بعبارة “مصير كل سوري غير شرعي هو الترحيل”، يختصر ناجي حايك، نائب رئيس “التيار الوطني الحر” لـ”+963″، طموح حزبه في المستقبل القريب في لبنان.
فعلى الرغم من تعدّد القضايا على الساحة اللبنانية، يحتل ملفّ اللاجئين السوريين حيزاً مهمّاً في الآونة الأخيرة، فيما تشهد البلاد تحركاً جاداً على صعيد الأحزاب والبلديات والمؤسسات الرسمية في اتجاه تحميل السوريين وزر ما يجري على الساحة اللبنانية.
التحركات الحزبية
لا تقف الأحزاب اللبنانية مكتوفة الأيدي حالياً، إنما تنشط بشكل كبير إلى جانب أجهزة الدولة اللبنانية، وفي مقدمها البلديات، للضغط من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتواء وجود نحو 2.1 مليون سوري في لبنان، بحسب الإحصاءات الحكومية اللبنانية.
وكان حزب “القوات اللبنانية” في طليعة الأحزاب الناشطة حديثاً في هذا الملف، خصوصاً بعد مقتل أحد مسؤوليه المحليين في 8 نيسان/أبريل الماضي، واتهام عصابة سورية بالجريمة.
في حديث خاص لـ”963+”، يشدّد سعيد الأسمر، النائب عن حزب “القوات اللبنانية”، على ضرورة وضع حدّ لأعمال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية التي تدعم بقاء اللاجئين في لبنان، قائلاً: “نطلب منهم تأمين التمويل اللازم لحياة كريمة للاجئين في وطنهم سوريا، وليس في لبنان، وسيكون هناك مطالبة متكرّرة من جهتنا لوقف هذه النشاطات في لبنان”.
ويؤكد الأسمر أن وفداً من تكتل حزبه النيابي زار المكتب الإقليمي للمفوضية في بيروت، ورفع إليها كتاباً “لتذكيرها بأن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء”، ولمطالبتها “بعدم الاستمرار في المساعي الهادفة لتوطين طالبي اللجوء من السوريين الموجودين في لبنان بشكل غير شرعي”.
من جهة أخرى، كان لـ”التيار الوطني الحرّ” تحرّك بارز في هذا الموضوع؛ إذ نظم اعتصاماً في وسط العاصمة بيروت في 9 أيار/مايو الحالي، رفضاً لحزمة المساعدات المالية المخصصة من الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، معتبراً إياها “رشوة” تُدفع للبنان لإبقاء اللاجئين في أرضه بدلاً من هجرتهم إلى أوروبا.
وكان لبنان قد حصل على هبة من الاتحاد الأوروبي قيمتها مليار يورو في بداية مايو الجاري “من أجل دعم اقتصاده ومؤسساته الأمنية”، وذلك بعد تزايد أعداد السوريين المغادرين من الشواطئ اللبنانية إلى جزيرة قبرص.
خطة أمنية للترحيل
في الأيام الأخيرة، باشر الأمن العام اللبناني تطبيق خطة أمنية لملاحقة اللاجئين السوريين ودراسة حالتهم، و”ترحيل كل سوري دخل البلاد خلسة”، بحسب بيان نشره سابقاً.
ويشير الحايك إلى أنّ “الموقف السوري الرسمي يقرّ باستقبال سوريا لرعاياها، ونأمل أن يكون هذا الموقف صادقاً من جهتهم”، مضيفاً: “إلى ذلك الحين، على الدولة اللبنانية القيام بدورها وواجبها، من دون تقاعس، لحماية المواطنين والأرض، وترحيل السوريين تبعاً لما يقتضيه القانون اللبناني”.
وعلى هذا الأساس، تنتشر القوى الأمنية بشكل لافت في معظم البلدات اللبنانية، وتلاحق أصحاب المتاجر التي يشغلها سوريون لا يملكون أوراقاً ثبوتية، فيما أعلنت صحف لبنانية عن إغلاق أكثر من 500 متجر يديره سوريون لا يملكون إقامة أو إجازة عمل رسمية، إضافة إلى “ترحيل قافلة من السوريين بشكل تدريجي”، بحسب مكتب شؤون الإعلام في الأمن العام اللبناني.
