بيروت
تتهم صحيفة روسية الحكومة السورية بالسعي إلى زرع بذور الخلاف في المحور العريض الذي تقوده إيران في المنطقة، مستعينةً بجماعاتها المسلحة، مثل “حزب الله” اللبناني، والفصائل المسلحة المختلفة في سوريا والعراق، إضافة إلى جماعة “الحوثي” في اليمن.
وتقول صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية إن “الحوثيين” قد لا يتمكنون من تعيين ممثل ديبلوماسي لهم في العاصمة السورية، بعدما بدّل الرئيس السوري بشار الأسد موقفه، ورفض الاعتراف بهم، “على الرغم من أن لحركة ’أنصار الله‘ الحوثية بعثة دبلوماسية في دمشق منذ عام 2016”.
غادروا دمشق
وتنسب الصحيفة الروسية إلى كيريل سيمينوف، الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي، قوله إن ممثلي “الحوثيين” اضطروا إلى مغادرة السفارة اليمنية بدمشق في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد حوار سياسي بين سوريا واليمن على مستوى وزيري الخارجية.
وكان محسن الزنداني، وزير الخارجية في الحكومة اليمنية، قد أكد في لقاء تلفزيوني سعي الحكومة التي يدعمها التحالف العربي الذي تقوده السعودية إلى تعيين ممثل دبلوماسي لها في دمشق. ويقول الزنداني إن الحكومة اليمنية لم تحسم بعد مستوى تمثيلها في دمشق، “وما نقوله اليوم هو إن ’الحوثيين‘ لم يحصلوا على أي اعتراف دبلوماسي من الحكومة السورية”.
وبحسب الصحيفة الروسية نفسها، يمثل استعداد الأسد لإعادة النظر في التعامل مع “الحوثيين” والميل إلى محاورة الحكومة اليمنية تحديًا لإيران ومسعى يسيء إلى مبدأ “وحدة الساحات” الذي تقيم عليه طهران تحالفاتها الخارجية، إذ تُجمل “الحوثيين” في اليمن والحكومة في سوريا ضمن المحور السياسي التابع لها في المنطقة.
ويذكر أن الحكومة اليمنية المركزية المعترف بها دولياً التزمت الإجماع العربي في عام 2011، وقاطعت الحكومة السورية دبلوماسياً، وحين وصل “الحوثيون” الذين يحظون بدعم وتمويل من إيران إلى السلطة في صنعاء في عام 2016، سارعت الحكومة السورية إلى الاعتراف بهم، وتقديم الدعم لهم في سعيهم إلى إقامة دولتهم الخاصة في اليمن، بحسب “نيزافيسيمايا” الروسية. وبالتالي، صار “الحوثيون” ممثلين ديبلوماسياً في دمشق.
ثمن الانفتاح
إلى ذلك، تُدرج الصحيفة الروسية التبدّل في الموقف العربي من الحكومة السورية، وبالتالي التبدّل في الموقف السوري من الحكومة اليمنية المناهضة لـ “الحوثيين”، ضمن نتائج الانفتاح الأخير في العلاقات بين سوريا والمملكة العربية السعودية.
وتضيف الصحيفة: “يبدو أن طهران غير سعيدة بمحاولات دمشق الابتعاد عن السياق الإيراني، وعن الصراع في قطاع غزة، فذلك يؤكد ما أوردته صحف عربية بشأن الاشتباه بأن الأسد مستعد لتغيير تحالفاته بشروط. وبحسب صحيفة ’الشرق الأوسط‘ السعودية، هذا هو السبب الذي دفع طهران إلى وضع خطط طارئة لإجلاء كبار مستشاريها العسكريين من سوريا. وفي هذا الإطار، ربما ترى طهران في استعداد دمشق لاستضافة ممثلين دبلوماسيين للحكومة اليمنية التي تدعهما الرياض إشارة سلبية أخرى”.
وبحسب سيمينوف، عندما سارت الحكومة السورية في مسار تطبيع علاقاتها مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بدأت في استعادة العلاقات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. ويضيف: “إن التقارب بين سوريا ودول الخليج العربي يفرض على الحكومة السورية تنفيذ شروط معينة، أولها تقليص نفوذ إيران في سوريا”.