بيروت
أطلقت إيران هجوماً بمسيّرات في اتجاه إسرائيل ليل السبت الأحد، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي و”الحرس الثوري الإيراني”، في أول هجوم مباشر من هذا النوع تشنّه طهران ضد تل أبيب، بعد حوالى أسبوعين على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق.
وأكّد “الحرس الثوري الإيراني” شنّ هجوم “بمسيّرات وصواريخ” على إسرائيل رداً على القصف الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الجاري ونُسب إلى إسرائيل وتسبّب بمقتل 16 شخصاً بينهم عناصر وقياديان في الحرس الثوري الإيراني.
في الوقت نفسه، نفّذ حلفاء لإيران في المنطقة، “حزب الله” اللبناني والمتمردون “الحوثيون” في اليمن، هجمات ضد إسرائيل، الأول عبر “عبر صواريخ كاتيوشا” أطلقت في اتجاه هضبة الجولان المحتلة، والطرف الثاني عبر مسيرات في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.
وسمع دويّ انفجارات قبل قليل في أجواء القدس، وانطلقت صفارات الإنذار في المدينة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري إن “إيران أطلقت مسيّرات من أراضيها في اتجاه إسرائيل”.
وتابع “نحن نعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وشركائنا في المنطقة للتحرّك ضد عمليات إطلاق (المسيّرات) واعتراضها”.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن إيران أطلقت “أكثر من مئة مسيّرة” في اتجاه إسرائيل.
واعتبر هغاري أن الهجوم يشكّل “تصعيداً خطيراً”.
وتحدث التلفزيون الإيراني عن “هجوم واسع بمسيّرات وصواريخ” في اتجاه إسرائيل.
ونقل عن الحرس الثوري “رداً على الجرائم العديدة التي ارتكبها النظام الصهيوني، خصوصاً الهجوم على الفرع القنصلي لسفارة جمهورية إيران الإسلامية في دمشق واستشهاد مجموعة من القادة والمستشارين العسكريين لبلادنا في سوريا، أطلقت القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني عشرات الصواريخ والمسيّرات على أهداف محددة داخل الأراضي المحتلة”.
وأشار الى أن العملية سمّيت “الوعد الصادق”.
وذكرت وسائل إعلام أميركية أن القوات الأميركية أسقطت مسيرات أطلقت في اتجاه إسرائيل، من دون تحديد مكان حصول ذلك.
وأعلنت السلطات الملاحية في إسرائيل أنه سيتم إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي اعتباراً من الساعة 21,30 بتوقيت غرينيتش.
وكانت هيئة تنظيم الطيران المدني في الأردن أعلنت أن المملكة الأردنية قرّرت إغلاق أجوائها أمام جميع الطائرات الوافدة والمغادرة والعابرة للأجواء مؤقتاً، وذلك “في ضوء تصاعد المخاطر المحيطة في المنطقة”.
كما أعلن كل من العراق ولبنان إغلاق مجاله الجوي.
وأعلنت هولندا السبت إغلاق سفارتها في إيران وقنصليتها في إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، “في إجراء وقائي”.
والجمعة، أعلنت الخطوط الجوية الألمانية “لوفتهانزا” وشركة الطيران النمسوية “أوستريان إيرلاينز” التابعة لها تعليق الرحلات من طهران وإليها حتّى الخميس 18 نيسان/أبريل.
وجدّدت دول عدّة، بينها فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، دعوة رعاياها لعدم التوجّه إلى إيران.
دفاع وهجوم
وجمع رئيس الوزراء الإسرائيلي معاونيه وحكومة الحرب في مكان سرّي آمن، وفق ما قال مكتبه.
وقال نتنياهو مساء السبت إن اسرائيل استعدّت لـ”احتمال تعرّضها لهجوم مباشر من إيران”، و”مستعدة لمواجهة أيّ سيناريو دفاعياً كان أو هجومياً”.
وأضاف في مقطع فيديو “نقدّر وجود الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل، وكذلك دعم بريطانيا وفرنسا وبلدان أخرى عدة”.
وقطع الرئيس الأميركي جو بايدن عطلة نهاية أسبوع خارج واشنطن وعاد إلى البيت الأبيض لإجراء مشاورات عاجلة مع فريقه للأمن القومي “بشأن التطورات في الشرق الأوسط”.
