مولدة خاصة حاجة نحو 500 مشترك تقريباً، بحسب خليل الذي يتساءل كيف سيحصلون على الكهرباء في حال تم إيقاف هذه المولدات.
كيلو واط أم أمبيرات
يعتبر أحد مالكي المولدات في حمص أن “نظام الكيلو واط أفضل من اشتراك الأمبيرات السائد في حلب ومناطق سورية أخرى، لأنه يحدد قيمة تغذية المنزل بالكهرباء ويدفع رب العائلة بقدر ما يستهلك بالضبط”.
ويوضح لـ”963+”: “ثمة فارق تقني بين الاشتراكين، قاطع الكيلو واط إلكتروني، يعمل بمبدأ عداد الكهرباء الحكومي، فيحسب مقدار استهلاك الطاقة من الكيلو واط، يدفع المشترك 15 ألف ليرة سورية (دولار واحد) لكل كيلو واط استهلكه، بينما قاطع الأمبير عادي، يسمح بمرور التيار الكهربائي حتى حدّ الاشتراك ( 3 أمبيرات مثلاً)”.
وقال عضو في مجلس محافظة حلب لـ “963+” إن “دراسة موسعة تجريها المحافظة توصي بالانتقال إلى طريقة اشتراك الكيلو واط، كما يجري في حمص، لما في ذلك من توفير مادي على المشتركين”.
وتعود بداية انتشار مولدات الأمبير من حلب إلى أعوام سابقة حين اندلعت المعارك بين القوات الحكومية ومجموعات المعارضة المسلحة في المدينة، فانقطعت الكهرباء العامة بسبب الدمار الذي طال الشبكات والمحولات، وصارت المولدات الخاصة حلاً للحصول على الكهرباء.
وبعد استعادة القوات الحكومية سيطرتها على حلب، فضلت استمرار عمل مولدات الأمبير بسبب عدم وصول الكهرباء العامة للمدينة التي تضم أعمالاً صناعية واقتصادية هامة.
القانون لا يسمح
ولا يوجد نص قانوني أو قرار إداري لدى المؤسسات الحكومية يسمح بعمل المولدات الخاصة وبيع الكهرباء للمنازل وأصحاب الأعمال، بحسب مجلس مدينة حمص.
يقول رئيس المجلس، عبدالله البواب، لـ”963+” “تشغيل مولدات الاشتراك يحتاج إلى قرار من مجلس المدينة ومجلس المحافظة، وهو غير وارد حالياً، لأن انتشار المولدات في شوارع حمص يزيد من الضوضاء ويرفع خطر حدوث الحرائق”.
ويضيف: “المولدات الموجودة تعمل بلا ترخيص، وفرق المتابعة تمارس عملها يومياً لضبط المخالفات وتشميع المولدات، وهذا الأمر لا رجعة فيه، لأن المحافظة ستمنع وصول الأمبير إلى حمص بأي ثمن”.
ويردّ البواب على مطالب تزويد أصحاب المولدات بالمازوت الحكومي: “هذا غير ممكن إطلاقاً، لأنه سيستهلك مخصصات المدينة من المازوت، وبالتالي ستظهر الأزمة في المواصلات، تماماً كما حصل في حلب”.
وبخصوص الحل البديل، يقول رئيس مجلس المدينة: “لسنا بصدد تحمل مسؤولية هذا الملف، ففي حال نَوت محافظة حمص تركيب مولدات اشتراك والاستثمار في الأمبيرات، فسيكون ذلك وفقاً لقرار منظم، يوزع على وسائل الإعلام”.
وحتى إيجاد حل للكهرباء المقطوعة عن حمص وسائر الخدمات الغائبة، يقبل معتز الواكي ومشتركون آخرون في المولدات المحظورة دفع مبلغ مالي نهاية كل أسبوع ليتسير الحياة في أيام الصيف الحارة.