خاص – بيروت
حَمَلَ المسؤولون اللبنانيون ما بجعبتهم من معطيات حول الأوضاع الاقتصادية والنقدية والاجتماعية في لبنان، إلى اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي انطلقت يوم الثلاثاء 16 نيسان/أبريل الجاري.
وعلى هامش الاجتماعات الدورية، كانت وسائل الإعلام العالمية بانتظارهم، وانهالت الأسئلة التي ركّزَت على أدوار المسؤولين السياسيين والنقديين، وعن الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد للخروج من الأزمة وعمّا تبقّى من أموال للمودعين محتجزة في المصارف، بعد أن تمّ تصفية الكثير منها بطرق مختلفة.
أمام كل ذلك، لا يملك المسؤولون سوى تكرار الوعود بتنفيذ الإصلاحات وبإيجاد حلّ لأزمة الودائع، “لكن بلا تنفيذ فعلي على الأرض”، أما اقتراحات الحلّ، فليست سوى بوابة لأزمة جديدة مرتقبة، إذا ما تحوَّلَت المقترحات إلى إجراءات فعلية.
من مودعين إلى مستثمرين
أعاد حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، نائب الحاكم الأول في عهد الحاكم السابق رياض سلامة طرح حلٍّ كان قد ظهر إلى الواجهة مع بداية الأزمة الاقتصادية في العام 2019، وهو تحويل قسم من الودائع إلى استثمارات.
ويبدو أن هذا الطرح يعود “بقوّة”، إذ أعلن منصوري في مقابلة صحفية على هامش الاجتماعات، أنه كلّف مديرية الإحصاء في المصرف المركزي “دراسة الودائع وتقسيمها بشكل أفضل بما يتناسب مع كل فئة من الفئات، وإحدى هذه الفئات سيُعامل أصحابها بصفتهم مستثمرين بدلاً من كونهم مودعين، وبالتالي؛ سيتم إعادة أموالهم على أساس طرق مالية يفهمونها ويقبلون بها”.
وهذا الحلّ برأي منصوري، يندرج ضمن الحلول المطلوبة للخروج من الأزمة، ويضع منصوري 4 عوامل أساسية تساعد على الخروج، هي “وضع خطة واضحة لإعادة أموال المودعين، ولمحاسبة عبر القضاء اللبناني فقط، وإعادة بناء قطاع المصارف، إعادة هيكلة الدولة وبنائها. ولا خيار للبلد إلا بتنفيذ كل هذه العوامل”.
تحرير الودائع فقط
يعتبر “تحرير” الودائع إحياء لاقتراح كانت صفحته قد طُوِيَت “فيه شيء من الريبة”، وفق ما تقوله مصادر من جمعية “صرخة المودعين” التي تضم آلاف المودعين في المصارف اللبنانية.
وتضيف المصادر: أن “المودعين رفضوا هذا المقترح في بداية الأزمة، وكان حينها، وما يزال يشكّل خشبة خلاص لقطاع المصارف، واليوم يصبح هذا الطرح أكثر أماناً للمصارف بعد تصغير حجم الحسابات لديها من خلال إقفال بعض الحسابات عنوة، بوضع قيمتها بالليرة اللبنانية عند كاتب عدل، وإلزام صاحبها استلامها، أو بإلزام أصحاب حسابات أخرى سحبها وفق التعاميم التي أصدرها مصرف لبنان تباعاً، والتي تتيح سحب الودائع الدولارية وفق أسعار صرف مجحفة لا تتناسب مع أسعار السوق، وما بقي من ودائع حتى الآن، يُصار إلى طرح التخلّص منها بصورة مبطّنة عبر تحويلها إلى استثمارات لدى المصارف”.
وتحويل الودائع إلى استثمارات يعني بحسب المصادر “تحويل المودعين إلى مستثمرين، ولا مشكلة في هذا الطرح لو كان قد جاء بغير سياق وبظروف مختلفة”، وتشرح المصادر أن “المصارف وإدارة مصرف لبنان يريدون إنهاء قضية المودعين كقضية مطلبية أولاً، ويريدون إخراجها من السجال القانوني الذي نجح في إعادة بعض الودائع عبر قرارات قضائية، كما يريدون سحب الملف من قاعات المحاكم الأجنبية بعد رفع عدد من الدعاوى في الخارج”.
ويرفض المودعون التحوُّل إلى مستثمرين، لأن ذلك “يعني القبول بما يقتضيه الاستثمار من مخاطر، وبالتالي الخسائر، في حين أن المودعين أصحاب حقوق غير استثمارية، أودعوا اموالهم لدى المصارف ويريدونها كما هي”.
ولذلك، تستغرب المصادر حديث منصوري عن “طرق يفهمها المودعون ويقبلون بها”، في حين أن الأمور “واضحة للجميع منذ نحو 4 أعوام”، وتجزم المصادر أن “الطريقة الوحيدة التي يعرفها ويفهمها ويقبلها المودعون، هي إعادة أموالهم فقط لا غير”.
وتحذّر من “أي تلاعب في حق المودعين عبر طرق ملتوية وتحت شعارات مختلفة ومنها مسألة الاستثمار، فالمودعون لا يريدون الاستثمار عبر جهات خدعتهم وأكلت حقوقهم وما زالت”.
وتلك، قضية مستمرة تميل فيها كفّة المودعين على حساب كفّة المصارف والسلطة السياسية، من ناحية قانونية، لكن على أرض الواقع، يساعد النفوذ السياسي والمالي الطرف الآخر على السيطرة بدون وجه حق، وطرح حلول تناسبه فقط، ومع استمرار الأزمة، لا يملك المودعون سوى مواصلة التحرّكات وتسجيل نقاط، وإن قليلة، عبر المحاكم المحلية والعالمية لتثبيت حقّهم أولاً، ولتشكيل ضغط عالمي ثانياً.