وأعلن حزب الله المدعوم من إيران والذي يخوض مواجهات يومية مع اسرائيل منذ اكثر من ستة أشهر، ليل السبت الأحد، أنه أطلق “عشرات من صواريخ الكاتيوشا” على ثكنة إسرائيلية في الجولان، بينما دوّت صفارات الإنذار في شمال إسرائيل.
وأفادت وكالة “أمبري” البريطانية للأمن البحري أنها تلقت تقارير بأن “الحوثيين أطلقوا طائرات من دون طيار باتجاه إسرائيل”.
ولفتت إلى أن عملية الإطلاق من جانب المتمردين المدعومين من طهران تمّت “بالتنسيق مع إيران”، مشيرة إلى أن “الموانئ الإسرائيلية تعتبر أهدافاً محتملة” للهجوم.
وكانت قوة بحرية تابعة للحرس الثوري الإيراني اعترضت السبت سفينة حاويات تحمل اسم “ام سي اس أريز” (MCS Aries) “مرتبطة” بإسرائيل قرب مضيق هرمز وعلى متنها 25 بحارا. ونقلتها الى إيران.
ودعا البيت الأبيض إيران إلى الإفراج فوراً عن ناقلة الحاويات وطاقمها.
ودعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الاتحاد الأوروبي الى إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة “المنظمات الإرهابية”، بعد احتجاز السفينة.
تعزيزات أميركية
ومساء الجمعة، أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية في واشنطن “إرسال تعزيزات إلى المنطقة لدعم جهود الردع الإقليمي وتعزيز حماية القوّات الأميركية”.
وأوفد الرئيس الأميركي قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الجنرال إريك كوريلا إلى الدولة العبرية الخميس للقاء مسؤولين عسكريين.
وأعلن البيت الأبيض بعد بدء الهجوم الإيراني أن الولايات المتحدة “تقف الى جانب شعب إسرائيل”.
في المقابل، دعت إيران الولايات المتحدة إلى “البقاء في منأى” من العملية التي بدأتها ليل السبت الأحد ضدّ إسرائيل”.
وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في رسالة عبر منصة “إكس”، “هذا نزاع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، ويجب على الولايات المتحدة البقاء في منأى عنه”.
واعتبرت باريس أن هجوم إيران “يتجاوز عبتة جديدة” في زعزعة الاستقرار.
وندد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بالهجوم الإيراني “المتهور”، مؤكداً أن بريطانيا “ستواصل الدفاع عن أمن اسرائيل”.
وأعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عبر منصة “إكس”، أن الاتحاد “يدين بشدة” هجوم إيران، منددا بـ”تصعيد غير مسبوق” و”تهديد خطير للأمن الإقليمي”.
وفي مصر، أكدت قناة “القاهرة” الإخبارية القريبة من الحكومة نقلاً عن مصدر أمني رفيع أن “الدفاعات الجوية في حالة تأهب قصوى” في البلاد.
وذكرت القناة نقلاً عن مسؤول مصري أمني كبير أن “خلية أزمة (…) تتابع من كثب تطور الوضع وترفع تقاريرها الى الرئيس عبد الفتاح السيسي ساعة بساعة”.
وأكدت مصر عبر وزارة خارجيتها أنها على “اتصال مباشر بكل أطراف النزاع لمحاولة احتواء الوضع”، مع تحذيرها من “خطر توسع إقليمي للنزاع”.
وارتفعت وتيرة التوتر والعداء بين إيران وإسرائيل، منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس التي تدعمها طهران، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وخلفت ستة أشهر من الحرب آلاف القتلى والجرحى ودماراً واسعا وأزمة إنسانية خطيرة في قطاع غزة أوصلت سكانه الى حافة الجوع. كما تسببت بمواجهات وتوترات في المنطقة.
وتجري منذ أيام جولة جديدة من المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر للتوصل الى هدنة في الحرب يتم بموجبها وقف إطلاق النار والإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر مع شن حركة حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على الحركة، وتشن عمليات قصف أتبعتها بهجوم بري في قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 33686 شخصا غالبيتهم مدنيون، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس صدرت السبت.
وخُطف خلال هجوم حماس نحو 250 شخصا ما زال 129 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.