خاص – ليث العاني/الرقة
فقد المزارع الستيني نوري قادر الأمل بأن يردّ له إنتاجه من القمح في الرقة التكلفة التي دفعها حتى الآن… لكن بقيت “قشّة” يتمسك بها في سيل المشكلات التي يواجهها: أن تسعّر الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، القمح بثمن مجزٍ، فتعوضه خسائره.
ما كان هذا العام سهلاً على قادر وأقرانه من مزارعي القمح. فقد زرعوا حقولهم بالقمح البعلي، وكلفهم ذلك نحو 20 دولاراً لكل دونم تقريباً. دفعها قادر وما بقي في جيبه مالاً يكفي لشراء مبيدات حشرية، “فضرب الصدأ وحشرة السونة أغلبية مساحاتي المزروعة قمحاً”، كما يقول لـ “963+”.
أما اسماعيل الفناوي، المزارع بريف الرقة الجنوبي، فكان يأمل أن تتكرر وفرة موسم العام الماضي، لكن موسم هذا العام تأثر بالعوامل الجوية، وحاجة الأرض إلى الأسمدة، وبارتفاع أسعار الأسمدة لتفوق قدرة المزارعين على رش كميات جيدة كبيرة منها في أراضيهم. ويلفت لـ “963+” ما عاناه المزارعون في هذا العام من مشكلات، “في مقدمتها قلة الأمطار، وموجة الحر غير المسبوقة التي شهدتها البلاد في نيسان/أبريل الماضي، “وقد تزامنت مع فترة نضوج الثمار التي لم تكتمل نتيجة درجات الحرارة المرتفعة”.
أمراض وأسمدة
يشكو المزارع اسماعيل الخلف إصابة محصوله بالأمراض، ويقول لـ “963+” إن تكاليف المبيدات الحشرية تصل إلى دولار واحد لكل دونم في كل مرة، “ما عدا أجرة اليد العاملة، أي يجب إضافة دولار ثان لكل دونم”، شاكياً، ومعه مزارعو الأراضي المروية بريف الرقة، ارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة من مبيدات وحراثة ويد عاملة وأسمدة وبذور.
وتصل أجرة حراثة الدونم الواحد إلى 15 دولاراً أميركياً، في حين يبلغ سعر الطن من سماد “اليوريا” 500 دولار، ويتراوح سعر السماد الترابي بين 400 و1000 دولار أميركي. وبحسب مزارعين في الرقة، تراوحت تكلفة الدونم الواحد من القمح المروي بين 120 و140 دولاراً أميركياً، في حين لا يتوقعون إنتاجاً للدونم يتجاوز 350 كيلوغراماً.
وتزيد التكاليف بشكل أكبر على المزارعين الذين يشترون المواد بالدين، إذ يرتفع سعر طن السماد بالحد الأدنى إلى أكثر من 200 دولار، وترتب ذلك على المزارع فواز الفيصل الذي يعتمد على الزراعة لتأمين مصاريف عائلته.
أثقل شراء مستلزمات المحصول بالدين كاهل الفيصل، “وهذا يُنبئ بخسارة كبيرة، خصوصاً أن الزراعة مصدر رئيسي للدخل بالنسبة إلى أغلبية سكان الرقة، الذين يعتمدون على المواسم لتأمين أسباب المعيشة”.
تسعيرة “الإدارة”
تبلغ المساحات الزراعية المروية بقنوات الري على نهر الفرات نحو 100 ألف هكتار، بينما لا إحصاء رسمي للأراضي البعلية التي تتفاوت مساحتها بحسب وفرة الأمطار.
في العام المنصرم، سعّرت “الإدارة الذاتية” القمح بـ 43 سنتاً أميركياً للكيلوغرام الواحد، أي 430 دولاراً للطن، وقد استلمت حينها نحو 1,3 مليون طن من القمح. وفي هذا العام، أبدت استعدادها لشراء كامل محصول القمح، وعملت على إعادة تأهيل صوامع حبوب هنيدة في الرقة والصوامع الإسمنتية في دير الزور، لكنها ما زالت في مرحلة المناقشات لإصدار التسعيرة، وتدرس الاقتراحات التي قدمتها اتحادات الفلاحين في مناطقها، خصوصاً أن إنتاج القمح يعد استراتيجياً لاستمرار الناس في هذه المنطقة وتجاوزهم أزماتهم الاقتصادية.
ويعوّل مزارعو القمح في الأراضي البعلية في ريف الرقة على إقرار “الإدارة الذاتية” تسعيرة ملائمة، لا تقل عن نصف دولار لكل كيلوغرام من القمح، فذلك يعوّضهم ما خسروه بسبب موجة الحرّ، والأمراض التي ضربت محاصيلهم.
كذلك، يتمنى الفناوي أن تأخذ “الإدارة الذاتية” في حسبانها عوامل المناخ والأمراض التي أصابت المحاصيل عند إقرارها تسعيرة القمح، “فأنا لا أتوقع أن ينتج الهكتار البعلي لدي أكثر من 200 كيلوغرام، فيما كلفني الاعتناء به نحو 250 دولاراً”.