خاص – أنقرة
يشارك حوالي 65 مليون تركي في الانتخابات البلدية غداً، لاختيار السلطات المحلية لولاية جديدة. وفيما تبدو المعارضة مشتتة وغير متفقة فيما بينها، ليس وضع حزب “العدالة والتنمية” الحاكم أفضل حالاً.
تتسم الانتخابات في العاصمة أنقرة بأهمية استثنائية، حيث تفيد معظم استطلاعات الرأي المنشورة عن فوز محسوم لمرشح حزب “الشعب الجمهوري” المعارض منصور يافاش أمام خصمه الموالي للحزب الحاكم تورغوت ألتينوك.
وكانت المعارضة التركية قد فازت في الانتخابات البلدية السابقة عام 2019 بأكبر المدن سكناً في البلاد، حيث سيطرت على مجالس بلديات أنقرة، إسطنبول وإزمير. ففي العاصمة، ساهمت وحدة المعارضة في تحقيق الفوز سابقاً، فيما يساهم ضعف مرشح الحزب الحاكم اليوم في تقليص فرصه في الفوز، خاصة وأنه شخصية مغمورة وغير مشهورة.
وفي وقت يسيطر حزب رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان على أغلب مقاليد السلطة في البلاد، ويوصف في الإعلام الأجنبي بالـ”ديكتاتوري” حسب مجلة “الواشنطن بوست” الأميركية، يجد أقوى رجل في تركيا صعوبة في اختراق المدن الكبيرة انتخابياً، فيما يحافظ على حضور شعبي مهم في الأرياف الأناضولية وسط تركيا.
أما في إسطنبول التي يسكنها حوالي 18 في المئة من الأتراك، فيتنافس رئيس البلدية الحالي أكرم إمام أوغلو المنتمي إلى حزب “الشعب الجمهوري” مع مرشح الحزب الحاكم ووزير البيئة والتخطيط العمراني السابق مراد كوروم.
وتُعد معركة إسطنبول حاسمة رمزياً، فهي أكبر مدن تركيا وأهمها اقتصادياً، وفوز المعارضة فيها عام 2019 كان بمثابة صفعة قوية لحزب “العدالة والتنمية”.
ويسعى إمام أوغلو، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، إلى إعادة انتخابه، مستفيداً من سجله الحافل بالإنجازات خلال فترة ولايته. بينما يواجه مرشح الحزب الحاكم تحدياً كبيراً في ظل تراجع شعبية “العدالة والتنمية” وازدياد سخط الشارع من الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وتعيش تركيا في أزمة اقتصادية صعبة، ربما تكون الأقسى منذ عقدين من الزمن، حيث تراجعت قيمة العملة المحلية إلى أكثر من الضعف، كما زاد التضخم بنسبة 67 في المئة بالمقارنة مع العام الماضي. أما البنك المركزي التركي، فرفع في 21 آذار/مارس الحالي معدل سعر الفائدة إلى 50 في المئة، الأمر الذي سيؤدي “إلى استمرار الأزمة الاقتصادية في تركيا”، حسب خبراء.
على الرغم من فرص فوزها في بعض المدن الكبرى، تواجه المعارضة التركية تحديات كبيرة، ومنها التشتت حيث فشلت في توحيد صفوفها وتشكيل تحالف قوي قادر على مواجهة الحزب الحاكم. إضافة إلى ضعف تأثيرها الإعلامي، حيث يُسيطر حزب “العدالة والتنمية” على معظم وسائل الإعلام، مما يُتيح له التأثير أكثر في الرأي العام والترويج لمرشحيه.
من ناحية أخرى، تجد أحزاب المعارضة صعوبة في الترويج لأفكارها، برامجها ومرشحيها في المدن الواقعة في الأناضول وشرق تركيا الأكثر محافظة اجتماعياً. ففي ولايات قونيا، قيصري، أضنة، كارامان و ريزه، يتقدم مرشحو الحزب الحاكم بشكل كبير، فيما يجد مرشحو المعارضة صعوبة حتى في تنظيم مهرجانات انتخابية.
ستلعب نتائج الانتخابات البلدية دوراً هاماً في تحديد مسار الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028. ففي حال فوز المعارضة في عدد كبير من المدن، سيصبح إردوغان وحزبه في موقف ضعيف، بينما سيعزز فوز الحزب الحاكم من حظوظه في البقاء في السلطة.