بيروت
دعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام مولوي إلى التشدد “في تطبيق القوانين” على اللاجئين السوريين في لبنان، بعد توقيف سبعة يُشتبه في ضلوعهم في مقتل مسؤول حزبي محلي عُثر على جثته في سوريا.
وأثارت القضية موجة جديدة من معاداة السوريين في لبنان الذي يشهد أزمة اقتصادية حادة منذ العام 2019 ويستضيف نحو مليونَي سوري بينهم 800 ألف مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان.
وأوقفت السلطات اللبنانية سبعة سوريين في قضية مقتل المسؤول المحلي في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان بعدما خُطف الأحد الماضي في منطقة جبيل شمال العاصمة بيروت، حسبما قال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس الثلاثاء.
وقال مولوي في مؤتمر صحافي أعقب اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن المركزي في بيروت الثلاثاء، “أكّدنا على القوات الأمنية التشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على اللاجئين السوريين”.
وأضاف “يجب الحدّ من الوجود السوري في لبنان بطريقة واضحة”.
وتابع “لا يمكن أن يتحمّل لبنان مزيدًا من المشاكل والفتن، ولن نقبل بأن يترك أحدًا السوريين لدينا لقاء أي مكسب مادي”.
الدافع الوحيد هو السرقة
واعتبر حزب “القوات اللبنانية” المناهض لـ “حزب الله” المدعوم من إيران، أن الجريمة “عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس”.
وقال الحزب المسيحي في بيان الثلاثاء إن “الوجود غير الشرعي لحزب الله أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور”، مضيفاً “أفسح هذا الأمر المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلّح”.
ونفى الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله في خطاب متلفز الاثنين أن يكون حزبه ضالعاً في عملية الخطف، معتبراً أن من يوجهون الاتهام إليه إنما يثيرون نعرات طائفية.
من جهته، أوضح مصدر عسكري لوكالة فرانس برس أن السلطات السورية سلّمت أجهزة الاستخبارات اللبنانية ثلاثة من المشتبه بهم في قتل سليمان.
وقال مصدر قضائي إن “إفادات الموقوفين أجمعت على أن الدافع الوحيد للجريمة هو سرقة” سيارة سليمان.
وأشار الجيش اللبناني في بيان مساء الاثنين إلى أنه “تبيّن خلال التحقيق مع معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية الخطف أن المخطوف قُتِل من قبلهم أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل”.
وأوضح المصدر القضائي أن الموقوفين “اعترفوا بأنهم ضربوه بأعقاب المسدسات على رأسه ووجهه حتى يتوقف عن مقاومتهم، ومن ثمّ وضعوه في صندوق سيارته (…) ودخلوا إلى سوريا”.
وأضاف “عندما وصلوا إلى الأراضي السورية، تبين لهم أنه فارق الحياة”.
وعُثر على الجثة في الأراضي السورية، بحسب المصدر العسكري الذي لفت إلى أن المشتبه بهم ينتمون إلى عصابة نفذت الكثير من عمليات سرقة لسيارات فخمة في لبنان.
من جهته، أكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس العثور في منطقة القصير في محافظة حمص السورية، على جثة سليمان.
وتخضع هذه المنطقة الحدودية لسيطرة القوات الحكومية السورية ويتمتّع “حزب الله” اللبناني بنفوذ فيها.
وبعد ظهر الثلاثاء، أعلن الجيش اللبناني في بيان تسلّمه الجثة التي “ستُنقل إلى المستشفى العسكري المركزي للكشف عليها” قبل أن تسلَّم إلى ذوي الضحية.
كبش فداء
أشعل نبأ خطف سليمان ثم مقتله غضباً في بعض المناطق حيث أغلق مئات من أنصار حزب “القوات اللبنانية” طرقات مساء الاثنين.
واعتدى بعضهم بالضرب على مارّة سوريين، حسبما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي.
ودعا مولوي الثلاثاء “المواطنين إلى الحفاظ على أمن البلد، والقوات الأمنية إلى الانتباه أكثر فأكثر إلى المناطق الحساسة في لبنان”.
وتزامناً في أثينا، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بو حبيب بعد اجتماع مع نظيره اليوناني يورغوس يرابيتريتيس إن “لبنان يتعامل مع توازن طائفي دقيق (…) يُضاف إليه اللاجئون السوريون البالغ عددهم 2,2 مليون”.
واعتبر الباحث في الشأن اللبناني في منظمة هيومن رايتش ووتش رمزي قيس الثلاثاء أن “محاولة جعل اللاجئين كبش فداء تهدد بتأجيج العنف المستمرّ ضد السوريين الذين يتعرضون منذ سنوات لممارسات تمييز شنيعة وانتهاكات لحقوقهم في لبنان”.
وشدّد في اتصال مع وكالة فرانس برس على ضرورة أن يكون التحقيق “شاملًا وشفافًا”.
وقال الشاب السوري عبدالله (21 عامًا) المقيم في منطقة جبيل “أتمنّى ألّا يُحمّل كل اللاجئين السوريين مسؤولية ما حصل”.