خاص – بغداد
أطلقت السلطات العراقية خلال الأسابيع الأخيرة، حملات ملاحقة وترحيل لمئات اللاجئين السوريين إلى مناطق “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” عبر معابر مع إقليم كردستان العراق، بعد حملات مشابهة أوسع وأكثف أطلقت ضدهم في كل من تركيا ولبنان على مدى السنوات القليلة الماضية.
وأعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أمس الأربعاء في بيان، أن مجموعة من اللاجئين السوريين جميعهم من مناطق سيطرة الحكومة السورية تم ترحيلهم من العراق وصلوا إلى مناطق شمال شرق سوريا، مضيفةً أنه سيتم نقلهم إلى مناطقهم في وقت لاحق.
وأثارت حملات السلطات العراقية لترحيل لاجئين سوريين ردود فعل متباينة في الأوساط العراقية، بين من اعتبرها تصب في مصلحة البلاد وتعطي فرصة لتوفير فرص عمل للعراقيين العاطلين، ومن يرون أن عمالة السوريين ساهمت بشكل كبير في إنجاح الكثير من القطاعات لاسيما بإقليم كردستان العراق.
مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية وعضو الرابطة الدولية للمحللين السياسيين الدكتور عباس الجبوري، قال في تصريحات خاصة لـ “963+”، إن عدد السوريين في العراق كبير جداً والشعب العراقي يولي اهتماماً خاصاً للسوريين بسبب أواصر الترابط التاريخي بين الشعبين، إلا أن “معظم السوريين يأتون للعراق بطريقة غير شرعية، فيسلكون طريق أربيل وبعد ذلك يأتون إلى بغداد.
وأردف الجبوري أن “السلطات الأمنية في العراق كانت تغض الطرف عن السوريين في بداية الأمر بسبب وجود عائلاتهم، وأن من يتم ترحيلهم هم من لا يحملون أي وثائق قانونية والسبب في ذلك هو وجود أعداد كبيرة منهم حيث تسعى الحكومة لشرعنة وقوننة العمالة الأجنبية، مشيراً إلى أن حملات الترحيل لا تشمل السوريين فقط بل جميع الوافدين بشكل غير قانوني من باكستانيين وهنود وأفغان.
ويرى “الجبوري”، أن “العلاقة السياسية مع سوريا عميقة جداً، ولن تؤثر هذه الحملة على العلاقات الثنائية بين البلدين لأن العراق يعتبر سوريا عمق استراتيجي له”.
ويواجه السوريون في تركيا أيضاً حملات ترحيل مكثفة منذ أكثر من عام، بموجب خطة أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تستهدف ترحيل مليون لاجئ إلى الشمال السوري كمرحلة أولية.
ومن جانبه، قال مصدر أمني عراقي مسؤول رفض الكشف عن هويته لـ”963+”، إن “هذه الحملة لا تشمل كل السوريين، بل فقط من لا يملكون سجلاً سليماً لدى الحكومة السورية”، مضيفاً أن “جهاز المخابرات الوطني العراقي بالتعاون مع جهاز الشرطة الاتحادية يقومون بهذه الحملة بناء على معلومات أمنية من الحكومة السورية على اعتبار أن من يأتون هم من مناطق خارج سيطرة الحكومة السورية ويتم استخدامهم لأغراض سياسية من قبل بعض التيارات العراقية”.
وبحسب المصدر الأمني العراق، فإن “بعض السوريين في العراق باتوا يروجون على وسائل التواصل الاجتماعي لنظام صدام حسين هو ما يهدد الأمن في العراق، وقال “تواصلنا مع الجانب السوري وأطلعنا على تفاصيل هؤلاء المواطنين بحكم الاتفاقيات الأمنية بين البلدين، وتبين أنهم من مناطق سورية تسيطر عليها مجاميع إرهابية”، على حد تعبيره.
وحول عدم ترحيلهم من معابر بين العراق والحكومة السورية قال المصدر لـ”963+” إن “العمل يقوم أولاً على حصر و إحصاء من يستحق الترحيل في أربيل وبعد ذلك يتم ترحيلهم مجتمعين بسبب مركزية و أسلوب العمل لأنهم قادمين من أربيل”.
وبدوره، يقول الصحفي العراقي يحيى الميزان في تصريحات لـ “963+” إن “التزايد الكبير في أعداد السوريين في العراق أدى لزيادة في بعض الظواهر السلبية مثل الاحتيال والسرقات والجرائم، إلا أن هناك أعداد كبيرة من السوريين يسعون للعيش بكرامة والمساهمة في المجتمع بشكل إيجابي، وهذا ما شهدناه في إقليم كردستان تحديداً، فالكثير من القطاعات نجحت بالعمالة السورية”.
ويضيف الميزان أن “حملة ترحيل السوريين قد تؤثر على الاقتصاد العراقي من عدة جوانب فترحيلهم قد يؤدي إلى تقليل العمالة المتاحة مما يؤثر على بعض القطاعات مثل البناء والخدمات في المطاعم والمرافق السياحية، لكنها قد تسهم بتوفير فرص عمل للشباب العراقي العاطل عن العمل”، مشدداً على ضرورة أن يكون قرار الترحيل مدروساً، كي لا يؤثر سلباً على الكثير من القطاعات”، على حد تعبيره.
وكانت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد وثقت في عام 2018، وجود نحو ربع مليون سوري في العراق غالبيتهم في إقليم كردستان العراق، إلا أن منظمات حقوقية ترجح ارتفاع العدد خلال السنوات الأخيرة في ظل توجه أعداد كبيرة من الشبان السوريين لاسيما من مناطق الحكومة السورية إلى العراق بحثاً عن فرص عمل، في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعانيها سوريا جراء الحرب.
يشار، إلى أن العديد من المنظمات الحقوقية الأممية على رأسها منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قد حذرت من أي إعادة “قسرية” للاجئين السوريين في دول الجوار، في ظل عدم توفر الظروف الملائمة للعودة مع استمرار الحرب والأزمة الاقتصادية في سوريا.