رغم أن محمد الموسى بلغ من العمر 36 عاماً، إلا أنه لم يتزوج بعد، فالوضع المادي الصعب الذي يعيشه معظم الشعب السوري، يمنعه حتى من مجرد التفكير في الأمر.
ويرجع الموسى وهو سكان مدينة داعل بريف درعا الأوسط، أسباب عزوف غالبية الشباب عن الزواج، إلى “ارتفاع المهر وعدم وجود دخل يتناسب مع ارتفاع تكاليف الزواج المرتبطة بالعادات والتقاليد كأن يفرض على الشاب الزواج من نفس عشيرته أو عدم تزويج البنت لخارج عشيرتها”.
وبين الموسى في حديثه لموقع “963+” أنه اضطر لفسخ خطبته قبل أربع سنوات بسبب المطالب المالية لخطيبته والتي عجز عن تلبيتها بسبب عدم توفر فرص عمل تتناسب مع المصروف اليومي للعائلة.
وشدد على أن الشباب المغتربين “لهم الأفضلية في الزواج على حساب المتواجدين داخل سوريا، ظننا من ذوي الفتاة أنهم يستطيعون تأمين مستقبل جيدة لابنتهم”.
ظروف أمنية
وألقت الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية بظلالها على كافة مناحي الحياة في سوريا، حيث أدت بشكل كبير إلى عزوف الشباب عن الزواج أو تأجيل فكرة الارتباط وتكوين أسرة إلى أجل غير مسمى.
وترى صفاء العلي (27) عاماً من مدينة درعا، أن تلك الظروف كان لها تأثير كبير جداً على قرارات الزواج سواء لدى الشاب أو الفتاة كما قالت لـ”963+”.
وتضيف: “اختيار الشريك لم يعد مرتبطاً بالجانب العاطفي إنما أصبح الوضع الأمني والاقتصادي هما الأساس في الاختيار، حيث تبقى الفتاة الموظفة صاحبة الفرصة الأكبر في الزواج في حين الشاب المغترب الأكثر حظاً بين أقرانه”.
وتشدد على أن قرار الشاب في الزواج “يجيب أن ينطلق من أرضية يعمل خلال على تأمين نفسه في عمل يعود عليه براتب شهري أو عمل حر يمكنه من الصرف على زوجته وعائلته في المستقبل”.
وتشير العلي إلى أن الفتاة تبحث عن شاب أنهى الخدمة العسكرية أو دفع البدل ويكون لديه عمل يمكنه من تكوين عائلة.
والقرار الأصعب على الشاب، من وجهة نظر العلي، هو “تأمين منزل وفرشه بالأثاث حيث وصل إيجار المنزل أكثر من ستمائة ألف ليرة سورية، مما يحتم على الشباب طلب المساعدة من ذويه أو الاغتراب من أجل تأمين متطلبات الزواج”.
الاغتراب وتبعاته
ولفتت الشابة النظر إلى أن الزواج هو حالة مستمرة سواء في الحرب أو الاستقرار، “لكن اليوم قرار الزواج أصبح يتخذ على أسس اقتصادية، حيث تفضل الفتاة الزواج من شاب مغترب رغم عدم وجود أي علاقة سابقة”.
وأوضحت العلي أن الكثير من حالات الزواج مؤجلة بسبب اغتراب الشاب والتأخر في عملية لم الشمل لخطيبته، حيث يضطر البعض للانتظار لأكثر من ثلاث سنوات وفي بعض الحالات تسبب ذلك في فشل عملية الزواج.
وغير الوضع الاقتصادي المتردي بعض العادات في درعا، “إذ إن الشاب اليوم مستعد للارتباط بفتاة أكبر منه أو مطلقة أو أرملة بسبب وضعها المادي الجيد أو مركزها الوظيفي، لكن في السابق كان من النادر أن يسمح الأهل لابنهم بالزواج من فتاة تزيد عنه في العمر”، بحسب العلي.
وختمت العلي بالقول إن “نسب الطلاق ارتفعت خلال الأعوام القليلة الماضية، وخاصة لدى الأعمار الصغيرة مثل فتاة بعمر العشرين وشاب أكبر منها بعامين بسبب عدم تحمل الشاب للمسؤولية لأن أهله هم من يصرفون عليه وعلى زوجته، حيث أن الوضع المادي هو السبب الأبرز في معظم حالات الطلاق”.
انهيار الليرة
وأدى انهيار الليرة السورية إلى تغيير في بعض عادات الزواج المتعارف عليها في المحافظة الجنوبية، بسبب التكاليف العالية وخاصة في الحفلات أو عند عقد القران.
وقال خليل المصري (50) عاماً قال لـ“963+” إن التدهور الاقتصادي وعدم توفر فرص العمل أدى إلى تغيير كبير في العادات والتقاليد التي تتم خلال حفلات الزفاف في محافظة درعا.
وأضاف المصري أن “الكثير من العائلات أصبحت تقتصر في حفلة الزواج على المقربين من الدرجة الأولى فقط، بسبب على القدرة على دفع تكاليف الغداء أو العشاء الذي يتم تقدميه للمدعوين”.
وأشار إلى أن زواج الشاب اليوم “يكلف مئة مليون ليرة سورية في حده الأدنى فيما وصلت تكلفة بعض الحفلات لسبعمائة مليون ليرة سورية وهم قلة قليلة من أهالي المحافظة”.
ولتسهيل أمور الزواج، بحسب المصري، “يجب على ذوي الشاب والفتاة التنازل عن بعض العادات والتقاليد في الزواج مثل طلب مهر مرتفع جداً أو اشتراط شراء غرامات معينة من الذهب”، إذ بلغ سعر الغرام الواحد منه 959 ألف ليرة (ما يعادل 68 دولاراً أميركياً).
وبين أن الأهالي “يعمدون للتخفيف على بعض حيث بات الذهب الذي يقدم للعروس يسجل كمؤخر لها ويقدم لها خاتم واحد بسعر ثلاثة ملايين ليرة سورية فيما يسجل ثلاثون غراماً من الذهب عيار 21 باسم العروس”.