بيروت
السباق محموم بين المبادرات الديبلوماسية والتهديدات العسكرية في الشرق الأوسط. فبعد زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، وصل اليوم إلى بيروت وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فأكد له “دعم فرنسا للبنان في هذه الأوقات التي نشعر بها بالقلق، وضرورة العمل على تخفيف حدة التصعيد”.
وأضاف بعد اللقاء: “هذه هي الرسالة التي نقلتها للدولة اللبنانية، وسنعمل على نقلها لباقي دول الجوار”، علماً أنه بيروت محطة في جولة تشمل عمان وتل أبيب.
ثم التقى سيجورنيه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، فجدد تأكيد دعم فرنسا للبنان ووقوفها الى جانبه وثقتها به، متمنياً “استمرار عدم التصعيد من الجانب اللبناني”، ومقدراً “ضبط النفس في هذه المرحلة الصعبة”.
وتأتي الزيارة الفرنسية في نفس سياق الزيارة الأميركية، في التأكيد على أهمية خفض التصعيد، وعدم دخول “حزب الله” اللبناني في مواجهة واسعة النطاق مع إسرائيل. وتقول التقارير إن سيجورنيه نقل تحذيرات واضحة إلى المسؤولين اللبنانيين، مفادها: “إن كان ردّ حزب الله قوياً على استهداف الضاحية الجنوبية، يمكن الإسرائيليون أن يتخذوا ذلك ذريعة لتصعيد عملياتهم ضد لبنان”، مع تشديده على ضرورة إقناع “حزب الله” بتأجيل الردّ، وانتظار مسار المفاوضات في الدوحة التي يراهن الفرنسيون على نجاحها.
لحظة حاسمة
وفيما ينتظر وصول وزير خارجية مصر بدر عبدالمعطي إلى لبنان الجمعة، تزامناً مع اليوم الثاني من المباحثات في قطر حول هدنة في غزة بين إسرائيل وحركة “حماس” تتيح الإفراج عن الرهائن، والتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي توسيع حال التهدئة لتطال لبنان واليمن، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي اليوم الخميس إن هذه المباحثات تشكّل لحظة حاسمة للاستقرار العالمي، “وقد تحدد مستقبل الشرق الأوسط”.
وأضاف لامي: “نمرّ بلحظة حاسمة بالنسبة إلى الاستقرار العالمي. فالساعات والأيام المقبلة قد تحدد مستقبل الشرق الأوسط، ولهذا السبب فإننا اليوم وفي كل يوم نحث شركاءنا في المنطقة على اختيار السلام”.
وفي الإطار نفسه، شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أهمية التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وحضّا في اتصال هاتفي كل الأطراف “على عدم تقويض الجهود الرامية إلى تهدئة التوترات في المنطقة”، في إشارة إلى المحادثات التي تستضيفها الدوحة اليوم الخميس وغداً الجمعة.
وقالت مصادر في الخارجية الأميركية لوسائل الإعلام الأميركية: “لا نريد وضع إطار زمني لمحادثات الدوحة التي تجرى بخصوص غزة، لكنها خطوة مهمة وقد سدينا الكثير من الثغرات، لكن المسألة تحتاج إلى الكثير من العمل”.
فرصة أخيرة
في الجانب الإسرائيلي، تعلو الأصوات مطالبة بعدم توفيت الفرصة الأخيرة التي تمثلها مباحثات الدوحة. فكتب المراسل العسكري للقناة “13” الإسرائيلية قائلاً: “إننا عند مفترق طرق، أحد المنعطفات عند هذا المفترق هو صفقة تبادل الأسرى، وربما وقف القتال 42 يومًا… والثاني هو الحرب الإقليمية”، مؤكداً أن التوصية التي رفعتها المنظومة الأمنية للقيادة السياسية في إسرائيل هي “التوصل إلى اتفاق مع ’حماس‘ لتبادل الأسرى”.
وقالت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة إن “الوقت حان لإطلاق سراح الرهائن، ولا عذر لأي طرف في المزيد من التأخير”، داعية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عدم وضع العراقيل في طريق المفاوضات، “علها تنتج عودة أبنائنا من الأسر”، خصوصاً بعد إعلان “حماس” أمس الأربعاء عن مقتل أحد الأسرى برصاص أحد الحراس، الذي أطلق عليه النار بعدما وصله نبأ مقتل أولاده في غارة إسرائيلية، وفقاً لـ”حماس”.
هاجموا لبنان
الوضع في لبنان مختلف. فبالرغم من المحاولات الدولية الجادة لخفض منسوب التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، دعا الوزير الإسرائيلي السابق جدعون ساعر للاستيلاء على الأراضي في جنوب لبنان، قائلاً: “لا نهاية لخطر حزب الله، ولا تغيير للوضع القائم اليوم، إلا بفرض مفهوم جديد للحدود مع لبنان، يضمن منع حدوث 7 تشرين الأول (أكتوبر) آخر في الشمال”.
وأضاف: “يجب أن نغير المعادلة”، مهاجماً رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، بشأن تصريحه العلني حول محور “فيلادلفي” بين إسرائيل ومصر، والذي يتعارض مع الموقف الإسرائيلي الداعي إلى الاحتفاظ بالمحور، وقال: “أي غبي هذا!”.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية مساء اليوم الخميس عن انعقاد مجلس الوزراء السياسي الأمني الإسرائيلي الليلة في مخبأ بتل أبيب، للبحث في تطورات مباحثات الدوحة، والوضع المتفجر في جنوب لبنان، إضافة إلى الحرب المستمرة في غزة.