اسطنبول
بدأ الناخبون الأتراك البالغ عددهم 61 مليوناً التصويت الأحد لاختيار رؤساء بلدياتهم في انتخابات تشكل اختباراً لإدارة الرئيس رجب طيب أردوغان العازم على استعادة اسطنبول بعد هزيمة 2019.
أمام مراكز الاقتراع التي فتحت في الساعة 07,00 (04,00 ت غ) في شرق تركيا ثم بعد ساعة في بقية أنحاء البلاد، بدا الناخبون الوافدون غير متحمّسين، وفق ما أورد مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب).
وقالت غولير كايا البالغة 43 عاما “الكل قلق بشأن الحياة اليومية، الأزمة تؤثر على الطبقات الوسطى، وتحتّم علينا أن نغير كل عاداتنا”، مضيفة “إذا فاز أردوغان، سيكون الأمر أسوأ” مما هو عليه الآن.
وفي العاصمة أنقرة، قالت الستينية مليحة سونميز التي كانت تستعد للتصويت لصالح رئيس بلدية المدينة المنتهية ولايته المعارض منصور يافاش والتي فقدت 32 فرداً من عائلتها في هاتاي (جنوب) في الزلزال الذي ضرب المقاطعة في شباط/فبراير 2023 “هذه الانتخابات ليست مجرد انتخابات بلدية. فإذا خسرها أردوغان سيضعف”.
فحتى لو لم يكن الرئيس التركي مرشحاً في هذه الانتخابات المحلية، فإن ظله يخيم على صناديق الاقتراع.
وعلى هامش الانتخابات الأحد، خلّفت اشتباكات وقعت في دياربكر في جنوب شرق تركيا قتيلاً على الأقل و12 جريحاً وفق ما أعلنت وزارة الصحة.
وأوضح مسؤول لوكالة فرانس برس “اندلعت اشتباكات بين مجموعتين خلال الانتخابات الأحد خلّفت قتيلاً و12 جريحاً” مشيراً إلى أن هذه الحوادث وقعت في قرية تبعد 30 كيلومتراً عن عاصمة المقاطعة.
وألقى أردوغان (70 عاما) بكل ثقله في الحملة الانتخابية فجاب البلد البالغ عدد سكانه 85 مليون نسمة إلى جانب مرشحي حزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعمه وعقد مهرجانات انتخابية بوتيرة وصلت أحياناً إلى أربعة مهرجانات في اليوم.
معركة اسطنبول
خاض أردوغان شخصيا معركة مرشحه لاسطنبول مراد كوروم، وهو وزير سابق يفتقر إلى الشعبية، غالباً ما يظهر في لافتاته إلى جانب الرئيس.
ويسعى أردوغان عبر هذه الانتخابات الثأر للإهانة التي تعرض لها بهزيمة حزبه عام 2019 أمام رئيس البلدية المنتهية ولايته أكرم إمام أوغلو في العاصمة الاقتصادية للبلاد أحد أبرز معاقل حزبه.
ومن المتوقّع أن يصوت أردوغان ورئيس البلدية منتصف النهار في منطقتين مختلفتين من المدينة.
ويرى مراقبون أنه في حال إعادة انتخاب أكرم إمام أوغلو، فإن ذلك سيُكسبه نقاطا في الانتخابات الرئاسية لعام 2028.
والسبت، قبل يوم من الانتخابات، عقد أردوغان ثلاثة تجمعات انتخابية في إسطنبول، القسطنطينية السابقة التي يصفها بأنها “الجوهرة، الكنز، قرّة عين أمّتنا” والتي كان رئيس بلديتها في التسعينات قبل أن يصبح رئيسا لتركيا.
وخلال تلك التجمعات، تحدث مجدداً عن “أوجه القصور” لدى إمام أوغلو الذي وصفه بأنه شخص طموح لا يكترث كثيراً لمدينته و”رئيس بلدية بدوام جزئي” مهووس بالرئاسة.
وقال قبل توجّهه للصلاة في مسجد آيا صوفيا “أُهملت إسطنبول على مدى السنوات الخمس الماضية. نحن نسعى لإنقاذها من كارثة”.
ورغم أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى تقدّم طفيف لرئيس البلدية المنتهية ولايته، فإن ذلك لا يعني أنّ فوزه محسوم أو شبه محسوم في الانتخابات البلدية، لا سيّما أنّ فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو جاء مخالفا للتوقعات.
معارضة مشتتة
وخلافاً للانتخابات البلدية التي أجريت عام 2019، فإن المعارضة هذه المرة مشتتة. لم يتمكن حزب “الشعب الجمهوري”، أكبر أحزاب المعارضة، من الحصول على دعم الأحزاب الأخرى، سواء في إسطنبول لصالح إمام أوغلو أو في أي مدينة أخرى في تركيا.
أما حزب “المساواة وديموقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد”DEM” فيخوض الانتخابات البلدية بمفرده مجازفاً بالخسارة أمام الحزب الحاكم المهدد هو نفسه في بعض المناطق بحزب “ينيدن رفاه” (الرفاه الجديد) الإسلامي.
من جهته، أكد رئيس حزب “الشعب الجمهوري” أوزغور أوزيل السبت فيما كان يقوم بجولة في مدينة إزمير الواقعة في غرب البلاد والتي يتوقع أن تبقى بيد المعارضة مثل العاصمة أنقرة “سنحقق غداً انتصاراً عظيماً لن يكون هزيمة لأحد (…) ففي النهاية، تركيا هي التي ستنتصر”.
وفي إسطنبول، حرص إمام أوغلو على التحدث فقط عن قضايا محلية معدداً الإنجازات التي حققها والتي سيحققها.
وفي بلد يواجه تضخما نسبته 67 % على أساس سنوي وانهياراً في عملته (من 19 إلى 31 ليرة مقابل الدولار في عام)، قد يميل الناخبون إلى إعطاء الأفضلية لمعارضي إردوغان.
بالنسبة إلى المراقبين، سيكون لنسبة المشاركة التي عادة ما تكون مرتفعة، دور حاسم لا سيما في إسطنبول إذا تحرّك الناخبون بأعداد أقل لدعم إمام أوغلو.
وقال بيرم بالتشي، الباحث في مركز الدراسات والبحوث الدولية في باريس، “إذا تمكن إمام أوغلو من الانتصار، سيكون فاز بمعركته داخل المعارضة لترسيخ نفسه” كمرشّح رئيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة.
لكن على عكس ذلك “إذا تمكن أردوغان من الفوز باسطنبول وأنقرة، سيرى (الرئيس التركي) ذلك بمثابة تشجيع لتعديل الدستور بهدف الترشح في العام 2028” لولاية رابعة.
في المدن الكبرى، سيختار الناخبون رؤساء بلدياتهم وكذلك أعضاء المجالس البلدية ورؤساء بلديات المناطق والمخاتير.
وستغلق مراكز الاقتراع عند الساعة 17,00 (14,00 ت غ) في غرب تركيا ومن المتوقع ظهور أولى النتائج في نهاية النهار.