وعلى الرغم من غياب أي إحصاءات رسمية لأعداد السوريين الذين تم ترحيلهم بطرق مختلفة، يقول الأسمر إن “نسبة الذين رحّلوا حتى الآن خجولة أمام الأعداد الموجودة في لبنان، بسبب المعابر غير الشرعية”، مطالباً بتعزيز انتشار الجيش اللبناني على امتداد الحدود البرية مع سوريا التي يبلغ طولها 387 كيلومتراً، “لمنع أي تغلغل سوري نحو وطننا”.
القمة العربية
إلى ذلك، لم تحضر الأزمة السورية في البيان الختامي للقمة الثالثة والثلاثين للجامعة العربية في البحرين إلّا ببندٍ وحيد، ذُكر فيه “رفض التدخل في شؤون سوريا الداخلية، وأي محاولات لإحداث تغييرات ديموغرافية فيها، وضرورة إنهاء الأزمة السورية بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254″، الصادر في عام 2015، والذي ينصّ على بدء محادثات السلام وحقّ الشعب السوري في تقرير المصير.
ويستغرب الحايك إغفال القمة الملفّ السوري وملف اللاجئين السوريين المنتشرين في أكثر من بلد، ويقول: “إن هجرة ملايين السوريين تتساوى مع فظاعة هجرة الفلسطينيين من أرضهم، خصوصاً أن تداعيات هذه الأزمة تنعكس على دول عربية أخرى، أوّلها لبنان”.
ويُذكر أن نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، كان حاضراً في القمة العربية، وتطرّق في كلمته إلى القضية الفلسطينية وحرب غزّة والحرب في جنوب لبنان، من دون طرح مسألة اللاجئين السوريين في لبنان أو دول أخرى.
مؤتمر بروكسل
تتوجّه الأنظار نحو الاجتماع الوزاري للنسخة الثامنة من مؤتمر بروكسل التي ستنعقد في 27 مايو الحالي، وتتمحور حول دعم مستقبل سوريا ودول المنطقة، فيما تتفاقم مأساة السوريين يبلوغ عدد المحتاجين منهم للمساعدة 16.7 مليون، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا.
الاتحاد الأوروبي لـ”963+”: نؤكد التزامنا وموقفنا الثابت من القضية السورية
وقبل أيام من انعقاد المؤتمر، ناقش البرلمان اللبناني أزمة الوجود السوري والهبة الأوروبية، فصدرت توصية برلمانية للحكومة لمواجهة الأزمة في الفترة المقبلة. ويشير الأسمر إلى أهمية هذه التوصية مؤكداً أن الترحيل بدأ، “ولسنا بانتظار أي جهة لتوجّه الإرشادات أو تفاوض على الموضوع، فترحيل السوريين يتمّ وفقاً للقانون والاتفاقيات”.
وفي وقت تتحضّر وفود رسمية لبنانية للمشاركة بمؤتمر بروكسل، يؤكّد الحايك أن وفداً من “التيار الوطني الحرّ” سيحضر في المؤتمر، من أجل “الاحتجاج على المواقف الأوروبية التي تحفّز السوريين على عدم العودة إلى بلدهم”، مشيراً إلى وجود وفود حزبية لبنانية أخرى في بروكسل، ومتأملاً “توحيد الصوت معها لحل قضية الوجود السوري في لبنان”.
من جهته، يؤكّد الأسمر أن للبنانيين في بروكسل دوراً شعبياً لإيصال رسالة إلى المجتمع الأوروبي، تعبّر عن رفض لبنان مواقفه، معقباً بذلك على دعوة سمير جعجع، رئيس حزب “القوات اللبنانية”، اللبنانيين في أوروبا إلى تنظيم تظاهرة ضخمة في بروكسل، “للضغط على الأوروبيين لحل مسألة الوجود السوري غير الشرعي في لبنان”.