دمشق
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” مساء اليوم الثلاثاء اختيار يحيى السنوار، مسؤول الحركة في قطاع غزة، رئيساً لها خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في طهران.
والسنوار مولود في مخيم خان يونس للاجئين بقطاع غزة في عام 1962، وهو الاسم الأول على قوائم المطلوبين في إسرائيل، إذ تتهمه تل أبيب بأنه مهندس عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتتهم معه محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لـ”حماس”، الذي يؤكد الجيش الإسرائيلي أنه قتله في غارة على المواصي في قطاع غزة في تموز (يوليو) الماضي.
قبضت على مفاصل القرار
فما هي أبعاد اختيار “حماس” السنوار زعيماً؟ يرد الدكتور عمرو فاروق، الباحث المصري في شؤون الجماعات الأصولية، قرار “حماس” تسليم السنوار منصب الراحل هنية إلى سيطرته على القرار العسكري والسياسي في الحركة، “بحكم سيطرته على كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لـ’حماس‘، وهو بالتالي المتحكم بواقع الميدان في غزة”، بعد أكثر من 300 يوم من الحرب التي تشنها إسرائيل، عقاباً على هجوم 7 أكتوبر 2023.
ويضيف فاروق لـ”963+”: “سيطرة السنوار على قرار القسام كان واضحاً، من خلال انتقال المقاومة الفلسطينية من دائرة الركود إلى دائرة النشاط العسكري”.
وكان السنوار معتقلاً لمرات عدة في السجون الإسرائيلية إذ حكمت عليه محكمة إسرائيلية بأربع مؤبدات، لكن أفرج عنه بصفقة لتبادل الأسرى في عام 2011. وبعد إطلاقه، عاد سريعاً إلى نشاطه السياسي في قيادة كتائب القسام، ثم انتخب رئيساً للحركة في قطاع غزة في عام 2017، وأعيد انتخابه مرة أخرى في عام 2021.
ويمثل السنوار الجناح العسكري في “حماس”، الموالي ميدانياً لإيران، مقابل الراحل هنية وخالد مشعل، اللذين يمثلان الجناح السياسي الموالي للتنظيم الدولي لجماعة “الإخوان المسلمين”. ويعتقد فاروق أن اختيار “حماس” السنوار قائداً جاء بضغط إيراني، “وكذلك التوجه العام للأطراف الإقليمية أن أنسب رد على إسرائيل هو التوجه نحو المقاومة المسلحة حيث تهتم إيران بأن تكون ’حماس‘ ذراعاً قوياً مثل ’حزب الله‘ اللبناني وجماعة ’الحوثي‘ في اليمن، وقيادة السنوار تبقي ’حماس‘ على أهبة الاستعداد لمهاجمة إسرائيل والاشتباك معها”، لافتاً إلى أن هذا طليعة رد إيران على مقتل هنية.
خطوات سياسية
يعرف عن “حماس” ولاء قياداتها التنظيمي لجماعة “الإخوان المسلمين”. فالمادة الثانية من ميثاق تأسيسها في عام 1988 يعبر صراحة أن “حماس” جناح من أجنحة “الإخوان المسلمين”. وحين أعلنت الحركة فك ارتباطها بجماعة “الإخوان” في عام 2017، كان قراراً سياسياً غير تنظيمي، إذ أرادت حماية نفسها من تصنيفها دولياً على قوائم الإرهاب الدولية.
واليوم، يبدو أن التناغم بين “حماس” وإيران سياسي أيضاً، متصل مرحلياً بالموقف العسكري أولاً، وبالدعم الذي تعترف طهران بتقديمه للحركة، والذي ظهر للعيان في استقبال علي خامنئي للراحل هنية في طهران، قبل يوم من اغتياله.
ويرى فاروق أن اختيار السنوار مؤثر في مسألة الرد الإيراني، وله تداعيات على المناوشات بين طهران وتل أبيب، “فإن ’حماس‘ ستتحول تحت قيادة السنوار إلى ذراع إيران داخل إسرائيل، وأتوقع أن يكون الدعم الإيراني لـ’حماس‘ أكبر مالياً واشد فاعلية عسكرياً بعد تسلم السنوار رئاسة الحركة”، وهو يرى أن شخصية السنوار العسكرية قادرة على تفعيل الرد الإيراني المسلح متى كان صاحب القول الفصل في ’حماس‘”.
إنه حيّ!
وفي ردة الفعل الإسرائيلية على تزعم السنوار حركة “حماس”، قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه مفاجئ “ورسالة إلى إسرائيل بأنه حي وأن قيادة ’حماس‘ في غزة قوية وقائمة وستبقى”، فيما وزير خارجية إسرائيل يسرائيل كاتس إن تعيين “القاتل” السنوار زعيماً لـ”حماس” سبب آخر للقضاء عليها، “ومحو ذاكرة هذه المنظمة من وجه الأرض”.
بناءً على هذه المواقف الإسرائيلية، متوقع تصعيد العمليات العسكرية في غزة. فإسرائيل ستستخدم هذا الأمر مبرراً لتصعيد حملتها، كما هو ظاهر في كلام كاتس، و”حماس” تريد أن تثبت أنها ما زالت قادرة على تحريك دفة الصراع في القطاع.
وتقول صحيفة “هآرتس” العبرية إن أي مفاوضات بين إسرائيل و”حماس” بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ستتحول إلى شبه مفاوضات بين إسرائيل وإيران، علماً أن تل أبيب شكت دائماً، في الصفقات الماضية لتبادل الأسرى، من صعوبة المفوضات مع السنوار، الذي يُخضع أي تفاوض لمزاجيته الخاصة.