بيروت
ذهب الوفد اللبناني إلى النسخة الثامنة من مؤتمر بروكسيل أمس الثلاثاء رافعاً شعار تحفيز العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، على الرغم من تفاوتت مواقف الدول الأوروبية من مسألة إنشاء مناطق آمنة تسمح لهؤلاء الاجئين بالعودة إلى بلادهم، ومن استمرار بقائهم في لبنان.
ويأتي إصرار لبنان الرسيم على موقفه متحججاً بأن التمويل الدولي يصل مباشرة إلى السوريين، فيما تراجعت حصة لبنان من الدعم في شكل كبير، ولذلك بات عاجزاً عن تحصين شبكات الحماية الاجتماعية لمواطنيه وللمقيمين فيه على حد سواء.
تدعم إيطاليا وقبرص واليونان اقتراح إنشاء هذه المناطق الآمنة، فيما تعارض فرنسا وألمانيا. وكان وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه قد أكد هذا الأمر خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، فيما قال المفوض الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع أوليفر فارهاليي في بيروت أخيراً إن الاتحاد الأوروبي يرى ضرورة بقاء اللاجئين السوريين في لبنان وتقديم المساعدة لهم ولمؤسساته كي يتمكن من تحمل أعباء اللجوء، وعدم الموافقة على خطة “العودة الطوعية”.
وكان لبنان كان وضع خطة للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلأى بلادهم في حزيران/يونيو 2023، ووقعها مع الحكومة السورية، وتقضي بإعادة 15 ألف لاجئ إلى سوريا شهرياً، على أن يتم إعادة 180 ألف لاجئ في مرحلة أولى بعد تأمين وتجهيز نحو 480 مركز إيواء، وانطلقت في تشرين الأول/أكتوبر 2023 أول دفعة من العودة الطوعية.
إن أصر لبنان على الاستمرار في تنفيذ هذه الخطة، فسيضعه ذلك في مواجهة دبلوماسية مع المجتمع الدولي، وتحديداً مع أوروبا، بعدما تتالت المؤشرات التي يرى لبنان أنها لا تصب في صالحه، ولا تستجيب لمعاناته الاقتصادية والاجتماعية من أعباء اللجوء السوري، ولا تأخذ في الحسبان إمكانية حصول انفجار اجتماعي لا يمكن ضبطه.
في هذا الإطار، تقول التقارير إن نجيب ميقاني، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، يقسم ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى قسمين: الأول يضم من وفدوا إلى لبنان قبل عام 2015 وتولت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة تسجيلهم؛ والثاني يضم من توافدوا بعد عام 2015 ولم تدرجهم المفوضية في سجلاتها. وهو يضغط على الجهات الدولية كي تنطلق المرحلة الأولى بإعادة اللاجئين السوريين غير المسجّلين إلى بلدهم، وهذا ما أثاره الوفد اللبناني في لقاءاته في بروكسل، على هامش المؤتمر.
وبحسب ميقاتي، بدأ الاتحاد الاوروبي “يتجاوب قليلاً” مع الطرح اللبناني، “بعدما أدرك الاتحاد أن بقاء اللاجئين بذريعة ألا مساحة آمنة في سوريا لعودتهم اليها سيجعل لبنان أيضاً غير آمن لبقائهم على أراضيه، وكذلك تصبح أوروبا مساحة غير آمنة لاستضافة اللاجئين السوريين”.
إلا أن جانيت فرنجية، رئيسة جمعية حماية دعم، التي شاركت في أعمال مؤتمر بروكسل، تحدثت عن خطة لتقسيم اللاجئين السوريين في لبنان إلى اربع فئات: “الفئة الأولى للمسجلين قبل عام 2019، والثانية للذين تم ترحيلهم إلى سوريا ثم عادوا إلى لبنان، والثالثة للذين وفدوا إلى لبنان قبل الأزمة الاقتصادية، والرابعة للاجئين السوريين غير الشرعيين في لبنان”.
وإذ لفتت إلى تواصل أممي – لبناني دائم من خلال مستشاري ميقاتي والمنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان عمران ريزا، أكدت أن ميقاتي سمع انتقادات عدة بسبب تصاعد في خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في لبنان.